تساؤلات كثيرة تنتابك بعد مشاهدتك لفيلم "صنع في مصر" جميعها ينصب نحو إحباط كبير من انتظار عمل لنجم ينتظره الجميع من الحين إلى الآخر، ليشاهد فيلمه الجديد ومن مخرج مختلف طوال الوقت منذ بداية انطلاقته الفنية ومن فنانة أبهرت الجميع بأدائها بعد تجربتها الأولى في البطولة المطلقة. فيلم "صنع في مصر" يقف في منطقة متأخرة في مشوار أحمد حلمي، خصوصًا في السنوات الأخيرة والتي أبهر الجمهور فيها حيث تقديمه لأفكار مختلفة ومميزة دومًا، حتى وإن كان بعضها يخلو قليلًا من الضحك الكامل. اللعنة التي يتحدث عنها الفيلم من تحول شخص لدبدوب وتبادل كل منهما لشخصية الآخر لم تكن كافية بالقدر الكافي لتبهر المشاهد وتجعله مقبل على مشاهدة الفيلم، حتى إن لغة الحديث بينهما لم تتمتع بالقفشات الكوميدية اللهم في القليل والنادر. الأمر الأكثر دهشة أن أحمد حلمي الفنان الذي بدأ مشواره بواحد من أشهر برامج الأطفال خلال الألفية الجديدة "لعب عيال" وحقق فيه نجاحًا مذهلًا، وكان بوابة رئيسية لانطلاقته فيما بعد لم يستطع في"صنع في مصر" تحقيق معادلة الإبهار والحس الضاحك للأطفال التي يخاطبها، حتى الطفلة نور عثمان التي لفتت الأنظار لها بعد مشاركتها في برنامج "آراب جوت تالنت"، كان ظهورها معه في الفيلم باهتًا ولم تستثمر موهبتها بالشكل المتوقع. وبالمقارنة بين تجربة "مطب صناعي" و"صنع في مصر" فإن الأول يقف في مصاف الأفلام الحيوية التى قدمت لسينما الأطفال في السنوات الأخيرة، ورصدت حالة غير مألوفة وجذابة افتقدتها السينما من علاقة الطفل بالصديق الأكبر، بما احتواه العمل من مشاهد ترصد لعلاقة الاثنين بما فيها من تعاملاتهم اليومية كما أن الأغنية التي قدمت خلال أحداث الفيلم أعطته جاذبية ونجاح، وكانت أكثر تعلقًا في أذن الأطفال. عمرو سلامه المخرج الذي تنتظر منه المميز دائمًا، ولديه مسار خاص به يجعله مختلف طوال الوقت منذ بداياته، ونال تقدير وإشادة الجميع بعد فيلمه "لامؤاخذة" لما كان يحمله من ذكاء في انتقاء موضوع قدمه بمعالجة سلسلة وكوميدية تقترب مما نعيشه في الوقت الحالي، وكان الإنجاز الأعظم له عندما أظهر التناقض بين أبناء المدارس الخاصة والحكومية. لم يكن سلامه بحالته الإبداعية في هذا العمل، والذي جاء متواضعًا عن موهبة وقدرات المخرج المتجددة والنشطة دائمًا، وهو ما دفع الكثيرون ممن شاهدوا العمل إلى التساؤل حول أسباب قبوله لإخراج مثل هذا العمل المتواضع. ياسمين رئيس،الموهبة التي جذبت الأنظار لها في فيلمها "فتاة المصنع" منذ شهور، مع المخرج محمد خان في التجربة الأولى للبطولة المطلقة، ظهرت بوجه باهت يحمل تراجعًا عن الأداء الراقي التي لفتت به الانتباه مؤخرًا حتى بأدوارها التي ظهرت فيها بمشاهد قليلة في عدد من الأعمال وكانت مؤثرة للغاية، حتى إنه كان من الممكن أن تقوم أي ممثلة صاعدة بأداء مثل هذا الدور. ولعل وضع فيلم لنجم بقيمة وحجم أحمد حلمي في مصاف المركز الثالث لقائمة الإيرادات لهذا الموسم، من الممكن أن يضعه في مأزق الاختيارات القادمة لأعماله، وضرورة أن يعي جليًا بذلك حتى لا يصبح في طائلة النجوم الذين فقدوا شعبيتهم لدى الجمهور مثل أحمد مكي، ومحمد سعد خصوصًا وأن تجربة فيلمه قبل الأخير أيضًا وهو "على جثتي" لم تحقق النجاح المرجو منها. وقد لا ينطبق الأمر على حلمي فقط بل بالمثل لياسمين رئيس التي توقع الجمهور لها بعد "فتاة المصنع" ووعيها ومسئولياتها في انتقاء الأدوار القادمة لها، وليس لمجرد التواجد على الساحة الفنية، وكذلك المخرج عمرو سلامه الذي يقف دائمًا في مصاف القلائل المميزين.