القضاء على الفيروسات الكبدية قد يكون حلمًا صعب المنال، لكن ليس مستحيلا، وهناك من يحاول أن يقضى على أسباب معاناة البسطاء من المواطنين فى القرى والنجوع الذين يرون تاج الصحة على رؤس الآخرين بينما هم محرومون من الحياة الطبيعية. رصدت "الأهرام" تجربة ومحاولة للوصول الى هذا الحلم وتحقيقه فى مستشفى ومعهد بحوث الكبد المصرى بشربين والذى أسسه الدكتور جمال شيحة استاذ امراض الكبد بطب المنصورة والذى يعد واحدا من الاطباء الذين وهبوا انفسهم لخدمة المجتمع. ففى مبادرة منه أنشأ جمعية لرعاية مرضى الكبد المصرى بالدقهلية التى تقدم العلاج ل 100 الف مريض بالكبد بالمجان سنويا. كما أنشأ فروعا لها بعدد من المدن والقرى لتوصيل الخدمة الطبية الى حيث يقيم الاف المرضى دون ان يتحملوا مشقة السفر الى الجمعية الام بالمنصورة ولم يكتف بهذا الدور بل أسس مستشفى ومعهد بحوث الكبد المصرى بشربين لعلاج مرضى الكبد من الفقراء والمهمشين بتكلفة 200 مليون جنيه بفضل مساهمات أهل الخير والقادرين. غير أن طموحاته لم تتوقف عند هذا الحد فقرر أن يواجه أخطر الأمراض التى تهدد صحة وحياة المصريين فكان قراره اعلان الحرب على فيروسات الكبد الوبائية من خلال تنفيذ مشروع "قرية خالية من الفيروسات الكبدية" بتكلفة تتراوح بين 10 و 12 مليون جنيه لكل قرية، وهذه المبادرة يمكن تعميمها فى مشروع قومى يهدف الى القضاء على المرض نهائيا خلال عشرة أعوام. المبادرة تعتمد على علاج المرضى بالاقراص الجديدة التى يتم تناولها عن طريق الفم مع تنفيذ سلسلة من حملات التوعية والتثقيف الصحى لوقف "نزيف" الاصابات الجديدة دون ان تتحمل الدولة جنيها واحدا وذلك بالاشتراك مع وزارات الصحة والتعليم والاوقاف والشباب والبيئة والتنمية المحلية وجمعيات تنمية المجتمع المحلى ووسائل الاعلام المختلفة حيث كانت ضربة البداية بثلاث قرى تابعة لمركز دكرنس وهى: أشمون الرمان، وميت الحلوج، وديمشلت..فماذا قال عن المشروع الحلم الذى أضحى حقيقة؟. بداية يؤكد الدكتور جمال شيحة ان مشروع قرية خالية من الفيروسات الكبدية كان حلما يراوده منذ سنوات طويلة مثلما كان انشاء مستشفى ومعهد بحوث الكبد حلما وأصبح حقيقة على ارض الواقع بفضل مساهمات ابناء الدقهلية والقادرين من مختلف محافظات الجمهورية والذى تحقق بفضل ايمانهم بأهمية الدور الذى تلعبه جمعية رعاية مرضى الكبد المصرى واهمية وجود صرح بهذه الامكانيات لعلاج المصريين من فيروسات الكبد «سى» و»بى» فهم الذين جعلوه حقيقة ومنارة للبحث العلمى للخدمة الطبية الحقيقية مشيرا الى ان حجم مشكلة الاصابة بفيروسات الكبد بمصر يمثل تحديا خطيرا للمجتمع والمسئولين حيث تبلغ نسبة الاصابة بفيروس سى 12% وبفيروس بى 5ر2% من المصريين اغلبهم من ابناء القرى والارياف وان حالات الاصابة فى القرى اكثر من المدن والحالات فى الدلتا والصعيد اكثر منها فى سيوة والواحات والمناطق النائية وان الرجال اكثر اصابة من السيدات بنسبة 3 الى 1 وان عدد الحالات الجديدة المصابة بالفيروس سنويا يبلغ 150ألف حالة وأن عددا كبيرا من المشاهير واعلام ونجوم الفن والرياضة والاعلام قد ماتوا بسبب الاصابة بفيروسات الكبد. ويؤكد شيحة ان النظام السابق لم يستغل الفرص التى اتيحت لمصر لعلاج مرضى الكبد عن طريق المنح من منظمة الصحة العالمية ونحن فى عهد جديد علينا ان ناخذ قرارنا بايدينا فى اقتحام هذه المشكلة ويطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن يتبنى مشروع قرية خالية من فيروسات الكبد عن طريق تحويله الى مشروع قومى تقوده الجمعيات الاهلية ومنظمات المجتمع المدنى وتدعمه الدولة بكل امكانياتها. ويشرح شيحة استراتيجية مشروع القضاء على فيروسات الكبد فى مصر خلال 10 سنوات فيقول انها ترتكز على عاملين اساسيين الاول هو وقف الاصابة بالمرض والتى تصل الى 150 الف حالة سنويا وسيتم ذلك على مدار ال 5 سنوات الاولى بحملات توعوية مكثفة تشارك فيها وزارات الصحة والتعليم والاوقاف والشباب والبيئة والتنمية المحلية ويسهم فيها الاعلام والصحافة والتليفزيون والاذاعة وهو ما سيسهم بشكل كبير فى خفض نسبة الاصابة بالفيروس الى 30% اى الى 45 الف مصاب جديد بالفيروس او اقل من ذلك فى السنة بدلا من 150 الفا وستتم تلك الحملات على نطاق واسع وبتكلفة كبيرة. أما العامل الثانى فهو علاج اكبر عدد ممكن من مرضى الكبد سنويا بالعلاج الجديد "ال 90 قرصا" على مدى الأعوام العشرة الخاصة بالمشروع ونستهدف علاج من 300 ألف الى 500 الف مريض كبد فى العام الواحد وبالتالى سيقل عدد الحالات المصابة نتيجة العدوى ايضا حيث تصل نسبة الشفاء به الى90% بعد تناول 90 قرصا بواقع قرص كل يوم ولمدة ثلاثة شهور دون ظهور اى اعراض جانبية على المريض او معاناته من الارهاق ويستطيع المريض الذهاب لعمله وممارسة حياته بشكل طبيعى خلال فترة العلاج وهى 3 شهور وهى فترة قصيرة بالمقارنة بالادوية الاخرى حيث كان معهد بحوث الكبد بشربين احد ثلاثة معاهد فى مصر تمت تجربة العقار اكلينيكيا بها على 37 مريضا واثبت نجاحا كبيرا فى العلاج ولاننا اردنا مصر خالية من الفيروسات كان علينا البدء بالخطوة الاولى دون انتظار الدولة والتى يستغرق اقناعها وقتا طويلا بتفعيل حملة القضاء على فيروس سى فى مصر. وكانت البداية بقرى اشمون الرمان وميت الحلوج وديمشلت بمركز دكرنس حيث يتم فحص المواطنين على مدى عدة شهور وعلاج المصابين منهم على مدار سنة او اكثر بالعلاج الجديد "الاقراص" وتم تخصيص مليونى جنيه لكل قرية من القرى الثلاث لاجراء التحاليل والفحوصات الطبية علاوة على علاج 20% منهم وندعو القادرين من ابناء كل قرية الى المساهمة فى علاج ذويهم الفقراء كما ندعو القادرين واهل الخير فى ربوع مصر إلى المساهمة بتبرعاتهم فى تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع الجمعية التى تأسست فى عام 1995 واشهرت عام 1997 وهى جمعية اهلية خيرية غير حكومية لها صفة النفع العام لا تهدف للربح ونشاطها يغطى جميع انحاء الجمهورية واختيرت عام 2009 كواحدة من افضل ثمانى جمعيات على مستوى الجمهورية من بين 56 الف جمعية اهلية موجودة بمصر وذلك بفضل الجهود التى بذلناها وتمكنا فى عام 2006 من المساهمة فى تاسيس اتحاد الجمعيات الاهلية التى تعالج فيروسات الكبد على مستوى الاتحاد الاوروبى ودول البحر المتوسط «الألبا» بعد التنسيق بين هذه الجمعيات واجتماعنا معهم فى مؤتمر بشرم الشيخ.