أكد د. محمد الرميحي، الأمين العام الأسبق للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، أن "ندوة المستقبل وصورة العربي في رواية الآخر" شهدت نقاشا موسعا بفضل تمتع الكويت بسقف حقيقى وليس مزيفا، من الحريات، وهو ما يعطى هذا البلد نكهته الخاصة. وأضاف الرميحي في حديث لوكالة أنباء الشرق الأوسط، بوصفه منسق الندوة الفكرية الرئيسية للدورة ال21 لمهرجان القرين الثقافي، أن ذلك النقاش الذي شارك فيه باحثون ومثقفون من عدد من الدول العربية تضمن نقدا للمجتمعات الخليجية في مقابل دفاع عنها بأشكال مختلفة فتحقق بذلك حوار صحي على مدى ثلاثة أيام من 18 إلى 20 يناير الجاري. وأوضح أن البحوث التي نوقشت خلال الندوة سيضمها كتاب يصدره المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ليقف جمهور أوسع على ما تضمنته من آراء تتسم بسقف عال من الحرية الفكرية. وذكر أن الندوة دارت حول ثلاثة محاور أساسية أولها صورة العربى لدى الآخر، والأخر هنا هو الغربى والجوار أيضا، والثانى هو الخليجى كما يراه العربى، ثم صورة الخليجى كما صورها الخليجي، مشيرا إلى فكرة الندوة تقوم على وضع لبنة أولى نتطلع من خلالها على الموجود على الساحة الأدبية خصوصا في مجال الرواية. وقال إن مفهوم المستقبل متغير وذلك من خلال النظر إلى الماضي القريب حتى على المستوى العالمي، فمثلا عندما ظهرت الإذاعة أخذت 30 أو 40 سنة لتصل إلى 50 مليون مستمع، والتليفزيون أخذ ما يقرب من 15 سنة ليصل إلى 5 ملايين مشاهد، أما الانترنت فأخذت فقط ثلاثة أشهر لتصل إلى 50 مليون متلق، أي أننا في عالم متسارع ومتشابك، ولذلك دعوت إن إنتاجنا هذا سوف يصل الى العالمية فى وقت قريب المشاركين في الندوة إلى الانتقال من التشكيك إلى التشبيك لنعرف أنفسنا ونعرف الآخر، ونطلع الآخرين على إنتاجنا الروائي بصفة خاصة، وأعتقد أن إنتاجنا الروائي سيصل إلى العالمية في وقت قريب. وقال إن الرواية اليوم بأشكالها المختلفة أصبحت الخبز والمرق للرأي العام العربى لأنها ليست كتابا أكاديميا قاسيًا، بحيث أن الإقبال على قراءته يكون صعبا ومحدودًا. ولاحظ أن الرواية تقرأ في أي مكان وانتشارها أوسع، وبالتالي فإن الزخم العام الحادث في الكتابة الروائية خاصة من جيل الشباب يبشر بالخير، خصوصا أن تكنيك تلك الكتابة تطور والأدوات السردية نضجت عند البعض، وأصبح لدينا تاريخ اجتماعي بشكل أو بأخر لم يكن موجودًا في السابق بهذه الطريقة، فقبل 50 عامًا في دول الخليج لم يكن موجودا إلا كتب التاريخ، ولكن اليوم نستطيع التعرف على مجتمع الخليج من خلال الرواية، كما كان الحال بالنسبة إلى روايات إحسان عبد القدوس على سبيل المثال في مصر في وقت من الأوقات. وأضاف أن هناك عددا كبيرا من الشباب الخليجى يكتب الرواية الآن، وعندما نقول الشباب فنحن نتحدث عن المستقبل، وأنا من انصار المدرسة التى تقول: فليكتب كل من يريد أن يكتب. وأشار إلى أن هناك صراعا نشهده ما بيننا وبين الأخر وهو فى هذه الفترة صراع من اجل تأكيد الهوية، فمثلا اليهود كما جميع أقليات أوروبا ظلوا لسنوات مطضهدين ومحاصرين وصورتهم في الأدب سلبية جدا إلى أن حدثت صدمة الوعى بعد المحرقة، وصدمة الوعى هذه جعلت من الغربيين يتخوفون من حديث المحرقة ويتخوفون حتى من الحديث عن الإسرائيليين والاضطهاد الذي يمارسونه ضد الفلسطينيين رغم أن الإسرائيليين هم غير اليهود، وبالتالى فإن ما يحدث للعرب والمسلمين هو صدمة ثانية، وفى تقديرى أن 11 سبتمر وحادث فرنسا الاخير لعبا دورا في جعل الآخر يلتفت إلى ضرورة الاعتراف بالمكون الإسلامي العربي فى أوربا.. الآن هم مضطرون إلى ذلك لسببين: سبب ديمجرافى يتمثل في ان هناك 50 مليون مسلم في اوربا الان من العرب وغير العرب، وخلال 10 سنوات سوف يكون هناك 100 مليون مسلم فى أوربا. وأعرب الدكتور محمد الرميحي عن الاعتقاد بأننا فى مرحلة الاستعداد للاعتراف بأن الثقافة الإسلامية هى مكون حقيقى وجاد فى أوروبا، وفي التفاعل العالمى، وهو واضح فى الشأن الاجتماعى والروائى والسياسى والاقتصادى.