يعتبر مشروع حزب الوسط تطورا فكريا لمجموعة من شباب الحركة الإسلامية في مصر رأت أنه من الضروري خوض تجربة حزبية سياسية مدنية، تترجم المشروع الحضاري العربي الإسلامي، بعد أن خاضت هذه المجموعة تجارب في العمل العام، بدءاً من الحركة الطلابية في السبعينيات في الجامعات المصرية، مروراً بالانخراط في نشاط النقابات المهنية منذ منتصف الثمانينيات. وبعد معركة قانونية وسياسية استمرت أكثر من 15 عاما، حصل حزب الوسط علي حكم يخرجه إلى النور بصورة مشروعة، ليكون أول حزب يؤسس بعد ثورة 25 يناير. المهندس أبو العلا ماضي هو رئيس الحزب وقائد التجربة الطويلة خلال مرحلة التأسيس التى امتدت لنحو 15 عاما بين المحاكم، التقته "بوابة الأهرام" لتتعرف منه على بعض معالم الحاضر وآفاق المستقبل السياسي للحزب. - كيف طورت ثورة 25 يناير من برنامج حزبكم ؟ -- قبل التأسيس قدمنا الرؤى والسياسات ومطلوب منا الآن استكمال باقي السياسات ولاتزال أمامنا البرامج التنفيذية. وبالطبع ستكون هناك تغييرات في البرامج التنفيذية نتيجة الأحداث الجارية . -ما هي الأولويات المطلوبة من الحكومة الجديدة من وجهة نظر الوسط ؟ -- محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وفتح المجال أمام التنمية الاقتصادية والاستثمار، إعادة الاعتبار لقطاعي الزراعة وتحديدا في مجال القطن والقمح وفي مجال الصناعة من أجل المنافسة العالمية. بالإضافة إلي هيكلة كافة الخدمات المقدمة من قبل الحكومة علي رأسها الرعاية الصحية والتعليم وتطويره بشكل كبير. - ماهي رؤية حزب الوسط للخروج من الأزمة الحالية ؟. -- نحن في حاجة إلى بناء منظومة مستمرة لمكافحة الفساد والفصل التام بين السلطات وتأسيس اقتصاد حقيقي مبني علي إقامة مشروعات عملاقة وطنية وإعادة هيكلة الأجور في كل قطاعات الدولة ورفع متسوي الطبقة المتوسطة ونحن نؤمن بالسوق الحر مع الالتزام بحق الدولة ودفع الضرائب وفتح الاستثمار أمام العالم. - هل نحن مقبلون على مرحلة صراع سياسي؟ -- المطلوب تنافس سياسي شريف والصراع الحقيقي سيكون مع بقايا النظام الفاسد الذي سيحاول الظهور من جديد، أما القوى السياسية التي ستنشأ نتيجة هذه الأحداث فسيكون بينها تنافس حقيقي وهدفنا وضع قواعد ثابتة لإدارة العملية الديمقراطية بحيث لا يسمح لأحد أن يستأثر أو أن يفصل قوانين علي مزاجه، من أجل إغلاق الباب أمام أي فرعون قادم. ولا بد أن تسمح قواعد العملية السياسية القادمة بصلاحيات متوازنة وتؤهل لجمهورية ديمقراطية حقيقية بغض النظر أن تكون الدولة برلمانية أو رئاسية ولكن في حال إذا كانت رئاسية لابد من التقليل من صلاحيات الرئيس. - ما هى رؤيتك للأحزاب في الفترة القادمة ؟ -- الثورة أحدثت تغييرات علي أطراف المعادلة السياسية المصرية. أولها النظام السابق وثانيها الأحزاب التي لها علاقة بالنظام السابق وثالثها الخوف من هيبة رأس الكنيسة الارثوذكسية التي طالبت الشباب بعدم الاشتراك في المظاهرات. ومع ذلك خرج الشباب المسيحي منذ الحظة الأولي لاندلاع الاحتجاجات وكسرت هيبة القيادة العليا للإخوان المسلمين التي لم تشارك في بداية الأحداث ولم تطلب من شبابها النزول إلى الميدان، ومع ذلك شارك شباب الإخوان من اليوم الأول للمظاهرات، وأظن ان الخريطة السياسية لن ترى هذه الأطراف مرة أخرى . -هل تؤيد تأجيل الانتخابات البرلمانية ؟. -- بالطبع لفترة أقلها سنة وفي هذه الحالة لابد من وجود مجلس انتقالي مدني له قبول شعبي ونقترح مجلس من 9 أشخاص 6 مدنيين و3 عسكريين يقوم بعمل قوانين إلى حين الموافقة عليها من قبل مجلس الشعب المنتخب ،بحيث يكون من صلاحية هذا المجلس سن القوانين والتشريعات ،وفي نفس الوقت لابد من حل جذري للعديد من الملفات القوية في المجتمع المصري، علي رأسها مظالم العمال. -هل سينضم حزب الوسط إلي أحزاب أخري لمنافسة الإخوان المسلمين فى الانتخابات القادمة؟ -- بالطبع سيكون هناك تنسيق مع العديد من الأحزاب ومع القوي السياسية ونحن أول حزب يحظي بالتأسيس بعد الثورة. ومن المتوقع أن ينشأ 200 حزب جديد ونحن مع الحرية ومسألة بناء الحزب ليست سهلة وتحتاج إلي تراث مركب من الأفكار وتطويرها وشبكة من العلاقات وقراءة واضحة للخريطة السياسية وإذا نجح العديد من الأحزاب الجديدة فما المانع. لكن تأكد أن الأمر سينتهي علي أربعة أو خمسة أحزاب سيكون لهم القدرة علي المنافسة الحقيقية ، ونرفع دائما شعار الوطن قبل الوسط وتحالفاتنا مفتوحة مع أي طرف طالما هناك مصلحة للوطن ،ولكن هذا الكلام سابق لأوانه لأننا كيان وليد يهتم حاليا بمرحلتي التأسيس والبناء. -هل حزب الوسط يفتح بابه دائما أمام كل المنشقين من جماعة الإخوان المسلمين؟ -- الوسط يفتح أبوابه أمام كافة أطياف الشعب المصري سواء كان منشقا عن الإخوان أو قبطي ..جامعي أو حرفي. المهم أن يكون متوافقا مع مبادئ الحزب وأفكاره الرئيسية أما انتماءاته السابقة فلا ننظر إليها طالما هو مواطن شريف. - كيف ترى ثورة الشباب داخل الإخوان ؟ -- أنا لا أؤيد أو أعارض في شأن داخلي خاص بالإخوان، لكن بعد انطلاق الثورة ندعو الجميع ليطوروا من أنفسهم. -هناك من يقول أن الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية تقيد الفكر الثقافي الحر؟ . -- دائما ما نقول إن التعميم مضر ،وغير صحيح أن كل الإسلاميين ضد الحرية والإبداع لأن أهم شئ لدينا في الدين الإسلامي هو الحرية وهي مقدمة عن كثير من الأمور الهامة في الشرع والقوة والعنف لابد لها من رأي مضاد ولذلك من يفضل الإسلام الحوار واإفساح المجال للحرية،ونحن نرفع مثالا شعار المواطنة وهناك أقباط في الهيئة العليا للحزب ولدينا محجبات وغير محجبات أيضا في الهيئة العليا. -هل يسعي الحزب إلي الاشتراك في الحكومة القادمة ؟. -- يترتب ذلك علي حجم مشاركتنا في الانتخابات وحجم النواب المشاركين في المجلس ولم ننناقش بعد موضوع الحقيبة الوزارية. -حزب الوسط سيقف إلى جوار من في انتخابات الرئاسة؟ -- ننتظر حتى اكتمال الصورة للمرشحين، خاصة أن المرحلة الانتقالية القادمة بالغة الأهمية والحساسية فنحن نسعي لترشيح أحد الرموز ،ولكن من خلال توافق سياسي للعديد من القوي السياسية والإعلان حاليا عن الاسم يخل بهذا التوافق. لكن من المؤكد أن الحزب سينحاز لمرشح وسنطرح أن يكون رئيس الدولة القادم لفترة رئاسية واحدة ،أما حزب الوسط فلن يرشح من داخله أحد لانتخابات الرئاسة. -ماهي استعدادات الحزب للانتخابات ..والمشروعات المسقبلية اللاحقة؟ -- قررنا فتح 16 مقرا في القاهرة الكبري فقط ،والصورة خلال أسبوعين ستتضح تماما، ونختار الآن فرق العمل لإعداد الكوادر وندرس الشخصيات المرشحة والقوى السياسية الأخرى، ولدينا مشروعات مستقبلية ضخمة تحتاج إلى تمويل قوي ودراسات عميقة ونفكر جديا في الجريدة والقناة الفضائية . - كيف ترى مستقبل مصر السياسي؟ -- مصر في مفترق طرق حاليا حيث كان النظام المصري السابق يعتمد علي مركزية القرار لدي رئيس الدولة ومن أهم نتائج الثورة هو القضاء علي رأس هذا النظام، لكن لا تزال المستويات الأقل تمارس عملها في النظام الحالي. وأمامنا مرحلتان انتقالتان. الأولي قد تستمر لمدة عام وهي التي بدأت حاليا بالإجراءات الخاصة للاستعداد للانتخابات والتعديلات الدستورية. ويطلق عليها مرحلة التأسيس. والمرحلة الثانية هي التى توصف بالبناء وتكوين حياة ديمقراطية سليمة في مصر.