تعاقد الخارجية المصرية مع شركة حلوفز الأمريكية لتحسين صورة مصر بالولاياتالمتحدة ومؤسساتها الرسمية، لم يكن مفاجأة بعد تسريب أنباء هذا التعاقد، وإنما كانت المفاجأة في التبريرات الرسمية، وعدم وجود توافق سياسي داخلي على تلك الخطوة ما بين مؤيدي ومعارض. وكالعادة، كأن الأمور تدار بسرية في عالم بات أكثر انفتاحًا مما يعتقد الكثير من السياسيين، اعترفت الخارجية المصرية بالأمس بتعاقدها مع مجموعة جلوفز بارك للعلاقات العامة في منتصف أكتوبر الحالي، للعمل كلوبي مصري داخل الولاياتالمتحدة للدفاع عن مصالح الحكومة عبر التواصل المباشر ومحاولة التأثير سواء على المشروعين داخل الكونجرس أو لدى التنفيذيين بالإدارة الأمريكية. بالرغم من عدم وجود عوائق سياسية أو قانونية أمام تلك الخطوة المصرية، المتعارف عليها داخل الولاياتالمتحدة، حيث سبقت الحكومة المصرية حكومات أخرى بل والتنظيم الدولي للإخوان الذي لجأ لشركات مماثلة داخل الولاياتالمتحدة وخارجها من أجل الدفاع عن ما يعتبره عودة الشرعية وحشد الضغط الدولي على سلطة ما أسماه بالانقلاب العسكري. إلا أن التأخر في إعلان تلك الخطوة بعد الكشف عنها من قبل العديد من الوسائط الإعلامية وتحديدًا الجزيرة، وضعت تلك الخطوة في دائرة الاتهام السياسي، كما أن قيمة التعاقد التي تبلغ 250 ألف دولار شهريًا من دون احتساب تكلفة حملات التسويق الإعلامي بكل أشكالها، ما يرفع هذا الرقم إلى 350 ألف دولار، بما يعادل مليوني جنيه شهريًا. والسؤال هنا: أين دور المؤسسات المنوط بها تحسين صورة مصر الخارجية والدفاع عن مصالحها؟، وهل هذا اللجوء بمثابة اعترف بفشلها في تحسين صورة سلطة الأمر الواقع بمصر؟. أضف لذلك كونها أتت في توقيت سياسي حساس لكلا الطرفين، حيث يطالب من ناحية الكثير من المصريين، برفض المعونة السنوية، وأخذ موقف العداء من إدارة الرئيس باراك أوباما بسبب دعمها للإخوان المسلمين، من ناحية أخرى، تعقد بعد ساعات اللجنة الفرعية للشئون الخارجية بمجلس النواب جلسة نقاش هامة لمناقشة العلاقات مع مصر بعد قرار الإدارة الأمريكية تعليق المساعدات لمصر. فمن جانبه رحب حزب الوفد بمجهود وزارة الخارجية بهذا الإطار. وقال السكرتير العام المساعد لحزب الوفد حسام الخولي لبوابة الأهرام: إن ما حدث يُعد خطوة إيجابية من وزارة الخارجية المصرية، وهذا أحد الأدوار المهمة للوزارة لتوضيح حقيقة ما حدث في 30 يونيو، للغرب لمواجهة اللوبي الغربي الذي يقوده الإخوان، والذي يحاول تشويه الواقع في مصر ويزعمون أن ما حدث انقلاب عسكري ولي إرادة شعبية خرجت لإسقاط حكم الإخوان بعد فشلهم في إدارة البلاد. وأضاف الخولي إلي أن التسويق الخارجي يتم حاليًا عن طريق شركات لها مكانتها، وأصبح عمل احترافيي، ومسموحًا به في الغرب وليس مجرد هواية. وقال الخولي أيضًا: لقد شاهدنا ما فعله الإعلام الغربي مع الإخوان، وهذا كان نتيجة تعاملهم مع مكاتب إعلامية غربية محترفة بهذا المجال وللآسف نجحت إلي حد ما في تشويه ما حدث في مصر. وطالب الخولي بزيادة الجهود المصرية لمواجهة ذلك، لكونه حسب توصيفه، وضحت الرؤية للعالم كلما زاد الأمل في "تفهم" الرؤية والواقع الحقيقي لما يحدث في مصر، وبالتالي سيساهم ذلك في الحد من الضغوط التي تمارس على مصر، وعودة السياحة من جديد بحيث نستطيع أن نبدأ مرحلة البناء الحقيقية لدولة قوية مستقرة. كما ثمن على تلك الخطوة، حزب المؤتمر، وقال عضو الهيئة العليا للحزب محمد موسي: إنها خطوة تأخرت كثيرا وقال موسي في تصريحات لبوابة الأهرام: إنه كان يجب علي الدولة منذ 3 يوليه تفعيل دور الهيئة العامة للاستعلامات فهذه مهمتها في الأساس فلآبد أن تعمل من خلال جميع مكاتبها بالخارج بمختلف دول العالم لتوضيح حقيقة ما حدث بمصر في 30 يونيو، والتأكيد علي أنه ثورة شعبية حماها الجيش كما حمي ثورة 25 يناير وليس انقلابا كما يروجه الإخوان في الإعلام الغربي من خلال لوبي التنظيم الدولي المشبوه لهذه الجماعة، الذي يمول هذه الحملة المغرضة ضد مصر. وبسؤاله عن نجاح جهود الخارجية المصرية بهذه المهمة لمواجهة هذا اللوبي من خلال الحملة الإعلامية للخارجية بالخارج قال موسي: إن هذا صعب خاصة أنه تأخر كثيرًا، ولكنه ليس مستحيلًا إذا أدي كل مسئول دوره الوطني المنوط به، لكشف كذب الإخوان مشيرًا إلي أهمية تواصل المسئولين في سفاراتنا وقنصلياتنا بجميع دول العالم مع الجاليات المصرية والمستثمرين المصريين هناك لمواجهة هذه الهجمة الإخوانية الشرسة، وكشف أكاذيب الإخوان ومؤيديهم وفضحهم في هذه الدول، وبيان حقيقة الأمور بمصر، وأن ما حدث في 30 يونيه كان نابعا من إرادة شعبية مصرية خالصة. كما رحب عمرو علي أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية، بقرار الحكومة المصرية التعاقد مع شركة علاقات عامة أمريكية مشهورة بهدف تحسين صورتها أمام مراكز صنع القرار في واشنطن. ووصف على القرار بالسليم والصائب معللا ذلك بان التعاطي مع واشنطن يتطلب أدوات معينة والضغط علي صانعي القرار وتوضيح الصورة الحقيقية للأحداث، مشيدًا باستخدام الوسائل الأمريكية للتعامل مع واشنطن. وأشار إلي أن شركات العلاقات العامة التي تعمل بهذا المجال منتشرة بصورة كبيرة واستخدامها أمر طبيعي من جانب الأفراد والهيئات أو حتى الحكومات. فيما لقيت تلك الخطوة معارضة من جانب قوى سياسية أخرى، حيث انتقدت مارجريت عازر سكرتير العام لحزب المصريين الأحرار، قرار الحكومة المصرية قائلة إن الدبلوماسية المصرية هي المسئولة عن القيام بهذا الدور وليس الشركات الأمريكية، إضافة إلي الدور الذي تقوم به الدبلوماسية الشعبية المصرية بهذا السياق والتي نشطت مؤخرًا من خلال زياراتها الخارجية. اتفق معها جورج إسحاق، عضو لجنة الخمسين والقيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، معبرًا عن رفضه لتوقيع حكومة الببلاوي مثل هذا التعاقد مع قائلاً: إنها الخطوة لا تليق مطلقًا بمصر. وأضاف إسحاق في تصريحات صحفية أن هذا الدور كان من مهمة وزارة الخارجية والهيئة العام للاستعلامات التي لا نرى لها أي لقاء أو أي حوار خارجي، ونحن يجب أن نعتمد على أنفسنا ووزارة الخارجية، بالإضافة للدعم الشعبي للمصريين بالداخل والخارج، لكي يقوموا بدور مهم في الرحلة القادمة.