أعلنت إسرائيل وحركة حماس مساء السبت التصميم على مواصلة الحرب في قطاع غزة التي أوقعت 1712 قتيلا فلسطينيا على الأقل منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في الثامن من يوليو الماضي. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في مؤتمر صحافي مساء السبت في تل أبيب "لقد وعدنا منذ البداية بإعادة الهدوء إلى مواطني إسرائيل. سنواصل العمل إلى أن نحقق هذا الهدف طالما تطلب الأمر ذلك وبكل ما يلزم من قوة". وسرعان ما جاء الرد من حماس على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم الذي قال في تصريح خاص لوكالة فرانس برس "إنه خطاب مرتبك ينم عن أزمة حقيقية يواجهها في الحرب على غزة"، مضيفا "أراد أن يصنع نصرا وهميا لحكومته وجيشه ونحن مستمرون في المقاومة حتى نحقق أهدافنا". بدورها، قالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في بيان أن "تصريحات نتانياهو و(موشيه) يعالون (وزير الدفاع الإسرائيلي) اعتراف صريح بالهزيمة وسنواصل القتال حتى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني". وكانت إسرائيل أعطت السبت أولى الإشارات لإنهاء عملياتها في مناطق معينة من قطاع غزة، وأفاد شاهد أحد صحافيي فرانس برس أنه شاهد الجنود الإسرائيليين ينسحبون من قرى قريبة من بيت لاهيا في الشمال وخان يونس في الجنوب. وفي الوقت نفسه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيكون بإمكان المدنيين "العودة بكل أمان إلى بيت لاهيا والعطاطرة" بحسب ما قالت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لوكالة فرانس برس، ملمحة بذلك إلى أن الجيش قد يكون أنهى عملياته في هاتين المنطقتين. وكان الجيش أمر السكان بإخلاء المنطقتين حتى ينهي عملياته العسكرية فيهما. ورغم هذا الانسحاب المحدود، أكد نتانياهو مساء السبت أن "العملية متواصلة والجيش سيواصل العمل بكل قواه للنجاح في مهامه وإعادة الهدوء والأمن لمواطني إسرائيل مع توجيه ضربات قاسية جدا للبنية التحتية للإرهاب". وأضاف "قواتنا المسلحة بصدد القضاء على الأنفاق في غزة". وبقيت كافة مناطق القطاع الأخرى تحت النيران الإسرائيلية بعد 24 ساعة على تهدئة تم الاتفاق عليها دوليا ولم تصمد سوى بضع ساعات. ومساء السبت، قتل فلسطينيان من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على جباليا شمال قطاع غزة. وقال أشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة "استشهد فلسطينيان من عائلة واحدة في جباليا شمال قطاع غزة في غارة إسرائيلية ما يرفع عدد الذين استشهدوا اليوم والذين تم انتشال جثثهم ومن توفي متأثرا بجروحه الى 112 شهيدا فضلا عن 330 جريحا". وأضاف أن "الحصيلة الإجمالية للشهداء منذ بدء العملية الإسرائيلية (في الثامن من يوليو) ارتفعت إلى 1712 شهيدا من بينهم 398 طفلا و207 نساء و74 مسنا إضافة إلى جرح أكثر من 9000 فلسطيني". في المقابل، فقدت إسرائيل 63 جنديا وثلاثة مدنيين. ونالت منطقة رفح النصيب الأكبر من ألة الحرب الإسرائيلية إثر فقدان ضابط الصف الإسرائيلي هدار غولدن الذي يقول الجيش الإسرائيلي إنه أسر صباح الجمعة خلال عملية تدمير لأحد الأنفاق كان الجيش الإسرائيلي يقوم بها. لكن كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أكدت أن لا معلومات لديها عن مصير الجندي من دون أن تستبعد أن يكون لقي حتفه مع المجموعة الفلسطينية المقاتلة في منطقة رفح. وقالت القسام في بيان فجر السبت إن "لا علم لنا حتى اللحظة بموضوع الجندي المفقود ولا بمكان وجوده أو ظروف اختفائه". من جهتها، طالبت هيدفا غولدن والدة الجندي المفقود السبت إسرائيل بالا تسحب قواتها من قطاع غزة قبل استعادة ابنها، فيما صرح والده سيمشا "لا أستطيع أن أتصور أن الجيش يتخلى عن أحد مقاتليه". وأعلن الجيش الإسرائيلي أن نظام القبة الحديدية الدفاعي اعترض صباح السبت صاروخين أطلقا على تل أبيب وآخر أطلق على بئر السبع. ومع هذه التطورات العسكرية تعقدت المساعي لإقرار تهدئة جديدة. ووصل وفد فلسطيني يضم ممثلين عن حماس والجهاد الإسلامي وفتح إلى القاهرة مساء السبت في مسعى للتوصل إلى تهدئة. وكان من المقرر أن يصل الوفد الفلسطيني إلى مصر الجمعة وأرجىء الأمر إلى السبت بسبب التطورات الميدانية في رفح خاصة. ونقلت الصحافة الإسرائيلية معلومات تفيد بأن الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة قررت عدم إرسال وفد إلى القاهرة رافضة التحادث ولو بشكل غير مباشر مع حركة حماس. وتمهيدا لهذه المفاوضات، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السبت أن المبادرة التي عرضتها مصر هي "فرصة حقيقية" لوقف إطلاق النار. وقال في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي "المبادرة المصرية هي الفرصة الحقيقية لإيجاد حل حقيقي للأزمة في غزة وإيقاف نزيف الدم". وأضاف أن "الوقت حاسم، لابد من استثماره وبسرعة لإيقاف إطلاق النيران وإيقاف نزيف الدم الفلسطيني"، مؤكدا ضرورة أن "ننتهز الظرف الصعب ونقول إن لدينا فرصة حقيقية أن ننهي الأزمة الحالية ونبني عليها حلا شاملا للقضية الفلسطينية".