د.سيموني سيبيليو، مستشرق إيطالي، باحث ودارس للغة العربية وثقافتها وآدابها، نال الدكتوراة فى الآداب المقارنة برسالة حول "ذاكرة النكبة في الآداب والسينما الفلسطينية"، وهو أيضًا كاتب وناقد ومترجم. "بوابة الأهرام" التقت به، أثناء زيارته القاهرة، حيث يعكف على إعداد بحث جديد. استغرقت زيارة د.سيموني سيبيليو للقاهرة بضعة أيام قليلة، عكف خلالها على التنقل بين جامعات عدة، باحثًا في المكتبة المركزية بجامعة حلوان، ومكتبة الجامعة الأمريكية، وغيرهما من المكتبات الجامعية، فضلاً عن المكتبات العامة، عن المراجع والكتب والدوريات التي تخدم "مشروعه الجديد". كما التقى د.سيموني سيبيليو بمجموعة من الأكاديميين والباحثين والمبدعين، خلال مكوثه في القاهرة، قبل أن يعلن أنه سيغادر المكان الذي أحبه "مصر المحروسة"، مساء اليوم، الثلاثاء، عائدًا إلى موطنه إيطاليا، وإلى الجامعة التي أوفدته لإنجاز مهمته البحثية، وهي جامعة "كا فوسكاري" في البندقية، التي يدرّس فيها اللغة والأدب المعاصر، كأستاذ مساعد. في لقائه مع "المقهى الثقافي" في "بوابة الأهرام"، يكشف د.سيموني سيبيليو ملامح بحثه الجديد، الذي أتى به إلى القاهرة، بعد فترة وجيزة من زيارته تونس، وقد يذهب به بحثه أيضًا إلى فلسطين واليمن وليبيا، ودول عربية أخرى. يقول د.سيموني سيبيليو: أعكف على مشروع بحثي جاد، حددت له مدة عامين بصفة مبدئية، إلى نهاية 2016، هو دراسة "الشعرية الجفرافية" أو "الجغرافية الشعرية" في الشعر العربي المعاصر، نظريًّا، وبالتطبيق على أعمال شعراء عرب من أقطار مختلفة، منها مصر والعراق وفلسطين وسوريا واليمن وتونس وليبيا. يشير د.سيموني سيبيليو إلى أن دراسة "المكان" في السرد القصصي والروائي أمر شائع ومألوف، لكن دراسة "المكان" في الخريطة الشعرية ليست بالأمر الدارج، وهذا الدرس هو ما يصبو إلى إنجازه على نحو موسع، متجولاً في أعمال شعراء العربية البارزين، وقراءة المكان بكل دلالاته في إبداعاتهم، والعلاقة بين الذات والأرض، ومفارقة الصورة بين المدينة والقرية في قصائدهم. ويقول د.سيموني سيبيليو في حديثه ل"المقهى الثقافي": هذا اللون من الطرح النقدي معروف لدى نقاد بريطانيين، حيث يتخذه الباحث مدخلًا لقراءة المكان، و"العلاقة بين الروح الإنسانية والمنظر". وحتى الآن، لم أحدد ملامح مشروعي كاملة بعد، ولم أستقر بشكل نهائي على أسماء الشعراء محل الدراسة، وإن كان لديّ فصل جاهز من دراسة سابقة لي عن "ذاكرة المكان في الشعر الفلسطيني"، وتوقفت بشكل أولي عند أعمال لبعض الشعراء، منها في مصر: "مدينة بلا قلب" لأحمد عبد المعطي حجازي، ودواوين محمد عفيفي مطر، وفي تونس: أعمال د.المنصف الوهايبي، وفي ليبيا: قصائد عاشور الطويبي، وغيرها. ويضيف د.سيموني سيبيليو: أركز على فكرة "التحرر" أيضًا في النص، حيث يكون للمكان أحيانًا بعد تاريخي فيدفع الروح الشاعرة إلى آفاق أبعد من محيط الواقع الملموس. وحول بداية اهتمامه بالاستشراق ودراسة الثقافة العربية، يقول د.سيموني سيبيليو: انشغالي الكبير بالقضية الفلسطينية هو الدافع إلى ذلك، حيث دفعتني هذه القضية النبيلة إلى التوسع في القراءة عن المشرق العربي، وطبيعة الصراع في المنطقة، ومن ثم انحزت إلى العرب، وبدأت رحلة دراسة الثقافة العربية وآدابها منذ سنوات. وبخصوص مشروعاته الأخرى المستقبلية، يقول د.سيموني سيبيليو: أطمح إلى تقديم "أنطولوجيا الشعر المصري المعاصر"، باللغة الإيطالية، حيث أختار فيها نماذج متميزة من أعمال الشعراء المصريين من مختلف الأجيال، لأتيحها للقارئ الإيطالي والأوروبي، فلدى المصريين شعر جدير بالقراءة والتحليل والتقدير. يُذكر أن د.سيموني سيبيليو سبق له أن درس ملامح وتجليات الأدب الفلسطيني في كتابه "الذاكرة الأدبية للنكبة الفلسطينية"، الذي صدر بالإيطالية في العاصمة روما. ويحفل الكتاب بالطرح النظري والتطبيقي، موغلاً في تجارب مبدعين ومبدعات من فلسطين من أجيال متعاقبة بعد نكبة عام 1948 حتى يومنا هذا. ويشير د.سيموني سيبيليو إلى أن "فلسطين دائمًا في القلب"، مؤكدًا خصوصية الإبداع الفلسطيني، وتميزه بحالة من الثراء الفني لدى الشعراء والكتّاب الذين لم يتخلوا أبدًا عن القضية في الآن ذاته. وعن ذلك الكتاب يقول د.سيموني سيبيليو: درستُ الكثير من النماذج الأدبية والسينمائية التي تحكي عن النكبة أو التي تعالجها في الأدب وفي السينما، منها "عودة إلى حيفا" لغسان كنفاني، و"ذاكرة" لسلمان ناطور، وأعمال أنطون شماس، كما تناولت "المتشائل" لإيميل حبيبي. أما الشعر، يقول سيموني، فتناولتُ نماذج متنوعة لمحمود درويش وسميح القاسم وغسان زقطان وإبراهيم نصرالله، وصولاً إلى الجيل الجديد. أما الأفلام فقد تناولت مثلاً أعمال محمد بكري، لكنني ركزت أكثر على الأفلام الوثائقية. يُذكر أن د.سيموني سيبيليو سبق أن ترجم ونشر بالإيطالية مختارات من الشعر الفلسطينى المعاصر، ونماذج من قصائد بعض الشعراء العرب، منهم: محمود درويش، ومحمد الفيتوري، وعباس بيضون، وعبد الله البردوني، وعبد العزيز المقالح، وغيرهم.