"بعضهم أغنياء يمتلكون سيارات ملاكي وآخرون يسعون للحصول على لقمة العيش" .. إنهم الباعة الجائلون بمنطقة وسط القاهرة الذين يبلغ عددهم نحو 2529 بائعًا، من ضمن 47200 في القاهرة وفقًا لنقابة الباعة الجائلين التي تم تأسيسها في 26 سبتمبر 2012. كان المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، قد عقد اجتماعًا خاصا الأسبوع الماضى لمناقشة موضوع الباعة الجائلين، حضره وزيرا التنمية المحلية والإدارية، ومحافظا القاهرة والجيزة، وممثلو الجهات المعنية لإيجاد حلول عملية للمشكلة كتوفير مساحات بديلة للباعة الجائلين تضمن الحفاظ علي مصدر رزقهم، والحفاظ على هيبة الدولة، والانسياب المروري في ذات الوقت. وبرغم المحاولات المتعددة للتصدى لانتشار الباعة الجائلين في القاهرة والذي بات صداعًا مزمنًا في رأس المسئولين، إلا أن أعدادهم تتزايد، مما دفع بعضهم لغض الطرف عن تلك الظاهرة وتجاهلها تمامًا، برغم تأثيرها على حركة المرور، وعلى ممارسة المحلات الحاصلة على تراخيص وتدفع للدولة ضرائب لأعمالها؛ مما ينعكس في النهاية على إيرادات الخزانة العامة للدولة. وبرغم أن الدولة تمنح الباعة تراخيص، ولهم أرقام مسجلة بالمحافظة، فإنهم يصرون على التواجد غير الشرعى فى شوارع العاصمة محتلين أرصفتها ومعطلين الحركة المرورية، فضلاً عن بيع بعضهم سلعًا مغشوشة ومنتهية الصلاحية. وقال عاطف عبدالمنعم، رئيس حى الأزبكية ل"بوابة الأهرام"، تعقيبًا على ما توصلنا إليه من معلومات ومستندات من نقابة الباعة الجائلين تفيد بحصر أعدادهم تمهيدًا لتقنين أوضاعهم: "إنه تم خلال الأشهر الثلاثة الماضية حصر 941 بائعا موجودين بالحى". وأضاف عبدالمنعم أن الحى اتفق مع محافظ القاهرة، لإنشاء سوق حضارية يتسع ل 1500 بائع، وتم تخصيص أرض "وابور المياه" بشارع الجلاء فى منطقة بولاق بعد القنصلية الإيطالية، لنقل جميع الباعة بها على أن ينتهى إنشاء السوق خلال الأشهر الثلاثة المقبلة كحد أقصى، إذ ستقوم شركة المقاولون العرب بأعمال الإنشاء. وتابع رئيس حى الأزبكية: ستكون أول سوق حضارية تجمع كل الباعة الجائلين بوسط البلد، والبائع يحتاج إلى جهة، يثق بها توفر له رخصة، ومكانا مخصصا به مرافق، بعيدًا عن المخالفات القانونية وإشغال الطريق العام، مشيًرا إلى أن البائعين على استعداد كامل للمساهمة فى إنشاء السوق وتجهيزها وستكون تابعة للمحافظة، وذلك سيعطي البائعين شعورا بالأمان ويعزز فيهم الانتماء للوطن. وقال أحمد حسين، رئيس نقابة الباعة الجائلين، إنه قام بالاتفاق مع رابطة الباعة الجائلين على عرض مقترح لثلاثة أماكن على محافظ القاهرة، لتسكين الباعة فى أحياء الأزبكية وعابدين والموسكى، ومن بينها قطعة أرض بالمرحلة الثالثة لمترو الأنفاق بمحطة "العتبة"، وقد عرضت النقابة والرابطة معًا على محافظ القاهرة 20 مليون جنيه، و2 مليون جنيه شهريًا بمساهمة 5 آلاف لكل بائع لتخصيص هذه القطعة للباعة الجائلين، وأكد أن تلك القطعة بعيدة عن الطريق ولا تعوق حركة المواطنين فى استخدام مترو الأنفاق. وأضاف: "حصر الباعة بحى الأزبكية تم منذ شهر يونيو الماضى، بقرار صادر من محافظ القاهرة بتشكيل خمس لجان تضم ( نقابة الباعة الجائلين، والغرفة التجارية، ورئاسة حى الأزبكية، ومباحث قسم الأزبكية)، ولا أعلم أنهم سيقومون بعمل حصر مرة أخرى." بينما قال طارق فؤاد، المتحدث باسم النقابة، إنه تم حديثًا تدشين ائتلاف يضم نقابة ورابطة الباعة الجائلين للمحافظة على حقوق البائع كمواطن مصرى بالدولة، وهذا الائتلاف يساهم فى التنسيق بين الباعة والجهات المختصة لمنع المخالفات وتقليل إشغالات الطرق. وتساءل فؤاد: ما فائدة أن تقوم الدولة بإزالة إشغالات الطريق وطرد الباعة الجائلين من وسط البلد الآن، ولا توفر لهم مكانا آخر أو مصدر رزق بديلا لأسرهم؟، واستدرك قائلأ: "حينها سيضطرون إلى العودة مرة أخرى الى أماكنهم والانتشار من جديد لكسب قوتهم وهذا الوضع ليس فى صالح الطرفين". وأنهى كلامه، متمنيًا أن تقوم الدولة بالتعاون مع الائتلاف فيما يخص الباعة الجائلين على مستوى القاهرة، والالتزام بما أقرته اللجان مسبقا من حصر للباعة بمناطق وسط البلد، وذلك للاستفادة من البائع بصورة مناسبة تحترم حقه وكرامتة وتحافظ على المظهر الجمالى والحضارى لشوارع العاصمة.