قال الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي إننا نعاني من أزمة النقد، الذي لا يؤدي واجبه، وربما تجاوز هذا الحد ليؤدي عكس واجبه، موضحًا أننا نقرأ في الصحف أحيانا أخبارًا تخلع أوصافًا على البعض لا يستحقونها، وتحجب عن البعض الآخر ما ينبغي أن يقدم له. واعتبر حجازي، في ندوة لمناقشة تجربة الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة في بيت الست وسيلة (بيت الشعر) بالأزهر، مساء اليوم الأحد، بحضور الشعراء حسن طلب، وإيهاب البشبيشي وآخرين، أن هناك حلقة مفقودة بين المبدع والملتقي لغياب الناقد، حيث إن النقد لا يقدم القصيدة فقط للقارئ، وإنما يضع يد الشاعر على مواطن قوته وضعفه. ولم تقف الأزمة عند النقد فحسب، وإنما تساءل حجازي عن مساحة الشعر في الصحف والمجلات الثقافية، مشيرًا إلى أن اللغة تتدهور، لأنه لم يبق لدينا من يقف عندها، الأمر الذي قد يؤثر على الهوية المصرية، في رأيه. وأضاف حجازي في احتفالية صدور الأعمال الشعرية الكاملة لأبو سنة: أنا لا أجيد الحديث عن نفسي، لذلك لا أستطيع أن أتحدث عن الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة، لأن تجربته قريبة من تجربتي، ونتشابه في كثير من المواطن. فيما قال الشاعر السماح عبدالله إن تجربة الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة امتدت حتى الآن لأكثر من نصف قرن، تتجدد وتتطور وتواكب المستجدات الفنية وتستجيب لآليات الحداثة، موجهًا نقدًا إلى الحركة النقدية الغائبة عن المشهد الثقافي، مشيرًا إلى أن كبار الشعراء أصدروا أعمالهم الكاملة أمثال أبو سنة، ولكنها تواجه تجاهلا كبيرا. وفي رؤية نقدية للدكتور شوكت المصري قال: إن انتقال أبو سنة من القرية إلى المدينة هو ما وضعه في سنٍ مبكرة أمام تحديات كبيرة تتمثل في اختلاف السمات الحضارية للمدينة، وتباين القيم بين مجتمع المدينة والقرية، وهو ما ظل ركيزةً كامنةً في ذاته ونصه صراعًا بين واقعين وعالمين وزمنين وجمالَين، تماماً ككثيرٍ من شعراء جيله الذين تعرضوا لنفس الشعور. واستطرد: انتقلَ أبو سنة وانتقل معه مجايلوه من الشعراء من الرومانسية إلى الواقعية الاشتراكية مروراً بما بين المذهبين من اتجاهات، مشيرًا إلى أنه نجح في التجاوز بموقفه الشعري رؤيةً رومانسيةً وشعوراً بالغربة ليجسد موقفاً فكرياً من المدينة ببنائها الطبقي، وسرعة زمنها، وتركز السلطات فيها، وسطوة مراكز القوة الاقتصادية فيها، بالإضافة لتخلخل نظام القيم والتقاليد وهمجية الاستهلاك وأخلاق الزحام. وأوضح المصري أن المدينة لم تكن وحدها هي ما كابَده أبو سنة شعرا لعقودَ وعقود، فقد كان الحب وكانت المرأةُ قاسما مشتركاً أكبر في تجربته الشعرية الفريدة، هكذا أينما أناخَ الوجدُ راحلتَهُ أقام شاعرنا، وحيثُ أقامت النجوى رحلَ إلى مكابدةٍ جديدة حتى وإن كانت المهمّةُ مستحيلة. ويرى المصري أن إحساس أبو سنة بالخوف دافع إلى دعوتِهِ بالحب، ففي عصر التجارب النووية والحروب القاتلة والاستعمار حيث سيطرت مشاعر القلق والاغتراب وكراهية الحياة بسبب القمع والدمار والموت الذي يتعرض له الإنسان المعاصر، عاش أبو سنة واقعه وانشغل به فعرف أن خلاصه في الدعوة إلى النضال والانتصار وإلى الحرية والسلام ليس فقط لبني جلدته وقوميته وإنما للإنسان في كل بقاع الأرض. غير أن انتصار أبو سنة لفكرته وقوميته وعروبته وعقيدته ظلت شاغله الشاغل ومحركه الرئيسي. وألقى الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة بعضًا من قصائده، أبرزها: "انتظار"، "علاقة"، "علم القلب الثبات"، "شجر الكلام"، "شتاء العروبة"، "الجدلية"، وغيرها، كما ألقى الشاعر إيهاب البشبيشي قصيدة "سؤال في الموت". لمزيد من التفاصيل إقرأ أيضًا :