أكد رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق، حسن حامد أن ضخامة المؤسسة الإعلامية المصرية هي السبب الرئيس في عرقلة تقدمها، لأن هذا الكيان الكبير يواجه مشاكل اقتصادية كبيرة في تمويله، وفي نفس الوقت لا يقوم بدوره على أكمل وجه. وقال: "في العالم كله لم أر مؤسسة بهذا الترهل، تضم 43 ألف موظف، والمؤسسة التالية لنا في ذلك هي البي بي سي التي عندما وصلت إلى 30 ألف موظف، أصابها الهلع وهرعت إلى تقليصه إلى 24 ألفا، حتى الصين ليس لديها تلك الكثافة بالرغم من أن الصين تعدادها السكاني ضخم جدا". وأوضح خلال الندوة التي أقيمت بدار الكتب والوثائق القومية، حول مستقبل الإعلام المصري، أن المشكلات التي تواجه المؤسسة الإعلامية تكمن في تركز السلطة في مكان واحد، وعدم وجود استقلالية للمحطات الإقليمية الموجودة في مصر، إضافة إلى وجود مشكلة هيكلية في التمويل، وقال: "لا أعرف هل هذا كان جزءًا من سياسة النظام السابق، في أن تكون هذه المؤسسات دائمًا بحاجة إلى تمويل منه، فكل وحدة كانت تشتريها ماسبيرو كانت بقروض من البنك المركزي، وهذا ما دفع أن يكون مقدار الدين للمؤسسة الإعلامية وحدها هو 12 مليار جنيه وهذا مالا يصدقه عقل". وأضاف: "هناك مشاكل أخرى تتمثل في غياب الرؤية والأهداف، فلا توجد في اتحاد الإذاعة والتليفزيون أية رؤى أو أهداف.. "ماذا يقدم ولمن ولماذا"، ولهذا نجد رسائلًا متناقضة تخرج من ماسبيرو في جوهرها ومضامينها". وعزا كذلك التدهور الذي أصاب الإعلام الرسمي إلى ضعف المستوى المهني، وضعف الأجور والمرتبات بشكل عام، والتفاوت الرهيب فيها، لافتا إلى أنه في أخر عهده باتحاد الإذاعة والتليفزيون طبق سقفًا للأجور، لكن هذه الأسقف قد تزحزحت في الخمس السنوات الأخيرة وانفلتت تماما في أخر سنتين. وفي سياق متصل دعا المدير السابق لمكتب قناة الجزيرة، حسين عبدالغني إلى ضرورة تحرير جميع وسائل الإعلام المصرية، وربط ذلك بنمو جهاز الإعلام المصري، وإصلاح أجهزة التليفزيون والراديو. وأوضح أن: "التحرير الذي أقصده، هو إتاحة الفرص أمام إنشاء القنوات والإذاعات الخاصة، بمجرد الأخطار مثلما يحدث مع الأحزاب، طالما لن تخوض في الأعراض الشخصية، وتتجاوز الآداب العاملة، وتسيء إلى الأديان". وأشار إلى أن وزارة الإعلام لم يتم إلغاؤها وأن ما ألغي فقط هو منصب الوزير، وأكد أن إلغاء وزارة الإعلام وإلغاء تبعية أجهزتها لمؤسسة الرئاسة، وإلغاء المجلس الأعلى لصحافة على الأقل بصورته الحالية، وإلغاء كل المواد المقيدة للحريات، وعدم وجود قانون ينص على حرية تداول المعلومات، كل ذلك سيقف في سبيل مستقبل الإعلام المصري ونموه. بينما لم يتفق معه أستاذ الإعلام المرموق الدكتور حمدي حسن أبو العينين، قائلا على فكرة إطلاق حرية الإعلام وقال :" أخشي من فائض الحماس للحرية في مجتمعنا"، واصفًا إياها ب"المشكلة" ولفت إلى التجربة الإيطالية السابقة في ذلك، وقال إنها أسوأ ما يمكن في تاريخ الإعلام الايطالي و"نحن لسنا مجتمعا ديمقراطيا بعد، نحن مجتمع يأمل في الديمقراطية لذا يجب أن نتريث قليلًا". وأوضح أن القطاع الخاص في مصر لن يعيد أداء الدور الذي فعله نظيره الأوروبي في نشأة الحرية الصحفية التي حدثت في أوروبا، فالقطاع الخاص المصري كان يتحكم فيه النظام بشكل كبير، مبديًا مخاوفه من تحول الإعلام المصري بهذه الطريقة إلى سلعة وقال:"أمل أنه مع انتخاب حكومة ديمقراطية حقيقية، قد يسهل هذا من حرية وسائل الإعلام، لكن النهاردة عشان افتح قناة بالإخطار تبقى أنت داخل على الفوضى عدل". وأكد أن الإعلام وقتها لن يقدم خدمة بل سيقدم سلعة، وضرب المثل بإحدى القنوات الفضائية: "واحد فتح قناة في رمضان بس هبش 40 مليون جنيه في جيبه وبعدين قفلها تاني عاوز واحد بس يقولي حاجة واحد قدمتها القناة ديه للضمير الوطني المصري". واعترض عليه "عبدالغني"، قائلًا: "أرفض طريقة أننا "لم نعبر سن الرشد بعد"، وأعتقد أنه يجب علينا أن نعيد النظر فيها، إن أخطاء الحرية جميعها لا تساوي لحظة واحدة نحياها في ظل الديكتاتورية". وأكد حامد أن الحرية دائمًا ما تصحح نفسها، والإعلام إذا سمح له أن يعمل بشكل حر، لن يثبت في مجاله إلا ذوي الأدوار الإعلامية الحقيقية، فالجمهور ليس قاصرًا، ويستطيع دائما أن يفرز بين الجيد والضحل، ورأى أن الحل يجب أن يأتي كما في الأمراض المستعصية، بتدخل جراحي، ولامفر من قيام هذه الهيئة القومية بخفض حجمها إلى المستويات المعقولة عالميا، كذلك هذا العدد الكبير من المحطات التليفزيونية (20) والإذاعية (30)، فمصر لا تحتاج غير محطتين أو ثلاث تابعة للدولة، إضافة إلى ضرورة وجود شكل من أشكال التوافق مابين الشعب وهذه المؤسسة، وأوضح أن هذا الشكل يأتي بإعلام يغلب عليه الطابع المهني، بأقل حد ممكن من تدخل الدولة، وإعلام يبني على الصدق، والحقيقة، والموضوعية، والدقة، والتعددية، وإحياء العلوم ومحاربة الخرافة وصيانة الحريات العامة وحرية التعبير.