59 عاما تفصل بين خطاب ناصر من فوق منبر الأزهر، وكلمة السيسي من أمام مذبح الكاتدرائية. ناصر والسيسي الوحيدان بين رؤساء مصر الذين اعتلوا المنابر الدينية ليوجهها من فوقها كلمات للأمة في لحظات فارقة من عمر الوطن. لجأ الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في 2 نوفمبر 1956 لمنبر الأزهر لحشد المواطنين لمواجهة العدوان الثلاثي علي مصر عقب قراره التاريخي، بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية كشركة مساهمة مصرية. هذا فيما اعتلي الرئيس عبد الفتاح السيسي منصة الكاتدرائية خلال قداس عيد الميلاد ليحشد المواطنين علي قلب رجل واحد ضد الإرهاب الذي نالت جرائمه بعض الكنائس والأديرة. تشابهت مشاعر المواطنين مع دخول ناصر للجامع الأزهر مع مشاعر المواطنين لحظة دخول السيسي للكاتدرائية برغم اختلاف الحدث. كان رد المواطنين علي ناصر لحظة دخوله الأزهر "هنقاوم" - في إشارة لعزمهم ردع العدوان الثلاثي - بينما هتف الحضور بالكاتدرائية علي خلفية ظهور السيسي "إيد واحدة" -في إشارة إلي وحدة المسلمين والمسيحيين خلف الرئيس-. عمد ناصر في خطابه إلي شرح خطته العسكرية والتأكيد أن الجيش والشعب ملتحمين في مواجهة العدوان الثلاثي. هذا فيما عمد السيسي في كلمته إلي استخدام لفظ "المصريين" خلال تقديم التهنئة بمناسبة عيد الميلاد رافضا استخدام أي مصطلح طائفي كالأقباط أوالمسلمين. ناصر أكد في خطابه أن مصر تحارب من أجل الشرف والعزة والكرامة وأنها كانت مقبرة للغزاة وأنه لايليق بشعب آبي أن يخضع للاستعمار، بينما السيسي شدد في كلمته علي أن مصر علمت العالم الحضارة والإنسانية، وأن العالم ينتظر من جديد وهي القادرة علي ذلك أن تعلمه الحضارة والانسانية. استغل عبد الناصر صلاة الجمعة ليلقي في المواطنين خطابه التاريخي في 2 نوفمبر 1956 والذي استمر 18 دقيقة، بينما استغل السيسي قداس عيد الميلاد ليلة 7 يناير الماضية ليقوم بزيارته التاريخية التي استغرقت 8 دقائق. احتفظ القدر للسيسي في الموجة الثورية الثانية 30 يونيو بصورة ناصر الزعيم المقرب من قلوب المصريين لترفع صوره، وهو وزير للدفاع بجانب صور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. كما ادخر القدر للسيسي الكاتدرائية –التي بناها عبد الناصر- ليصبح بها أول رئيس يلقي كلمة سياسية من فوق منصتها خلال قداس عيد الميلاد المجيد. انتصر ناصر في معركته ضد العدوان الثلاثي بفضل المقاومة الشعبية ويتطلع السيسي إلي تحقيق التنمية وبناء مصر بدعم المصريين.