بعد أن تحولت ليبيا إلي كتلة من اللهب والتهمت نيرانها الأخضر واليابس.. ضاعت استثمارات مشتركة تصل قيمتها إلى أكثر من 18 مليار دولار بين الجانبين، تشمل قطاعات السياحة والبترول والخدمات المصرفية وصادرات الحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية والكيماوية. وأصبحت هذه المصانع شبه متوقفة بعد أن تصاعدت هذه الصراعات وبات من المستحيل وصول أي من الشحنات أوالبضائع داخل الأراضي الليبية، سواء عن طريق النقل البري أوالجوي. وطالب مسئولون، فى تصريحات ل"بوابة الأهرام" بسرعة التحرك وتحويل منفذ السلوم إلي ميناء بري جاف وهو لديه كافة الإمكانات من البنية الأساسية وتحويل هذه المنطقة إلي مدينة صناعية عالمية للتصدير إلى ليبيا، كما فعلت الأردن عام 93 بعدما تم غزو العراق وفرض الحظر الدولي عليها على أن يتم تطوير هذه المدينة وإقامة كل المصانع التي يحتاجها الشعب الليبي، وهذا من شأنه أن ينشط الاقتصاد المصري، ويوفر الآلاف من فرص العمل للعمالة المهاجرة من ليبيا تحت ضغط هذه النيران المشتعلة التي تقدر تعدادها ب400 ألف نسمة معظمهم كانوا يعملون في قطاعات الزراعة والبناء والطرق. وعن حجم هذه الاستثمارات يقول ناصر بيان رئيس جمعية مستثمري رجال الأعمال المصريين الليبين: إن الصفقات التصديرية متوقفة حاليًا منذ أسبوعين عند منفذ السلوم في انتظار الشاحنات الليبية الضخمة لنقلها من منفذ مساعد الليبي إلي المدن الليبية للاستهلاك، بل إن الليبين كانوا يصدرون هذه المنتجات المصرية إلي الدول الأفريقية المجاورة لهم. أضاف بيان أن الشاحنات المصرية كانت تعاني وتشكو من طول الانتظار في منفذ السلوم حتي تسليم الشحنة إلى الجانب الليبي بسبب أعمال السطو المسلح على هذه الشحنات خلال الأشهر الستة الأخيرة والخطف المتعمد من جانب الميليشيات الليبية المسلحة هناك حتي تم الاتفاق على أن المصدرين المصريين يقومون بتسليم هذه البضائع عند منفذ السلوم ليقوم المستورد الليبي بإحضار شاحنات على نفقته الخاصة وتوصيل هذه البضائع من منفذ مساعد الليبي إلي المحافظات الليبية بعدما تفاقمت الاضطرابات الأمنية والسياسية وهو ما يفسر تكدس البضائع داخل المنفذين البريين بالشاحنات والبضائع. أشارإلى أن حجم الاستثمارات الليبية في مصر يصل إلي عشرة مليارات دولار. وأوضح بيان أن معظم الاستثمارات المصرية في ليبيا عبارة عن تنفيذ مشروعات إعمار وطرق وكباري بالإضافة إلي الصادرات المصرية من مختلف القطاعات التصديرية وقيمة هذه الصادرات والاستثمارات يتعدي ال 8 مليارات دولار سنويا، إضافة الى الاستثمارات الليبية التى قدرها السفير الليبى ب10 مليارات دولار، مشيرًا إلي أن الاقتصاد الليبي استهلاكي وليس انتاجيًا. نوه بيان إلى أن حجم هذه العمالة كان قد بلغ مليوني عامل قبل تفجر الثورة ضد نظام القذافي، لكن أعدادًا كبيرة منهم عادت إلي مصر بعد الاضطرابات الأمنية هناك ولم يتبق هناك سوي المصريين أصحاب المشروعات المتوسطة في المجتمع الليبي مثل أصحاب المطاعم ومحال بيع المواد الغذائية أو ممن يعملون في المصالح الحكومية الليبية. يضيف البيان أنه عرض علي رجال الأعمال الليبين والمسئولين في ليبيا التوسع فى استثماراتهم في منفذ السلوم وتخصيص هذه المنطقة منطقة صناعية متخصصة في إنتاج الاحتياجات التي يحتاجها المواطن الليبي فرحبوا وأبدوا الاستعداد للمساهمة في هذه الاستثمارات بل إن العديد من المستثمرين والمسئولين الليبين أكدوا إنهم سوف يسحبون استثماراتهم من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وعدد من البلدان الأوروبية وتوجيهها إلي مصر لكن تصاعد هذه الأحداث حال دون تحقيق وعودهم. وعلي مستوي الصادرات المصرية إلي ليبيا .. يقول علي عيسي، رئيس الشعبة العامة للمصدرين ونائب رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين: إن صادراتنا من الخضر والفاكهة إلي ليبيا ليست موثقة لأن 80% من هذه الصادرات كان يتم إرسالها عبر شاحنات كبيرة قبل تصاعد الأحداث هناك منذ 4 أشهر لكن بعد عمليات السطو المسلح علي الشاحنات وخطف السائقين المصريين وتعذيبهم أصبحت الشاحنات تتوقف عند منفذ السلوم وتقوم بتسليم البضائع هناك لتتسلمها الشاحنات الليبية. ويضيف البيان أن أبرز الصادرات المصرية إلي هناك البرتقال والبطاطس والبصل وكل أنواع الخضراوات، مشيرًا إلي أن حجم العمالة التي تعمل في تصدير المنتجات المصرية إلي ليبيا لا يقل عن 25 ألف عامل بمختلف المحافظات، خاصة في البحيرة والمنوفية والشرقية. ويقول محمد شكري، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن حجم صادرات الصناعات الغذائية في شهر مايو 2013 بلغ 22 مليون دولار انخفض هذا الرقم إلي 14 مليون في مايو الماضي، أي بنسبة 33% ثم تدهورت الأوضاع الأمنية هناك خلال شهري يونية ويوليو لتنخفض هذه الصادرات لأكثر من 60%، وكان علي قائمة هذه الصادرات منتجات الألبان، خاصة المطبوخة والأغذية المحضرة والخضراوات المجمدة والتبغ والمعسل والشوكولاتة والعصائر والمربات. ويطالب بأن تسرع الأجهزة الحكومية في وزارة الصناعة والتجارة الخارجية بإيجاد أسواق بديلة عن الأسواق التي أصابها الشلل التام في سورياوالعراق وليبيا نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية المتردية؛ لأن ذلك سوف يعمل علي إغلاق المصانع في مصر وتسريح العمالة فضلا عن العمالة المصرية المهاجرة من هذه البلدان إلي وطنها في مصر. أما وليد هلال، رئيس المجلس التصديري للكيماويات، فيؤكدأن حجم صادرات القطاع إلى ليبيا وصلت إلي 500 مليون دولار شهريًا منذ 3 أشهر، وأن هذه الكميات انخفضت إلي 20% علي مدي الشهرين الماضيين، وتشمل هذه الصادرات البلاستيك ومنتجاته والورق والكيماويات، مشيرًا إلي أن المصانع في العاشر من رمضان والإسكندرية خاصة في العامرية كانت متفرغة تمامًا لتصنيع احتياجات الشعب الليبي من كل المنتجات التي يحتاجونها وأن هذه المصانع باتت شبه متوقفة، خاصة أن هذه المصانع كانت تصدر أيضًا إلى العراقوسوريا. ويؤكد نعيم ناشد، معوض صاحب شركة لتصدير الحبوب الغذائية وعضو شعبة الغلال أن السوق الليبية تستورد كميات كبيرة من الحبوب على رأسها الفول واللوبيا والفاصوليا، وبرغم أن الشاحنات كانت تمكث في منفذ السلوم لأكثر من 3 أسابيع في ال3 أشهر الأخيرة، إلا أن المصدرين كانوا يتحملون الغرامات المالية عن عدم تفريغ هذه البضائع، لكن الأوضاع الحالية لا تشجع أي مصدر علي تحمل المخاطر الناجمة عن تصاعد الأحداث هناك، لذا فإن المصدر أصبح يشترط على المستورد الليبي أن يسدد ثمن الصفقة نقدًا في أثناء تعاقده في القاهرة قبل شحن البضائع، خاصة أن التحويلات النقدية عبر الجهاز المصرفي قد توقفت نتيجة الخراب والدمار الذي لحق بمعظم المنشآت الاقتصادية والنقدية الحكومية في ليبيا. ويؤكد أنه صدر كميات كبيرة من التمور الجافة والأرز قبل حلول شهر رمضان ببضعة أسابيع إلي هناك من خلال منفذ السلوم برغم هذه الأحداث لأن المستورد الليبي كان يتسلم هذه الصفقات عند المنفذ ويتولي توصيلها إلى المدن الليبية. لكن الدكتور عوض جبر، رئيس المجلس التصديري للأدوية، يؤكد أن صادرات الأدوية إلى ليبيا توقفت منذ 3 أشهر وكذا بالنسبة للعراق وسوريا منذ أكثر من ذلك بسبب الأوضاع الأمنية في هذه الدول وتلفها نتيجة تراكم صفقات الأدوية في المواني انتظارًٍا لدخولها إلي هذه الدول، مما جعل الشركات تتحمل قيمة معظم هذه الصفقات علاوة على عدم حصول الشركات المصرية على قيمة هذه الصفقات نتيجة أعمال السطو وغياب التحويلات المصرفية، لذا فإن هذه الصفقات التصديرية شبه متوقفة.