أعلنت القوى السياسية المصرية معارضتها الشديدة لاحتمالات توجيه ضربة عسكرية غربية لسوريا على أرضية استخدامها السلاح الكيماوي في غوطة دمشق قبل أيام. واعتبرها الكثير ما يحدث تجاه سوريا بمثابة نسخة مكررة من مزاعم واشنطن في العراق من قبل، مع هواجس أن يتكرر نفس السيناريو في مصر مستقبلاً، وأن الإدارة الأمريكية بدأت تدير الصراع بالمنطقة عن طريق خلق أزمات منفصلة وليس حل الأزمات القائمة، على حد قولهم. وتعليقا علي تلك التهديدات التي اعتبر البعض أنها ربما تقود للتدخل العسكري العربي في سوريا قال عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية: إنني طالبت ومازلت أطالب بعرض الأمر علي مجلس الأمن انطلاقًا من تقرير مجموعة المفتشين الدوليين الموجودين في دمشق حاليًا. وشدد موسي في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام" علي أنه يجب ألا يتم اتخاذ أي خطوة استباقية قبل نظر مجلس الأمن لهذا التقرير المتعلق بالمعلومات الخاصة بالجهة التي تسببت في كارثة الغوطة الشرقية. وأضاف موسي: إنني أجريت وتلقيت أيضا عدة اتصالات أمس واليوم مع عدد من الممثلين الغربيين قي القاهرة والخارج، وأشرت إلي سوابق تاريخية بالعراق حين تم الادعاء بأن هناك أسلحة نووية، وبناء علي هذا الادعاء الفردي الذي صدر من دولة واحدة بدأ الغزو الأمريكي للعراق مع تجاهل مجلس الأمن وهو ما يعاني منه العراق والمنطقة بأكملها حتى الآن، ومن ثم يجب التحسب من هذا السيناريو الذي ينتهي بخراب ودمار كبير وحالة من عدم الاستقرار الإقليمي. ومن جانبه أكد عمرو علي أمين، أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية، أن مشروع الشرق الأوسط مازال مستمرًا بقيادة أمريكية، وأكد على نهج الإدارة الأمريكية التي تعمل علي إضعاف الدول كل فترة محددة وكذلك إضعاف قواتها المسلحة وهو ما حدث في العراق، بعد إنهاك الجيش العراقي في حرب طويلة مع إيران، وما يحدث الآن مع سوريا هو نفس الأمر الذي بدأ في العراق بالحديث عن وجود أسلحة كيميائية واستخدامها من قبل النظام ضد الشعب ثم استصدار قرار من الأممالمتحدة بإقامة منطقة حظر جوي ثم البدء بضربة جوية لأهداف محددة ثم التدخل بقوات برية. وقال أيضًا أن الخطة الأمريكية في سوريا سهلة نتيجة ضعف وتفتت المعارضة السورية لذلك فمحاولة إلصاق استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية ضد السوريين، ما هي إلا ذريعة للتدخل الدولي والقضاء علي سوريا خدمة لأمن إسرائيل فقط. وطالب عمرو الدولة المصرية بضرورة إعادة صياغة المشهد الحالي وزيادة التعاون مع روسيا والصين وغيرهم من الدول المتقدمة تحسبا لمحاولات الولاياتالمتحدةالأمريكية للحرب المستقبلية علي مصر بعد محاصرتها من كافة الجهات والسيطرة علي الأنظمة في الدول المجاورة لمصر، على حسب تعبيره. فيما حذر عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، من قيام واشنطن وحلفائها بضرب سوريا، مما سيشعل المنطقة ويحولها إلي بؤرة للتوتر، الأمر الذي سيدفع بحلفاء سوريا حسب رؤيته لاتخاذ مواقف قوية دعما لدمشق مما يزيد من خطورة التداعيات علي منطقة الشرق الأوسط. وقال إنه في حالة سقوط نظام الأسد، ستكون هناك تداعيات سلبية كبيرة علي واشنطن والأنظمة الموالية لها في منطقة الشرق الأوسط مشيرا إلي أن صمود النظام السوري حتى الآن هو ما يدفع واشنطن والدول الغربية للمضي قدما في محاولة التدخل العسكري في سوريا حماية لأمن إسرائيل، حيث تعتبر الأسد وحلفائه في إيران وبالإضافة لحركة حماس وحزب الله خطرًا كبيرًا علي إسرائيل. أما اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الأسبق والخبير الاستراتيجي، فيري أن واشنطن ستحاول استصدار أولا قرار من الأممالمتحدة يتهم النظام السوري بانتهاك حقوق الإنسان إضافة إلي قائمة اتهامات طويلة منها استخدام الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيها واللجوء للباب السابع الخاص بمجلس الأمن للتدخل في سوريا، وتهيئة الأجواء أمام العالم لهذا الإجراء، ما حدث في ليبيا خير دليل علي ذلك حيث تم فرض عقوبات أولا ثم توجيه إنذار وأخيرًا توجيه ضربة للقضاء علي النظام وهو ما يتوازي مع دعم هذه الدول للمعارضة للسيطرة علي الأوضاع. ونبه إلي أن واشنطن تدير صراع بمنطقة الشرق الأوسط عن طريق أزمات منفصلة، فيما يتعلق بمصر، فالغاية هنا العمل علي إضعاف القدرة المصرية حتى لا تكون سندًا للدول العربية بمنطقة المشرق العربي، تشي التحركات الأمريكية حاليًا بما يمكن أن تقوم به الولاياتالمتحدة تجاه مصر مستقبلاً. فيما اتهم اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي واشنطن وحلفائها بوجود نية مبيتة ونوايا مسبقة للتدخل في سوريا دون انتظار تقرير لجنة الأممالمتحدة حول استخدام أسلحة كيماوية من قبل النظام ضد المعارضة السورية، مما يشير للبحث عن ذريعة للتدخل وهو ما يشكل خطر كبير علي مصر من ناحية الأمن القومي المصري. وحذر من أن سوريا هي النقطة التي تسبق مصر علي حد تعبيره في ظل المؤامرة والخطة الأمريكية لإضعاف مصر وتفتيتها في ظل وجود مخاوف من قيام مصر بدعم سوريا.