قالت وزير البيئة المصرية ليلى إسكندر إن استخدام الفحم لمواجهة مشكلة نقص الطاقة سيعرض الاقتصاد لمخاطر جمة، كما أنه يهدد الأمن القومي والسياحة وصحة المواطن. وتطالب شركات الأسمنت والأسمدة بالسماح لها باستخدام الفحم لمواجهة مشكلة نقص الوقود وارتفاع تكلفته. وقالت إسكندر في مقابلة مع رويترز إن وزارتها تدرس منذ فترة ملف استخدام الفحم، وإن كل الدراسات والمؤشرات تثير القلق بشأن استخدام الفحم في توليد الطاقة، في حين أن البدائل متاحة بوفرة، وتضمن عدم الإضرار باقتصاد مصر. وشددت الوزيرة على أن استخدام الفحم "سيعرض اقتصاد مصر لمخاطر جمة، وسيؤثر على السياحة وعلى حاجتنا من العملة الصعبة". وتسارعت في الآونة الأخيرة وتيرة الحديث عن اللجوء للفحم كوسيلة لتوفير احتياجات المصانع من الطاقة، وسط شح في إمدادات الغاز الطبيعي. ووافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي على استخدام مزيج من الطاقة في صناعة الأسمنت وطلب دراسة المزيج الأوروبي الذي يدخل الفحم في مكوناته. وقال وزير الصناعة والاستثمار المصري، منير فخري عبدالنور الأسبوع الماضي إن موافقة الحكومة على استخدام مزيج الطاقة يعني أنها ستتيح لشركات الأسمنت استخدام الفحم بشرط الالتزام بمعايير بيئية صارمة. لكن وزيرة البيئة قالت "هذا تفسير (الوزير) ونحن كان لنا تفسير آخر لقرار مجلس الوزراء، حيث نص القرار على أن تنظر وزارة البيئة في مزيج الطاقة المستخدم في صناعة الأسمنت في أوروبا، وأن تضع المعايير والاشتراطات اللازمة لذلك، وأعطوا لنا مهلة أسبوعين. هناك بدائل هائلة لاستخدام الفحم فلماذا نستخدمه؟". وقالت إسكندر إن هناك قلقا آخر "يظهر من الدراسات في أن الدول المستقلة في طاقتها مستقلة أيضا في أمنها القومي . لماذا تربط اقتصادك بمصدر طاقة قادم من الخارج، وتعرض الأمن القومي للخطر؟". وتساءلت الوزيرة "المزيج الأوروبي به فحم والثورة الصناعية لديهم قامت بالفحم، ولكنهم سيتخلصون منه، فهل هذا هو سبب توافره بسعر رخيص؟". ويكلف الغاز الطبيعي الحكومة المصرية دولارين لكل مليون وحدة حرارية والمازوت 3200 جنيه للطن للمصانع كثيفة استهلاك الطاقة في مصر. ويستهلك نحو 100 مصنع في مصر 70% من الطاقة الموجهة للصناعة، بينما يستهلك 100 ألف مصنع آخر 30% فقط من إجمالي الطاقة. ورفعت مصر أسعار الطاقة للمصانع كثيفة الاستهلاك أكثر من مرة خلال السنوات القليلة الماضية، حتى بلغت الأسعار في فبراير شباط عام 2013 نحو 1500 جنيه لطن المازوت، وستة دولارات لكل مليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي لمصانع الأسمنت والطوب، ونحو أربعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية من الغاز لمصانع الحديد والصلب. قالت إسكندر "لم ننته من عملنا بعد، ويتبقى لنا عشرة أيام، وسيعرف الجميع كل شيء". وأضافت الوزيرة أنها ستعرض على مجلس الوزراء المزيج الأوروبي والمعايير والاشتراطات التي يجب أن توضع مع هذا المزيج، بالاضافة إلى توصية الوزارة في هذا الشأن. وتابعت أنه يمكن استخدام القمامة أو ما يعرف بالمرفوضات وأيضا المخلفات الزراعية في توليد الطاقة للمصانع كثيفة استهلاك الطاقة. وشددت إسكندر خلال المقابلة التي جرت معها بمكتبها في الوزارة على المخاطر التي ستتهدد السياحة إذا ما قررت مصر التحول لاستخدام الفحم. وقالت إن السياحة، خاصة في البحر الأحمر ستتأثر؛ نظرا لأن الموانيء المؤهلة لاستقبال السفن المحملة بالفحم موجودة في تلك المنطقة. وأضافت "المراكب التي ستحمل ملايين الأطنان من الفحم قد يتعرض بعضها لحوادث غرق، وبالتالي سيتسرب الفحم إلى البحر الأحمر، مما سيضر بالسياحة، خاصة سياحة المقاصد مثل الغردقة والجونة". وأضافت الوزيرة دون أن تفارق الابتسامة وجهها "هشام زعزوع (وزير السياحة) منزعج مثلي أيضا، كما أن نحو خمس غرف سياحية أرسلت فاكسا للوزير لعدم الموافقة على استخدام الفحم". وردا على سؤال عن تصريح وزير البترول شريف إسماعيل لاحدى الصحف بأن استخدام الفحم سيوفر لمصر بين 1.5 وملياري دولار سنويا، قالت إسكندر "استخدام المصادر البديلة للطاقة سيوفر أكثر من هذا الرقم بكثير، ولدينا كمية شمس مثل البترول الذي تمتلكه السعودية".