كشف مصدر أمني أن منع أجهزة الأمن الدكتور محمد علي بشر من السفر إلى الإمارات كان بغرض الحيلولة دون مشاركته في اجتماعات التنظيم الدولي. وأوضح المصدر خلال تصريح خاص ل"بوابة الأهرام"، أنه في وقت سابق سمح للقيادي الإخواني حسن مالك بالمشاركة في اجتماعات التنظيم الدولي التي عقدت في قبرص وهو ما أدى إلى تعنت الجماعة ورفضها للمصالحة واشتعال الأمور في مصر وإقدامها على حرق أقسام الشرطة ومحاولة إشعال البلاد. ولفت المصدر إلى أنه كان من المنتظر أن يطير بشر من الإمارات إلى باكستان للمشاركة في اجتماعات التنظيم الدولي بلاهور، مشددا أنه على الجماعة في الداخل أن تتخذ قراراتها بمعزل عن التنظيم الدولي إذا أرادوا أن يكونوا جزءا من النسيج المجتمعي المصري. وأكد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أنه من غير المقبول أن يكون هناك فصيل سياسي في مصر ربما يشارك في الحكومة مجددا أو يكون أعضاؤه جزءا من البرلمان يحصل على توجيهات في إدارة شئون البلاد من الخارج. وكشف المصدر أن أصدقاء مقربين من قيادات الجماعة بالداخل نصحوهم بهذا، موضحا أنه قيل لهم بالنص: "عليكم أن تعلنوا بشكل واضح انفصالكم عن التنظيم الدولي، ولكم في إخوان الكويت عبرة عندما تعارضت مصلحة بلادهم مع رؤية هذا التنظيم الدولي فإنهم أعلوا مصلحة بلادهم فوق أي اعتبار". ونجحت "بوابة الأهرام"، في الاتصال بأحد قيادات الإخوان لاستطلاع موقفه، حيث أقر بأن الدكتور بشر بالفعل كان مسافرا إلى الإمارات للتحكيم في قضية دولية وكان من المنتظر أن يشارك في اجتماع التنظيم الدولي في لاهور بباكستان. واستطرد: "الدكتور بشر على خلاف حاد مع قيادات التنظيم الدولي بشأن التعاطي مع ما حدث في مصر بعد 30 يونيو"، مشيرا إلى أن بشر يرى ضرورة العمل على الوصول لصيغة مصالحة وطنية. وكشف المصدر الإخواني أن قيادات التنظيم الدولي ترى أن هناك سيناريوهين لمعالجة الأوضاع في مصر، الأول هو المقاومة اعتمادا على سياسة النفس الطويل والمتمثلة في استمرار المظاهرات والوصول إلى حالة من العصيان المدني السلمي، موضحا أن السيناريو الثاني يتمثل في عسكرة الصراع. وأوضح المصدر أنه بديلا عن سفر الدكتور بشر تم إيفاد أحد عناصر التنظيم ليسلم تقدير موقف للأوضاع في مصر من قيادات الإخوان بالداخل لأعضاء التنظيم الدولي، مشيرا إلى أن هذا العنصر لم يسمح له بالمشاركة في الاجتماعات. وعن ما جاء بتقدير الموقف الذي أرسلته الجماعة في الداخل للتنظيم الدولي، قال المصدر: "إن التقرير أكد على نجاح القوات المسلحة والشرطة في القبض على زمام الأمور في مصر وأن معظم الإجراءات الاستثنائية التي شرعت الحكومة فيها مدعومة شعبيا لاسيما أن الإعلام يقدم لها يوميا عشرات المبررات لوجودها". وأشار المصدر الذي شارك في إعداد تقدير الموقف الذي بحث في اجتماع التنظيم ب"لاهور"، إلى أنه أكد على عدد من النقاط أولاها أنه يجب النظر لما حدث في مصر على أنه جولة من معركة وليس المعركة، موضحا أن إخوان الداخل ينصحون بالذهاب للمصالحة الوطنية وإعادة ترتيب أوراق الجماعة. ولفت المصدر إلى أن تقدير الموقف أكد أن جزءا كبيرا من شباب الجماعة بدأوا يستوعبون صدمة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وأنهم يحمَّلون قيادات الإخوان المسئولية عن ما حدث، مشيرا إلى ضرورة تطوير الخطاب الإخواني لاستيعاب شباب الجماعة الغاضبين. وأقر تقدير الموقف، بأن بعض شباب الإخوان شرعوا في تشكيل مجموعات شبابية منفصلة عن الجماعة رفعت مطالب شبابية ثورية، وأن النصيحة في هذا الإطار تفيد بترك هذه المجموعات الشبابية في التحرك مع نظرائهم من شباب التيارات السياسية الأخرى للضغط على الحكومة الحالية للإسراع في تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة دون تدخل من الجماعة. وحول وضع التنظيم قال تقدير الموقف بالنص: "بالفعل هناك أزمة فالتنظيم في الداخل يعاني من حالة من التفكك بعد قيام أجهزة الأمن بالقبض على ما يزيد على 17 ألف شخص بحسب ما جاء في التقرير، مشيرا إلى أنه ينصح بتصعيد وجوه جديدة بديلة عن الوجوه التي شوهت إعلاميا. وبشأن الدور الذي لعبه الإعلام في الأزمة أضاف تقدير الموقف: "الإعلام لعب دورا مشبوها في تشويه صورة الجماعة إلى جانب تشويه الإعلام المساند للإخوان وأن الفضائيات المساندة للإخوان لم تعد مصدقة بين عموم المصريين". ويرى التقرير أنه من الضروري إعادة فتح قنوات الاتصال مع الإعلام الحيادي وحتى المعادي للإخوان لمحاولة التخفيف من محاولة التشويه أو الرد على الأقل على الحملة المنظمة ضد الجماعة، مشددا على أن إغلاق القنوات الفضائية الدينية المساندة للإخوان أسفر عن وجود فجوة في التواصل مع المواطنين البسطاء الذين يشكلون الشريحة الأهم بين المساندين للإخوان. وشدد التقرير على أنه من الضروري اختيار مراقب عام للجماعة في مصر بعد القبض على الدكتور محمد بديع والمهندس خيرت الشاطر والملاحقة الأمنية للدكتور محمود عزت والحالة الصحية السيئة للدكتور جمعة أمين، عارضا 3 أسماء مطروحة رفض الكشف عنها لتولي هذا المنصب بشكل مؤقت بعضها من داخل الجماعة وبعضها ينتمي إلى التيار الإسلامي. واستفهم التقرير عن الموقف الأمريكي والأوروبي بخاصة أنه لوحظ تراجع الجانبين عن مواقفهم السابقة برفضهم للانقلاب العسكري -على حسب وصف التقرير، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي أكد خلال حواراته مع قيادات الإخوان بالداخل أنه لا مصالحة إلا باعتراف الإخوان بثورة "30 يونيو". واختتم التقرير بالتشديد على مطلب رئيس يتمثل في ضرورة ممارسة ضغوط على الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وجميع الأطراف الفاعلة في الأزمة بمصر للضغط على القيادة العامة للقوات المسلحة لمحاولة التعظيم من المكاسب والحد من الخسائر، مؤكدا أنه لا بديل عن المصالحة الوطنية لحل هذه الأزمة.