ليس بالضرورةأن يحوي العمل الفني مشاهد مثيرة من جنس وعنف حتى يكون ممنوعًا، يكفي أن يحوى فكرة تكون حاملة لإيحاء سياسي ،وهو الأمر الذي لا يجدي معه الحذف والمنع لأن الأفكار غالبا ما تكون غير قابلة للتعديل والحذف بل قابلة فقط للمنع،وهو ما حدث مع عدد من الأفلام السينمائية تم منعها من العرض، وباتت تنتظر قرار الإفراج عنها، وعرضها بعدما زالت أسباب منعها. فلام كثيرة منعها التليفزيون المصري طوال السنوات الماضية من العرض، بسبب مهاجمتها بشكل مباشر أو غير مباشر للسياسة القمعية التى كانت تنتهجها أجهزة أمن الدولة وتتحكم بها في جموع المصريين، وذلك في الوقت الذى قامت فيه كثير من القنوات الفضائية العربية مثل "روتانا سينما" بعرض هذه الأفلام دون أية مخاوف أو قيود بل أنها قامت بشراء أصول هذه الأفلام وكانت العبارة الشهيرة في روتانا التى تصاحب برومو العرض لأى فيلم حتى تثير الانتباه، "الفيلم الممنوع من العرض" وكأن التليفزيون يتجاهل أن الفيلم الممنوع متاح للمشاهدة في كل منزل وأن الزمن الذي ارتبطت به عيون المشاهد بالتليفزيون الرسمي قد ولى بلا رجعة. لكن بعد رحيل النظام السابق هل سيفرج التليفزيون المصري عن قائمة الأفلام الممنوع عرضها، وهل سيعرضها كاملة دون حذف أية مقاطع ترمز لشخصيات أو أجهزة بعينها؟!. يأتى في مقدمة الأفلام الممنوعة من العرض "البرىء" الذى لعب بطولته الراحل أحمد زكى ومحمود عبد العزيز وممدوح عبد العليم وتدور أحداثه حول ما شهدته المعتقلات المصرية من تعذيب وأعمال وحشية وقد منع الفيلم لعدة أسباب أهمها أنه رصد وحشية ضباط الشرطة ومدى قسوتهم في التعامل مع المعتقلين وماكانوا يقومون به من تعذيب. كما رفضت وزارة الداخلية عرض الفيلم بحجة أنه تم تصويره فى معتقل حقيقى، وليكن السؤال أنه إذا تم الإفراج عن "البرىء" وعرض على شاشة التليفزيون هل سيسمح بعرض نهايته كاملة دون حذف المشهد الأخير منها والذى يقوم فيه أحمد زكى أو المجند "أحمد سبع الليل" بإطلاق النار على ضباط الشرطة في المعتقل. كما يأتي فيلم "احنا بتوع الأتوبيس" ل عادل امام ويونس شلبي وإسعاد يونس وعبد المنعم مدبولى في صدارة الأفلام الممنوعة، حيث تدور أحداثه حول التعذيب الذي كان يحدث في مصر خلال حقبة الستينيات، وهو عن قصة حقيقية في كتاب "حوار خلف الأسوار" للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي، حيث يبدأ الفيلم بمشاجرة تتم بين "جابر" -عادل إمام-و"مرزوق" عبد المنعم مدبولي داخل الأتوبيس وحينما يذهبون إلى قسم الشرطة يتم حجزهما عن طريق الخطأ المتعمد بتهمة معاداة نظام الحكم، حيث كان يلجأ بعض الضباط لاحتجاز أي شخص لتقفيل ملفات القضايا المفتوحة لديهم، وينتهي الفيلم بقيام حرب 1967 وبتمرد المعتقلين في السجن، وهى الأحداث التى تشبه كثير من الحقبة السياسية التى عاشتها مصر خلال الفترة الأخيرة. أما فيلم "الكرنك" الشهير لسعاد حسنى ونور الشريف ومحمد صبحي، فيحكي عن حالة الاستبداد السياسي والفكري والتعتيم الإعلامى الذي انتهجه نظام الحكم المصري في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وذلك من خلال مجموعة من الشباب الجامعي الذين يتم اعتقالهم دون جريمة بسبب التقائهم في مقهى "الكرنك"، وفي المعتقل يتم تعذيبهم وإجبارهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها، ويتم إجبار البعض منهم على العمل كجواسيس لصالح النظام وأجهزة الأمن داخل الجامعة وكتابة تقارير عن أي نشاط أو فكر معارض. وعن فيلم "وراء الشمس" ل أحمد زكى، وشكرى سرحان، ونادية لطفي ، وتدور أحداثه حول الإجراءات القمعية التى حدثت في مصر بعد نكسة 1967، فبرغم تغير الظروف بل وانعكاسهاحول فترة قصة الفيلم على مدى عصور كثيرة، فلا يزال هذا الفيلم مجهول التفاصيل، إلا أن الخوف من الفكرة التى وراء القصة أو الأحداث وليس زمنها وتوقيتها وهي فكرة واضحة من مجرد اسم الفيلم دون الحاجة إلى التفاصيل.