ترتبط أهمية انعقاد حوار المنامة، الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، خلال الفترة 6-8 ديسمبر 2013، في العاصمة البحرينية، بتوقيت انعقاده، حيث يأتي بعد أيام من توقيع اتفاق جنيف النووي بين إيران ومجموعة 5+1، والذي يمهد لتغير وضع إيران في الإقليم، حيث كان للملف الإيراني تأثيره المهم على جلسات المؤتمر وورش العمل الخاصة به، فضلا عن حضوره في كلمات المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر. وتعد سيطرة إيران كقضية على المؤتمر، ليست جديدة، فمنذ انعقاده الأول في 2004، ظلت إيران حاضرة، بمستويات مختلفة، حيث أحيانا كانت تتم مشاركة ممثل من الخارجية الإيرانية، وأحيانا أخرى، خاصة عندما تكون العلاقات متوترة، كان يتم تجنب توجيه دعوة لها، وقد كان هذا المنتدى بمثابة آلية غير رسمية للحوار بين دول الخليج، والدول التي تمثل مشكلة لها، مثل إيران، وأحيانا العراق، حول القضايا الخلافية. فعلى سبيل المثال، كان نائب وزير الخارجية الإيراني قد شارك في حوار المنامة حول الأمن في الخليج (ديسمبر 2005)، كما نقلت وكالة أنباء فارس خبر دعوة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لحوار المنامة 2013. حرص أمريكي على تطمين الخليج: حرص وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل في كلمته الافتتاحية في المؤتمر، على تطمين دول الخليج، بالتزام الولاياتالمتحدة بتأمين منطقة الخليج، من خلال نظام الدفاع الصاروخي، رغم التوصل لاتفاق جنيف النووي مع إيران، خاصة في ظل تزايد "قلق" دول الخليج، من أن هذا الاتفاق سيترتب عليه تساهل واشنطن مع التهديدات التي تطرحها إيران على أمن هذه الدول. وقد أوضح هيجل، أن الأولوية بالنسبة لإدارة باراك أوباما،هي منع إيران من امتلاك السلاح النووي، من خلال اتباع إستراتيجية شاملة، تجمع بين الأدوات الدبلوماسية، والضغوط الاقتصادية، مع إبقاء الخيار العسكري مطروحا. وعد اتفاق جنيف النووي، بمثابة خطوة، هدفها شراء الوقت لمفاوضات ذات أهمية، وليس بهدف تضييع الوقت، وأن هذا الاتفاق يحل بعد واحد من تهديدات إيران لأمن المنطقة، وليس كل التهديدات. كما أكد هيجل استمرار التزام الولاياتالمتحدة بضمان أمن دول الخليج، وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط من خلال القوة العسكرية، والتي رأى أن لها التزامات غير قابلة للتفاوض، ولا تتأثر بنوع الإدارة الأمريكية، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية. ويرتبط بذلك التزام الولاياتالمتحدة الدفاع عن مصالحها الإستراتيجية في المنطقة، والتي تشمل الدفاع عنها في مواجهة أي اعتداء خارجي، وضمان تدفق حر للطاقة والتجارة ، وتفكيك الشبكات الإرهابية التي تهدد الولاياتالمتحدة أو حلفائها، ووقف انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومثل هذه المصالح، كما أكد هيجل لم تتأثر باتفاق جنيف النووي، أو بتقليص الميزانية الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية. إلى جانب ذلك، أكد هيجل على التزام واشنطن بالاحتفاظ بوجود عسكري قوي في منطقة الخليج، حيث لن تعيد واشنطن ترتيب قواتها في الخليج، والتي يبلغ عددها 35 ألف، أو خططها المستقلة نتيجة الاتفاق مع إيران، وهذا الوجود تستطيع من خلاله واشنطن الاستجابة بسرعة إلى أي أزمة، وردع أي اعتداء، وتأمين حلفائها في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، أعلن وزير الدفاع الأمريكي التزام واشنطن ببناء القدرات العسكرية لدول الخليج، على نحو يسمح باستمرار تغير ميزان القوى العسكري في المنطقة بين إيران ودول الخليج لصالح الأخيرة، من خلال مبيعات السلاح، والتي بلغت قيمتها منذ 2007 حتى الآن، 75 مليار دولار أمريكي. ووفق اتفاقات شراء الأسلحة الأخيرة المبرمة بين دول الخليج وواشنطن، ستحصل هذه الدول على أسلحة بقيمة 11 مليار دولار، تشمل طائرات إف-15 وإف 16. وذلك إلى جانب استمرار التدريبات والمناورات المشتركة. ورغم هذه التطمينات، يظل هناك تيار في دول الخليج، يرى ضرورة أن تكون دول الخليج حاضرة بشكل ما في المفاوضات مع إيران، إما بدافع التخوف من أن يتم إبرام صفقة معها على حساب الخليج، أو بدافع الرغبة في أن يتم التمهيد للانخراط بين الخليج وإيران من خلال هذه المشاركة. وفي هذا الإطار، دعا وزير الخارجية القطري خالد العطية، لضرورة مشاركة دول الخليج في هذه المفاوضات، بسبب كونها جزء من المنطقة، وطرح أهمية أن يكون الحوار بين 5+2، في إشارة إلى ألمانيا ومجلس التعاون الخليجي، وهو مقترح لم يلق رفضا من قبل المشاركين السعوديين في المؤتمر، ولكن لا يبدو أن هناك رغبة أمريكية في إشراك الخليج في هذه المفاوضات حتى الآن.