فجر توقيع بروندى على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل أسئلة كثيرة، حول مشاكل المياه ومدى قدرة مصر على ضبط الأصوات المناهضة لسياساتها فى منطقة حوض النيل. وحدود الأدوات الدبلوماسية لحل القضايا الخلافية. ولأى درجة سوف تؤثر أدوار الدول الخارجية وبينها إسرائيل على حصة مصر التاريخية. وما هى وسائل الخروج العملية من الموقف المعقد الراهن؟. أسئلة متعددة ومتشابكة طرحتها بوابة الأهرام على الدكتور محمود أبوزيد وزير الرى والموارد المائية والخبير العالمى فى شئون المياه. وإلى نص الحوار: -كيف تقرأ المشهد المائي المعقد في المنطقة الآن ؟ رغم وجود عدد كبير من الأنهار التي تمر داخل العالم العربي إلا أنه يعتبر من المناطق الجافة وشبه الجافة من العالم وهذا نتيجة لعدم وجود أمطار، حيث إن الأمطار بسيطة جداً وقليلة على الساحل الشمالي في مصر وأمطار متوسطة في السودان. فالمصدر الرئيسي للموارد المائية في العالم العربي هي الأنهار ونحن نطلق عليها الأنهار الدولية وبعض الدول العربية تفضل أن يطلق عليها المياه العابرة للحدود. ومع أنه يوجد فى العالم العربي حوالي 50 من هذه الانهار، فإن ما يزيد عن 65 بالمائة من المياه العربية يأتي من خارج العالم العربي وهذه نقطة مهمة، لأن التحكم في 65 بالمائة يكون من خارج العالم العربي . وهذه الأنهار أيضاً ليست ذات تحكم كامل. ولو نظرنا إلى الموارد المائية في العالم العربي نجد أن معظم هذه المياه هي مياه سطحية من الأنهار، وإن كانت هناك أيضاً موارد مياه أخرى هى المياه الجوفية. كما أن مياه الأنهار لا تستغل بصورة جيدة، مثل نهر الليطاني في لبنان ، ونهر النيل في حوض نهر النيل. فما يستغل من مياه النيل لا يزيد علي 5 بالمائة من مياه الأمطار على حوض النهر. وقد يكون عدم الاستغلال الأمثل للأنهار لأسباب سياسية أو اقتصادية . لكن لو نظرنا إلى جملة الموارد المائية في العالم العربي سوف نجد أنها محدودة. -منذ سنوات بدأ الحديث عن "حرب المياه" .. هل هناك خطر كبير يهدد بتحول المشكلة الي مستوي حاد من الصراع المائي ؟. قد يصل الوضع لأخطر من مشكلة. فمن الممكن أن يصل إلى صراعات عسكرية.. فالمياه في منطقة الشرق الأوسط قليلة جداً، والدول تتطاحن على المياه القليلة الموجودة، مثل الأردن وسوريا والعراق وفلسطين ولبنان وتشابكاتها مع تركيا وإسرائيل، بمرور الوقت ستزيد حدة أزمة الموارد المائية في العالم العربي بدون شك .. والمشكلة أن جميع الأنهار التي أتحدث عنها في العالم العربي وهي الأنهار العابرة للحدود أو الأنهار الدولية، لا توجد اتفاقيات كاملة بين الدول المتشاطئة عليها ، صحيح أن هناك اتفاقيات بين مصر والسودان على جزء من نهر النيل، وقد يكون هناك اتفاق بين الأردن ولبنان أو الأردن وسوريا على جانب من نهر الأردن أو نهر اليرموك وكذلك بين سوريا والعراق او سوريا وتركيا فيما يتعلق بالفرات. لكن لا توجد اتفاقيات تحكم الأنهار بأكملها، بمعنى أنه لا يوجد نهر عليه مجموعة من الدول تحكمه اتفاقية واحدة وسيظل الوضع هكذا في تقديري لفترة طويلة رغم الجهود التي تبذل .. بكلام آخر في مرحلة من المراحل تدخلت بعض الدول الأجنبية وأمريكا في نهر الأردن، ووضعوا خطة تسمى خطة جونسون . لكن هذه الخطة لم تنفذ ولم تلتزم بها إسرائيل وأصبح نهر الأردن من الأنهار التي يقل نصيب العالم العربي فيها باستمرار وبمرور الوقت . بالتالى فإن حجم المياه العربية محدود ونصيب الفرد يقل باستمرار وهذا نتيجة لزيادة عدد السكان وارتفاع نسبة الاستهلاك المائي للفرد، أى أن الفرد كان يستخدم حصة معينة في بعض البلاد. هذه الحصة زادت نتيجة للتطور الاجتماعي والاقتصادي الموجود، ودخول مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي في معظم البلاد العربية. - هل يمكن أن نري عمليات بيع مياه الأنهار في المنطقة في إطار سعي الدول الكبري لتحويل الماء الي سلعة ؟ * بعض الدول التي يوجد عندها وفرة مستعدة للتخلص من جزء من المياه ببيعها وإن كانت هناك دول أخرى في نفس النهر تحتاج إليها.. مثل نهر النيل حيث إن إسرائيل تحاول مع دول المنبع ومع العالم كله إقرار مبدأ بيع المياه واعتماد فكرة أسواق المياه، حتى تكون المياه سلعة تذهب لمن يدفع أكثر. وهذه كلها مبادئ خطيرة وتجعل الدول التي معها أموال أكثر تستطيع أن تشتري المياه من الدول التي عندها وفرة في المياه ، وهو ما تحاول إسرائيل وبعض الدول تغيير مفهوم العالم له في المؤتمرات الدولية والاجتماعات المشتركة ، بالإصرار على محاولات إقرار مثل هذه المبادئ الخطيرة . - لأى درجة يمكن أن تنجح هذه المحاولات ؟ * للأسف هناك بعض الدول العربية من الممكن أن تقر مثل هذه المبادئ لصالحها بجانب أن بعض من دول العالم يؤيد إسرائيل، سواء كانت وجهة نظرها صحيحة أم لا؟. لكن حتى الآن تقف الدول العربية موقفا قويا تجاه هذه المحاولات، رغم أنها محاولات دءوبة ومستمرة. فنجد مثلاً أنه في مؤتمر من المؤتمرات في أفريقيا يثار موضوع بيع المياه ونقل المياه خارج الأحواض. وهناك مؤتمر آخر في أوروبا وثالث في أمريكا يطالبان بالأمر ذاته، وهكذا توجد ضغوط شديدة فى هذا الاتجاه. - البعض يقول إن التعاون بين دول حوض النيل هو الحل للمشكلة المائية ؟. * التعاون بين دول حوض النيل في أمور المياه من الممكن أن يدعم بشكل كبير جداً بالتعاون في أمور أخرى اقتصادية وتجارية وثقافية، وهذا المفهوم كان هو الهم الأساسي لوزارة الموارد المائية والري في مصر في السنوات العشر الماضية. فموضوع الثروة السمكية وموضوع الملاحة وموضوع تبادل الكهرباء. كلها موضوعات مرتبطة بقضية مياه النيل .. والمسألة ليست فقط سدود ولا كمية المياه التي تجري في النهر. وقد بدأنا نطعم لجان التفاوض بالتخصصات المختلفة ليس فقط فنيين ومهندسين، لكن سياسيين وقانونيين واقتصاديين أيضاً. وهذا أدى إلى حد كبير إلى إيجاد نوع من التقارب والتفاهم. وهذا التفاهم لم يكن موجودا في الماضي . وقد نجحنا في تغيير بعض المفاهيم المتعلقة بالمياه تسهل التفاهم بين دول حوض النيل الذي تشترك فيه 10 دول .. من ناحية أخرى، من الواجب أن نفرق بين المياه التي تجري في النهر نفسه والتي تسقط على حوض نهر النيل على الدول العشر. وهذا المفهوم من الأمور الأساسية التي كانت مصر تعترض عليها في الإتفاقية الاطارية للأنهار. لأن أثيوبيا مثلاً لديها 20 حوض نهر. ونهر النيل أحد هذه الأحواض. فعندما ننظر إلى الحصص يجب أن ننظر إلى المياه المتوفرة لدى الدولة من مصادرها المختلفة سواء كانت أنهارا أو مياها جوفية أو غيره. - هل يمكن التغيير فى الاتفاقيات التاريخية الحاكمة لتوزيع مياه النهر ؟ تاريخياً هناك اتفاقيات وقعت بين دول حوض النيل وبعضها وكان يمثل دول حوض النيل في بعض الأوقات دولا أجنبية، مثل أمريكا وإنجلترا وإيطاليا. وهذه الدول كلها كان لها مصالحها. فمثلا إنجلترا كانت لها مصالحها في حوض النيل، لأنها تريد مياها لزراعة القطن والقمح. وهكذا كانت الاتفاقيات كلها تقول أنه لا يجب على أي دولة من دول الحوض أن تقيم منشآت أو مشروعات بدون الرجوع لمصر، وهذه الدول في ذلك الوقت لم يكون لديها القدرة على تنمية مصادر المياه لديها ، حيث تسقط عليها أمطار لكن معظم هذه الأمطار تضيع بين التبخر أو تذهب في المياه الجوفية أو تذهب إلى المحيطات. فلم يكن هناك أي استغلال لها، وكانت كمية المياه البسيطة التي تذهب إلى المجرى 5 بالمائة فقط والباقي يضيع هباء. وكان الصراع كله حول تلك ال 5 بالمائة. ومصر والسودان آخر دول النهر فكانتا تحصلان على كل المياه التي تتسرب وتصل إلى النهر . في 1959 عقدت مصر والسودان وقعت اتفاقية لإنشاء السد العالي والاتفاق على حصة مصر وحصة السودان. وبدأت بقية الدول تنظر إلى التنمية وفي ذلك الوقت منذ 15 أو 20 سنة كانت تنظر إلى إمكانية النهر على أنها كمية المياه التي تجري في الحوض فقط والتي تذهب إلى مصر والسودان. فبدأت بقية دول الحوض تفكر أن مصر والسودان تأخذان كل المياه وأنهم لا يأخذون شيئاً. وعندها بدأت مصر تتحرك من خلال أنشطة كثيرة جداً منها توضيح حجم المياه الرئيسي الذي يسقط على حوض النيل وأن المياه ليست فقط التي تجري في المجرى ولكن أيضاً التي تسقط على الحوض والمياه الجوفية وغيرها. بدأنا في إقناع هذه الدول أن إمكانية النهر ليست فقط ال 5 بالمائة ولكن ال 95 بالمائة أيضا ، وبدأنا نشارك في التخصصات المختلفة ، وقلنا لهم دعونا نعمل على استغلال المساقط المائية التي يستغل منها 4 بالمائة فقط منها والباقي يضيع. وهذه المساقط المائية موجودة في أثيوبيا وأوغندا وغيرها. لكن هذه الدول لم تكن لديها اعتمادات أو مصادر مالية لتمويل مثل هذه المشروعات. فبدأ التعاون بين مصر ودول حوض النيل بمشروعات بدأت في الستينيات بما يسمى مشروع الهيدروميت وبعضها مشروع التيكونيل وبعضها مشروع مبادرة حوض النيل . وقد أخذنا وقتا طويلا إلى أن أقنعناهم بأهمية التعاون المشترك. وقلنا دعونا نعمل لوضع اتفاقية شاملة تحكم استخدام مياه النيل في الدول العشر. وفي نفس الوقت الذي كنا نصيغ فيه الاتفاقية قلنا لنبحث عن مشروعات مشتركة تفيد دولتين على الأقل ولا تسبب أي ضرر لأي دولة من دول حوض النيل. بدأنا في الدبلوماسية الجديدة – دبلوماسية المياه - نخاطبهم ونبحث مشروعات التنمية وفي نفس الوقت نصيغ الإتفاقية وحتى تلك اللحظة كنا قد وصلنا لأكثر من 95 بالمائة من الاتفاقية للإطار القانوني والمؤسسي للتعاون بين دول حوض النيل. ومن ضمن الأشياء الموجودة في هذا الإطار هو إنشاء مفوضية للنيل. - هناك اعتراض علي مجري التاريخ وتحكمه في مجري النهر؟. * كان هناك إصرار من دول حوض النيل على عدم الالتفات إلى أي اتفاقية قديمة ، فهم يقولون إن هذه الاتفاقيات أثناء فترة الاحتلال ولا يجب أن نتحدث عنها وأن مصر والسودان كانتا تحصلان على كل المياه ، وأخذنا وقتا طويلا جداً لإقناعهم ، وكذلك لإقناع المسئولين في مصر. والأمر ليس مسألة اتفاقيات لكنه منافع ، وماذا نريد أن نحقق من الاتفاقيات. الإتفاقية الجديدة تقول أن الإعتراف بحق مصر بالنسبة للمياه التاريخية وأن لا تعمل الدول أي مشروعات تضر بمصر والبدء بمشروعات تخدم هذه الدول وهذا كله نفس الكلام الموجود في الاتفاقيات القديمة. في إطار مبادرة حوض النيل أنشأنا لجنة فنية ومكتب دراسات في أثيوبيا فيه مصريين وسودانيين واثيوبيين وأنشأنا مكتبا في أوغندا وفي باقي دول الهضبة الإستوائية. وكانت مهمة اللجنة الفنية وهذه المكاتب تبحث عن المشروعات ذات المنفعة المشتركة ، وألا يتم تنفيذ أي مشروع إلا بموفقة كل الدول . - لكن إثيوبيا علي سبيل المثال تنفذ مشروعات دون الرجوع إلي أحد . وهو ما يؤثر علي حصص المياه القادمة الي مصر ؟ المشروعات التي نفذت في أثيوبيا وأوغندا وتنزانيا تستقطب جزءا بسيطا جداً من فواقد النهر والقول بأن هناك مشروعات تؤثر على حصة مصر من مياه النيل غير دقيق .. بالفعل الصين ساعدت أثيوبيا في بعض المشروعات لكن لا يوجد ما يؤكد مساعدة إسرائيل في تنفيذ مشروعات سدود ، وإنما تساعد في مشروعات أخرى مثل مياه الشرب والصرف الصحي والتدريب وغيرها من المشروعات ، وانما حتى هذه اللحظة لا تساعد في مشروعات سدود حسب المعلومات التي لدينا. -ماذا عن النفوذ الاسرائيلي في المنطقة ودوره في الأزمة ؟. النفوذ الأجنبي في دول حوض النيل ليس فقط لإسرائيل ، فهناك دول أخرى متعددة ولها تواجد وكل دولة لها هدف. وإسرائيل بالطبع لها أهداف في دول حوض النيل بدون شك ولا ننكر ذلك. وجزء من هذه الأهداف الحصول على مياه إضافية مثلاً أو التأثير على القدرات التنموية لبعض الدول. جونوب أفريقيا كذلك لها تواجد قوي جداً في دول حوض النيل ، لكن مصلحتها في هذا التواجد هو نشر منتجاتها وأن يكون لها تأثير في التنمية ويعود عليها كل ذلك بمنفعة إقتصادية. وهي ليست مثل الأهداف التي ترمي إليها إسرائيل . -كيف كانت المفاوضات بين مصر ودول الحوض خلال فترة وجودك على رأس وزارة الرى ؟ في تلك الفترة كان هناك تفاهم كامل بين دول حوض النيل جميعها ومصر من حقها الحصول على حصتها التاريخية. لكن كانت النقطة في كيفية وضع هذا النص في الإتفاقية وطريقة التعامل مع المياه الإضافية والتصويت على القرارات ، فكنا قد وصلنا المرحلة متقدمة جداً .وأنا أريد أن أقول أن الوصول لهذه المرحلة كان صعبا أن تقتنع باقي الدول بأن حوض النيل به من الإمكانية ما يسمح بأن نغطي احتياجات كل الدول وأكثر. وأوضحنا لهذه الدول حجم المياه التي تستخدمها في صورة أمطار وغابات وري مطري والثروة الحيوانية الكبيرة الموجودة في معظم دول حوض النيل ، وحسبنا لهم كمية المياه التي تستخدم في كل ذلك ، وقلنا إذاً دعونا نتحدث عن المياه الإضافية التي من الممكن أن نستفيد منها جميعاً في مشروعات مثل الكهرباء ونقل الكهرباء بين دول حوض النيل. - ماذا فعلت مصر لترشيد استخدام المياه،فى ظل ما يتردد حول اتهاتمها بتبديد ثروتها المائية؟ * بدأنا سنة 1975 عندما عدت من أمريكا بمشروع يسمى "ترشيد استخدام المياه" وحصلنا على منحة كبيرة من أمريكا وقتها وبدأنا نستعين بخبراء من دول عملت في ظروف مشابهة لتطوير الري مثل باكستان والهند وغيرها .المياه في مصر يستخدم 85 بالمائة منها في الزراعة وأي وفر فيها سيعود على البلد بوفر. بمرور الوقت وزيادة عدد السكان والتطور الزراعي والتوسع الأفقي. كل ذلك يضع ضغوطا كبيرة على المياه، حيث كنا 20 ميلون في عام 1959 عندما وقعنا الإتفاقية مع السودان وكان نصيب مصر من المياه 55.5 مليار متر مكعب ، ونحن الآن 80 مليون ونصيب مصر هو 55.5 مليار متر مكعب ، إذاً فهناك ضغوط دائماً تتفاقم. ولابد من ترشيد إستخدم المياه في الزراعة وكان هدفنا في ذلك الوقت هو العمل مع مستخدمي المياه والفلاح الذي يستخدم المياه كان لابد أن يشارك في عملية إدارة المياه . وبدأنا في تشكيل منظمات مستخدمي المياه على الترع ، بانتخاب مجموعة من المستفيدين ممن يقومون بإدارة المياه على مستوى الترعة ووضعنا برنامجا استغرق من عام 1975 عام 1988 أو 1989 ، وهذا البرنامج وضع في شكل حزمة من الأعمال التي إن تم تطوير المياه وترشيد استخدامات المياه حتى تصل كفاءة المياه إلى نسبة توازي تقريباً كفاءة إستخدام المياه في الري بالتنقيط بدون اللجوء إلى الري بالرش والتنقيط في الأراضي القديمة. أما الأراضي الجديدة فلابد من الري بالرش والتنقيط . بدأنا في تنفيذ هذا البرنامج على مستوى تجريبي ثم مشروع رائد في 124 ألف فدان في 3 محافظات ثم انتقلنا في تنفيذه على مستوى الجمهورية وحصلنا من البنك الدولي على قرض بأكثر من 150 مليون دولار لتنفيذ هذا المشروع في مساحة 400 ألف فدان. خطتنا أو استراتيجيتنا كانت قائمة على التنفيذ في محورين .. الأول: تطوير الري السطحي ليصل إلى كفاءة الري بالرش والتنقيط . والثاني: إعادة الإستخدام حيث نأخذ المياه الزائدة التي يسئ الفلاح استخدامها ونعيد استخدامها مرة أخرى في الزراعة. وهذا ما تم تنفيذه إلى حد كبير جداً حتى ظهرت مشكلة التلوث والصرف الصحي. -ماذا عن الاتهام الإفريقي لمصر بإلقاء المياه في البحر المتوسط؟ أريد أن أؤكد أنه لا توجد مياه تصرف من نهر النيل إلى البحر المتوسط وإن وجدت فهي كميات بسيطة، عندما يكون الفيضان عال ولا يوجد مكان لتخزين مياه الفيضان. إذاً فلابد من إلقائها في البحر والاتفاقية تقول أن هذه المياه لا تحسب من الحصة الخاصة بنا. ولهذا السبب أنشئ مفيض توشكى، لأنه بدلاً من إلقاء المياه في البحر نخزنها في مفيض توشكى. وعندما كانت درجة التلوث تزيد في فرع رشيد وفرع دمياط بعض الشئ كنا نصرف المياه الزائدة لتقليل نسبة التلوث، لكن إذا جمعنا الكميتين سوف نجدها كميات بسيطة. والجزء الأكبر الذي يلقى في البحر هو مياه الصرف الزراعي المخلوط بمياه الصرف الصحي والصرف الصناعي . وهذا الجزء لو قسمناه إلى نصفين أحدهما ملوث والآخر غير ملوث، سنجد أن الجزء غير الملوث يستخدم منه 6.5 مليار متر مكعب في السنة والجزء الملوث هو الذي يذهب إلى البحر.