بدر عبدالعاطي: الدفاع عن مصالح مصر في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسى بالخارج    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 14-5-2025 في البنوك    سعر الدولار اليوم الأربعاء 14-5-2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    جبران يلتقى وفدا من منظمة العمل الدولية لمناقشة "البرنامج القطري للعمل اللائق"    وزير الصحة: الاستثمار في الإنسان أساس التنمية الشاملة والمستدامة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    فرار جماعي لسجناء خطرين من سجن الجديدة بطرابلس بعد الاشتباكات العنيفة    تعليق حركة الطيران في مطار بن غوريون بعد إطلاق صاروخ من اليمن    وزير دفاع إسرائيل: سنلاحق حماس وقادتها ونضربها بقوة في كل مكان    الاحتلال يزعم تدمير معمل لتصنيع المتفجرات في طولكرم    قادة دول الخليج يتوافدون إلى الرياض للمشاركة في القمة الخليجية الأمريكية    جدول مباريات اليوم.. نهائي كأس إيطاليا.. وريال مدريد يواجه مايوركا في الليجا    «هدية من ريال مدريد».. كيف يحسم برشلونة لقب الدوري الإسباني؟    ياسر ريان: حزين على الزمالك ويجب إلتفاف أبناء النادي حول الرمادي    31 مايو موعد محاكمة عاطل بتهمة سرقة المواطنين في رمسيس    «48 ساعة هُدنة».. بيان مهم بشأن حالة الطقس وتحذير من موجة حارة قادمة    متاح الآن رسميا.. جدول الصف الثاني الإعدادي الترم الثاني بالقليوبية 2025 (متى تبدأ؟)    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الإقليمى    هيئة الرعاية الصحية: تدريب عملى وتنفيذ مبادرات صحية لخدمة المجتمع وتبادل الخبرات    طريقة عمل اللانشون، في البيت زي الجاهز    الزراعة: تنظيم حيازة الكلاب والحيوانات الخطرة لحماية المواطنين وفق قانون جديد    «أسوشيتدبرس»: ترامب تجاوز صلاحياته الرئاسية بشن حرب تجارية ويواجه 7 قضايا    نظر محاكمة 64 متهمًا بقضية "خلية القاهرة الجديدة" اليوم    فتحي عبد الوهاب: عادل إمام أكثر فنان ملتزم تعاملت معه.. ونجاحي جاء في أوانه    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    اليوم.. محاكمة طبيب نساء وتوليد بتهمة التسبب في وفاة زوجة عبدالله رشدي    فتحي عبد الوهاب: حياتي ليست صندوقا مغلقا.. ومديح الناس يرعبني    فتحي عبد الوهاب: مش الفلوس اللي بتحقق السعادة.. والصحة هي الأهم    المُنسخ.. شعلة النور والمعرفة في تاريخ الرهبنة القبطية    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    قبل التوقيع.. الخطيب يرفض طلب ريفيرو (تفاصيل)    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    وظائف للمصريين في الإمارات.. الراتب يصل ل4 آلاف درهم    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    «السرطان جهز وصيته» و«الأسد لعب دور القائد».. أبراج ماتت رعبًا من الزلزال وأخرى لا تبالي    مصطفى شوبير يتفاعل ب دعاء الزلزال بعد هزة أرضية على القاهرة الكبرى    دفاع رمضان صبحي يكشف حقيقة القبض على شاب أدي امتحان بدلا لموكله    يد الأهلي يتوج بالسوبر الأفريقي للمرة الرابعة على التوالي    البيئة تفحص شكوى تضرر سكان زهراء المعادي من حرائق يومية وتكشف مصدر التلوث    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    تعليم سوهاج يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2024-2025    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    لماذا تذكر الكنيسة البابا والأسقف بأسمائهما الأولى فقط؟    أول رد رسمي من محامي رمضان صبحي بشأن أداء شاب واقعة «الامتحان»    اليوم.. انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية الأزهرية 2025 الترم الثاني (الجدول كاملًا)    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    مدرب الزمالك: الفوز على الأهلي نتيجة مجهود كبير..وسنقاتل للوصول للنهائي    أول قرار من أيمن الرمادي بعد خسارة الزمالك أمام بيراميدز    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    محافظ الدقهلية يهنئ وكيل الصحة لتكريمه من نقابة الأطباء كطبيب مثالي    بحضور يسرا وأمينة خليل.. 20 صورة لنجمات الفن في مهرجان كان السينمائي    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    رئيس جامعة المنيا يستقبل أعضاء لجنة المشاركة السياسية بالمجلس القومي للمرأة    فرصة لخوض تجربة جديدة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 مايو    الكثير من المسؤوليات وتكاسل من الآخرين.. برج الجدي اليوم 14 مايو    مهمة للرجال .. 4 فيتامينات أساسية بعد الأربعين    لتفادي الإجهاد الحراري واضطرابات المعدة.. ابتعد عن هذه الأطعمة في الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إضراب 6 أبريل "البروفة " الأولى التى هزت عرش مبارك وقادت للثورة
نشر في بوابة الأهرام يوم 06 - 04 - 2011

لا أحد يستطيع أن ينسي مشهد صورة الرئيس السابق حسنى مبارك الملقاة على الأرض بينما يتجمهر حولها المئات من عمال المحلة ليدوسون عليها بأقدامهم فى إضراب 6 أبريل الشهير عام 2008 الذى كان بمثابة "البروفة" الأولى للثورة فى مصر.
هذا الحادث فتح شعار "خليك فى البيت" وشاركت فيه جميع فئات الشعب المصرى، فى أول عصيان مدنى عام منذ عقود ووقف جميعها معا لأول مرة فى وجه النظام السابق ليقولوا لا وكفى، ليسمع الشعب صوته للنظام،إلا أن النظام يبدو أنه كان يسمع ولا يفهم.
قبل السادس من أبريل 2008 شهدت مصر حراكا سياسيا واجتماعيا من طوائف وفئات مختلفة نتج عنها العديد من الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والاضرابات التى أتت تمهيدًا لدعوة إضراب أطلقها عمال شركة غزل المحلة الذين كانوا يريدون تنظيم إضرابهم الثالث في أقل من عام ونصف لتحقيق مطالبهم الخاصة بالأجور والحوافز وظروف العمل ورغبة فى أن تشمل تلك المطالب مطلب الحد الأدنى للأجور ليخص جميع العاملين بأجر في مصر.
تبنت الدعوة فئات لها القدرة على الحشد والتنظيم من النخبة السياسية والنشطاء الذىن برز دورهم ونشاطهم، من خلال نجاحهم فى توظيف الوسائل الإعلامية البديلة، مثل المدونات وشبكات التواصل الاجتماعى مثل الفيس بوك وغيرها.
سرعان ما انتشرت الدعوة للإضراب العام ضد الغلاء وتدنى الأوضاع المعيشية والفساد عبر الإنترنت والرسائل القصيرة على الهواتف المحمولة والبريد الإلكترونى وبرز لأول مرة الدور المؤثر للإنترنت فى الحياة السياسية المصرية تبعه صعود نفوذ حزب الفيس بوك الجديد الذى أثبت قدرة هائلة على التنظيم والحشد لمواجهة الحزب الحاكم.
أمام الخطر المتنامى لم يجد النظام سوى توجيه تحذير عام عبر إعلامه الرسمى من التجمهر والتظاهر في ذلك اليوم ومن غياب الموظفين الحكومين والعاملين بالدولة من الغياب في هذا اليوم مع التوعد بقرارات بعقاب كل من يغيب بدون عذر مسبق مقبول.
وبالطبع تم حشد جحافل من قوات الأمن المركزى ونشرها فى الشوارع، خاصة فى المحلة الكبري والقاهرة والإسكندرية، فضلا عن التضييقات الأمنية وحملات الاعتقال لعدد كبير من النشطاء بعد أن فشل فى إحباط الإضراب سياسيا من خلال إعلان مبارك عزمه زيادة مرتبات العاملين فى الحكومة والقطاع العام بنسبة 30%.
جاء السادس من أبريل 2008 ليحبس الجميع أنفاسهم ويفاجىء الشعب المصرى نفسه والنظام بالمشاركة الفعالة فى الإضراب وتتحول المحلة من معقل الدعوة إلى أيقونة لأحداث 6 إبريل لما شهدته من اشتباكات بين أهلها وقوات الأمن. رافقتها أعمال شغب كبيرة، عرفت فيما بعد ب "أحداث المحلة".
ساهمت جميعها فى إنجاح الإضراب بصورة لامركزية فى القيادة والدعوة له، حيث لم تقتصر جهة واحدة على الدعوة والتنظيم، بل شاركت فيه فئات مختلفة. وبالإضافة لعمال المحلة كانت هناك حركة كفاية وبعض الأحزاب السياسية وموظفى الضرائب العقارية وبعض النقابات وحركة 9 مارس ، فضلا عن المدونين والنشطاء الذين خرج منهم ما عرف فيما بعد ب "حركة شباب 6 أبريل".
تضمنت الدعوة التى انتشرت وقتها مجموعة من المطالب الأساسية كتبت بالعامية كان أبرزها " عايزين مرتبات تعيشنا. عايزين نشتغل. عايزين تعليم لأولادنا. عايزين مواصلات أدمية. عايزين مستشفيات تعالجنا. عايزين دواء لأطفالنا. عايزين قضاء منصف. عايزين أمن وأمان. عايزين حرية وكرامة. مش عايزين رفع أسعار. مش عايزين محسوبية. مش عايزين ظباط بلطجية. مش عايزين تعذيب في الإقسام. مش عايزين أتاوات. مش عايزين فساد. مش عايزين رشاوي. مش عايزين اعتقالات. مش عايزين تلفيق قضايا".
عقب نجاح الإضراب فى هز عرش مبارك لأول مرة خرجت إلى النور حركة شبابية معارضة ضمت مجموعة من الشباب الذين اتفقوا على تجنب أى انتماءات حزبية أو أيديولوجية والتوحد والائتلاف من أجل إحداث تغيير وإصلاح سياسي حقيقي فى مصر. اتفقوا على هدف واحد وهو ضرورة مرور مصر بفترة انتقالية يكون فيها الحكم لأحد الشخصيات العامة التي يتم التوافق عليها من أجل صالح هذا الوطن وإرساء مبادئ الحكم الديمقراطى الرشيد وما يتبعها من إطلاق الحريات العامة وقواعد الممارسة السياسية الديمقراطية السليمة وأن تتكون الكيانات السياسية والاجتماعية وغيرها بمجرد الإخطار.
شجع نجاح إضراب 6 إبريل شباب الحركة فدعوا لإضراب ثان فى الرابع من مايو من نفس العام تحت شعار "عشان نبقى أحسن" وهو اليوم الذى توافق مع عيد الميلاد الثمانين للرئيس السابق مبارك لتوجيه رسالة معينة، تمثلت فى الرغبة فى تغيير النظام بأكمله، حيث خفتت مطالب الإصلاح الاقتصادى ليعلو سقف المطالب بالإصلاح السياسي وتغيير مبارك نفسه، إلا أن الدعوة التى أطلقها الجيل الذي ولد وعاش وتعلم في ظل قانون الطوارئ الذي حكم البلاد بالحديد والنار على مدى ربع قرن، بدأت مع تولي الرئيس السابق حسني مبارك مقاليد السلطة في البلاد خلفاً للرئيس الراحل محمد أنور السادات في عام 1981 لم تحظى بالنجاح المتوقع لضيق الوقت بين الإضراب الأول والثانى وعدم الاستعداد والتنظيم الكافى له فضلا عن تعلم النظام من دروس إخفاقه فى الإضراب الأول إلا أنه نجح فى خلق ثقافة جديدة لدى الشارع المصرى تمثلت فى استخدام سلاح الضغط السلمى المنظم على النظام لتحقيق المكاسب والدفاع عن الحقوق.
فى العام التالى 2009 جددت حركة 6 أبريل الدعوة مرة أخرى للإضراب تحت شعار "لا لمبارك وحقنا وهناخده" انطلاقاً من كون العصيان المدنى السلمى هو الطريق الوحيد للتغيير فى مصر وارتفع سقف المطالب مرة أخرى ليضم وضع حد أدنى للأجور يصل إلى 1200 جنيه وربط الأجور بالأسعار وانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد يضمن الحريات السياسية والنقابية ويحدد فترة الرئاسة بمدتين على الأكثر إضافة إلى وقف تصدير الغاز المصري لإسرائيل.
لم تلق الدعوة سوى استجابة محدودة من قبل القوى والتيارات السياسية فى الشارع لانقسام تلك القوى من جهة وخوفها من بطش النظام السابق من جهة أخرى بالإضافة إلى تعلم النظام الدرس من الإضراب السابق فتم تسكين بؤر الصراع في الكثير من المؤسسات والمصانع والشركات تبعه حدوث حالة من الرضا المؤقت لدى الكثير من الأغلبية الصامتة بعد زيادة المرتبات والانخفاض النسبي للأسعار لذا انحصرت الاستجابة للإضراب وقتها فى أوساط النخبة وطلاب الجامعات.
جاء العام الثالث 2010 ليؤكد على نفس المطالب السابقة، خاصة بعد أن قضت محكمة القرار الإدارى بالقاهرة فى 30 مارس 2010 بضرورة وضع حد أدنى للأجور وإلزام رئيس الوزراء بشخصه بتنفيذ القرار في مدة لا تتجاوز الثلاثين يوما و الا تعرض للحبس لرفضه تنفيذ حكم قضائي تبعه دعوة أخرى للاعتصام فى الثانى من مايو الماضي.
لعب شباب 6 أبريل دورا رئيسيا بجوار عدد من القوى السياسية المختلفة فى تنظيم وإدارة هذا الحراك الذى كان بمثابة حجر ألقى فى واقع سياسي راكد حرص النظام السابق على تجميده وإبقائه كماهو من خلال التضيقات الأمنية على الحريات حفاظا على بقاءه فى الحكم وقد واجه شباب الحركة كغيرهم من النشطاء تضييقات أمنية تارة واتهامات بالعمالة والتمويل من الخارج تارة أخرى، إلا أن هذا لم يوقف عزمهم أو يحد من صمودهم بل دفعهم لتطوير أساليبهم واستغلال كافة الإمكانات المتاحة لديهم من خلال الإنترنت.
من أبرز مؤسسي تلك الحركة الشابة أحمد ماهر وهو مهندس مدنى شاب يقوم بدور المنسق العام. وقد تعرض مؤسس حركة شباب 6 أبريل للاعتقال أكثر من مرة بسبب نشاطه السياسي وتم اختطافه في مايو 2008 وكذلك تم القبض عليه بعد ذلك في يوليو 2008 بالأسكندرية، وليد راشد وهو أحد مؤسسي الحركة مع احمد ماهر والآن أحد المتحدثين الرسميين بإسم الحركة. كما كان أحد منظمي رحلة الاسكندريه الشهيرة في تاريخ الحركة في 23 يوليو 2008، محمود سامى مسئول الحركة الطلابية داخل الحركة،انجى حمدى مسئولة اللجنة الفنية والاعلامية، أمل شرف مسؤلة لجنة التنظيم والاتصال، محمد عادل أو العميد ميت كما يشتهر فى أوساط الناشطين والمدونين مسئول اللجنة الإعلامية بالحركة والمسئول عن الموقع الإلكترونى للحركة وقد اعتقل قبل ذلك على اثر نشاطة السياسى أكثر من مرة، عمرو على من أهم أعضاء الحركة وأكثرهم تأثيرا وتنظيما فى الفكر واعتقل أكثر من مرة، وبالطبع تعد الناشطة إسراء عبدالفتاح أحد الوجوه الشابة التى ارتبطت بإضراب 6 أبريل 2008 على الرغم من كونها لا تنتمى تنظيميا إلى شباب 6 أبريل إلا أنها اعتقلت من قبل الأمن المصرى على خلفية مشاركتها فى إدارة جروب على "فيسبوك" يدعو للإضراب واعتبرها الكثيرون وقتها الزعيمة الافتراضية للإضراب على الفيسبوك وجاء اعتقالها هى وماهر كرسالة تحذير شديدة اللهجة لغيرهم من الشباب المنخرطين فى الدعوة للإضراب أو أى نشاط سياسي آخر على الإنترنت.
مثل هؤلاء شريحة من جيل الطوارىء الذى عانى الخوف والانكسار تحت قيد القمع السياسي والتقييد الأمنى واتهمه الكثيرين بالإنكسار واللامبالاة والعزوف عن ممارسة السياسة والمشاركة فيها اشغالا منه بالبحث عن لقمة العيش فى محاولة لتأمين مستقبله إلا أنه أثبت فى ميدان التحرير أنه جيل قادر على أن يدهش ويفاجىء الجميع بإصراره على تحقيق أحلامه وطموحاته وتمسكه بحقوقه الكاملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.