لم تكد العلاقات المصرية التركية تلتقط قدرًا من أنفاسها بعد امتناع طرفيها عن التصريحات النارية، حتى عاد التوتر من جديد، بعد تصريحات رئيس الوزراء التركي رجب طيب أرودغان ووزير خارجيته أحمد داود أوغلو بخصوص محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي، والمطالبة بضرورة الإفراج عنه بوصفهم معتقلين سياسيين. وهي التصريحات التي أتت على هاش الجلسة الختامية لاجتماع التشاور والتقييم داخل حزبه الحاكم "العدالة والتنمية"، وأججت من حرب التصريحات المتبادلة بين الطرفين. بخلاف الانتقاد الرسمي سواء من الخارجية أو الرئاسة، فقد اعتبرت القوى السياسية مثل هذه التصريحات استمرارًا لمسلسل التدخل التركي بالشأن المصري، وإصرار تركي على مواصلة تزييف حقائق الأوضاع داخل مصر، وتحدي إرادة الشعب المصري، ما يعد تدخلًا غير مقبول من تركيا. وطالبوا بضرورة اتخاذ خطوات جادة، تحمل إنذارًا للجانب التركي بأن استمراره بتلك التصريحات المعادية لمصر ليس في مصلحته، مؤكدين أنها متوقعة منه لكونه لا يري إلا مصلحة جماعة الإخوان المسلمون، بل والمطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية. ووصف شهاب وجيه المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار التصريحات بالعنصرية من قبل جهة لا تري إلا جماعتها المتمثلة بجماعة الإخوان المسلمون، إضافة لاحتقار الدولة المصرية والقضاء المصري. وطالب بضرورة إنذار الجانب التركي بأن استمراره بتلك التصريحات المعادية لمصر ليس في مصلحته وعلي تركيا أن تنظر للمذابح الحقيقية التي ارتكبتها ضد الأكراد والأرمن. ودعا وزارة الخارجية المصرية لاتخاذ كافة الإجراءات الممكنة ضد دولة تعبث بأمن الوطن. فيما قال هشام أبو السعد مساعد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية إن تصريحات أردوغان متوقعة لأن النظام التركي منذ اللحظة الأولي يتبني اتجاه جماعة الإخوان المسلمون، إضافة إلي الاجتماعات المستمرة للتنظيم الدولي للإخوان في أنقرة، ما يعني أن تركيا لا تأخذ موقف محايد، وإنما تعمل ضد الوطن. وأضاف بأن علينا ألا نتوقع سلوك غير ذلك، وإنما المزيد عن طريق دعم الجماعة معنويًا وماديًا بالإضافة لكشف حصول الجماعة علي أموال عن طريق الدبلوماسيين الأتراك. وشدد علي أن العالم يعلم أن كافة الأشخاص المقبوض عليهم في جرائم جنائية وليست سياسية، فلا يوجد معتقل سياسي في مصر مطالبًا الحكومة المصرية بضرورة الحسم تجاه هذه التصريحات المستفزة، وأن للقوي السياسية موقف حازم ضد الحكومة التركية، لأنها تحارب مستقبل الشعب المصري، وهدم خارطة المستقبل ومحاولة إعادة جماعة الإخوان المسلمون مرة أخري. ومن جانبه وصف حسين عبد الرازق القيادي بحزب التجمع، الحكومة التركية بأنها لا تزال تعيش في وهم الخلافة العثمانية، ويعتبرون مصر ولاية تابعة وليس دولة مستقلة ذات سيادة. وشدد علي عدم وجود معتقلين سياسيين في مصر لأن المقبوض عليهم حاليا بناء علي أوامر من النيابة العامة طبقا للقانون بدءًا من الرئيس المعزول وحتى أخر متهم ويحاكموا طبقا للقانون الطبيعي وأمام القاضي الطبيعي، مطالبا بوقف التدخل السافر ورفضه والرد عليه بأشكال مختلفة. كما دعا مجدي شرابيه الأمين العام لحزب التجمع أردوغان بالكف عن التدخل بالشأن المصري قائلاً للبوابة: أنه علاقة لأردوغان بالشئون المصرية، وليس من حقه التدخل في شأن القضاء ومن يحاكم أمامه أو في سياسة الدولة المصرية، فلابد أن يدرك أن الرئيس المعزول يحاكم أمام قضاء عادل وليس من حق إطلاق تصريحات سياسية على المحاكمة، وعليه أن يحترم إرادة الشعب المصري، بل دعا لقطع العلاقات الدبلوماسية مع تركيا نظرًا للتدخل التركي المستمر في الشأن المصري ما يهدد الأمن القومي حسب توصيفه. ومن جانبها قالت هبه ياسين متحدث الإعلامي باسم التيار الشعبي أن محاكمة الرئيس المخلوع جاءت بتهمة قضية قتل المتظاهرين من الشباب السلميين أمام مكتب الإرشاد على يد أنصار الإخوان موضحا أن أمام المحاكمة الجنائية ليس لأي شخص الحق أن يتدخل في ذلك من أحكام القضاء، مشيرة أن علامة رابعة التي تم رافعها بالمحكمة من أنصار الرئيس المعزول تعبر عن اعتصام مسلح إرهابي، وأكدت رفض التيار أي محاولة خارجية للتدخل خارجي في الشئون المصرية. كما أدان حزب مصر الثورة في بيان له تصريحات أردوغان ووزير خارجيته. وأكد رئيس الحزب محمود مهران رفضه التدخل في شئون مصر مستنكراً سلوك الحكومة التركية وإصرارها على تزييف الحقائق والاستمرار في الاعتداء على إرادة الشعب المصري. وأضاف مهران أن محاكمة الرئيس المعزول شان داخلي مصري لا يجوز التدخل فيه مشيراً إلي أن مرسي متهم بالتخابر وقتل المتظاهرين وإهدار دماء الجنود المصريين ومحاوله تقسيم مصر وإشاعة الفوضى بها مؤكداً أن الشعب المصري لن يتراجع عن محاكمته هو وقيادات الجماعة الإرهابية والمطالبة بإعدامهم. وأشاد مهران بموقف الخارجية المصرية وسرعة إصدارها بياناً لإدانة موقف أرد وغان والحكومة التركية. لم يختلف الوضع كثيرًا لدى القوى الثورية، التي انضمت لمعارضة التصريحات التركية. حيث اعتبر محمد عطية عضو المكتب السياسي للتكتل الثوري أن محاكمة مرسي شأن داخلي مصري لا يجوز التدخل فيه، وأن الاتهامات له جنائية وليست سياسية.