أصدر المركز الوطنى للأبحاث والاستشارات (مؤسسة بحثية تعنى بالدراسات والأبحاث الدستورية والقانوينة والسياسية والبرلمانية)، تقريرا مبسطا حول الخريطة الحزبية فى مصر بعد ثورة 30 يونيو. يعتبر التقرير محاولة لإعادة ترسيم الخريطة الحزبية فى مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 ومحاولة تقدير الأحجام النسبية لكل حزب على الساحة وبصورة أخص الأحزاب الدينية. أشار التقرير، إلى أن مصر شهدت ثورتين كبيرتين خلال عام ونصف العام غيرتا بصورة كبيرة شكل الحياة السياسية بوجه عام والحياة الحزبية بشكل خاص فى مصر. لفت التقرير الانتباه إلى حال الأحزاب قبل الانتخابات الرئاسية، حيث بمجرد اندلاع ثورة 25 يناير، وتعديل قانون الأحزاب الذي جعل إنشاء الحزب مشروط بتقديم إخطار بتأسيس الحزب كتابة للجنة الأحزاب مصحوبا بتوقيع خمسة آلاف عضو من أعضائه المؤسسين مصدقا رسميا على توقيعاتهم، واعتبر الحزب مقبولا بمرور ثلاثين يوما على تقديم إخطار التأسيس دون اعتراض اللجنة، كل ذلك ساهم في خلق "فوضى حزبية" تمثلت في ظهور 73 حزبا في فترة لا تزيد على 8 أشهر، ما بين أحزاب إسلامية وليبرالية ويسارية. إلا أن العامل المشترك بين معظم هذه الأحزاب –باستثناء الأحزاب الإسلامية، والأحزاب ذات التمويل المالي الكبير- إنها هشة وقائمة على مبادئ واهية وتمويل مالي شبه معدوم، مما جعلها أحزاب كرتونية لا تضيف شيء إلى الحياة السياسية. أضاف التقرير أن هناك عدة عوامل أسهمت في إضفاء المزيد من التعقيد على الخريطة الحزبية عقب الثورة، يمكن تلخيصها في تغيير بيئة النشاط السياسي في مصر، والانفتاح غير المحدود لمختلف شرايين وقنوات المشاركة السياسية، وما لذلك من انعكاسات على التنافسية الحزبية، وانفراط عقد مختلف التيارات السياسية التي كانت تحسب ككتلة واحدة لفترة طويلة. وارتبطت تلك المتغيرات بالتسرع في تكوين الأحزاب وكأنها هي السبيل الوحيد للمشاركة في الحياة السياسية وعنوان القضاء على الفساد في المجتمع المصري، وتغيير الإطار القانوني، حيث يمكن إرجاع الفوضى الحزبية بعد الثورة لإزالة العوائق القانونية التي اعترضت العمل الحزبي، بحيث بات يمكن لخمسة آلاف عضو فقط، ينتمون لعشر محافظات، تكوين حزب بمجرد إخطار لجنة الأحزاب. وحول حال الأحزاب بعد الانتخابات الرئاسية أوضح التقرير أنه بمجرد الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية، وسيطرة التيار الإسلامي على مفاصل الدولة المتمثلة في السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، وسيطرتها على الحياة النيابية في مصر (مجلس الشعب المنحل، مجلس الشورى)، وأيضا سيطرتها على المجلس القومي لحقوق الإنسان، وكذا المجلس الأعلى للصحافة، وعلى الصحف والجرائد وعلى مؤسسة الإعلام بأكملها، تغيرت معالم خريطة التحالفات الحزبية، حيث زاد عدد الأحزاب السياسية ليصل إلى 83 حزبا سياسيا. انقسمت مصر إلى قطبين كبيرين، القطب الإسلامى والمتمثل في حزب الحرية والعدالة وحزب النور والبناء والتنمية وبعض الأحزاب الدينية الصغيرة مثل الأصالة والفضيلة.أما القطب الآخر وهو كافة الأحزاب الليبرالية وغير الدينية، وبدأت في تكوين جبهة الإنقاذ كتحالف لمجموعة من الأحزاب، إلا أن هذه الأحزاب جميعها لم تستطع أن تقف في وجه الأحزاب الإسلامية، فقط استطاعت الأحزاب الإسلامية السيطرة وبحق على كافة مفاصل الدولة، ولم تعترف على خارطتها بأي أحزاب أخرى. قال التقرير: إنه بعد ثورة يونيو اكتشفنا جميعا أن حملة" تمرد" فعلت ما عجزت عنه كافة الأحزاب الليبرالية، مما تكشف أن الحياة الحزبية في مصر "ليس لها اى معنى أو تأثير"، حتى عندما حاولت بعض الأحزاب أن تقفز على حركة تمرد لم تستطع ذلك. أكد التقرير، أنه بعد ثورة 30 يونيو تلاشت الأحزاب الإسلامية جميعها بما الحرية والعدالة والبناء والتنمية، وانصهرت الأحزاب الإسلامية الصغيرة داخل حزب النور الذي انفرد بالمشهد الحزبي بعد أن قبل أن يكون احد أطراف اللعبة السياسية بعد الثورة، أما الأحزاب الليبرالية فظلت كما هي مثلما كانت عليه قبل الثورة ولم تتعلم الدرس إلى الآن، ومازالت تكتفي بالمبادرات والشجب والتنديد على صفحات الجرائد، والمؤتمرات الصحفية الضعيفة والمفرغة المضمون. جزم التقرير أنه حتى بعد الثورة لم يتغير حال الأحزاب السياسية كما ذي قبل، بل زادت ضعف وتهميش من جانب القوى السياسية جميعها، بما فيها حملة "تمرد". طالب المركز من خلال التقرير، بإعادة هيكلة استراتيجياتها،ووضع مصلحة الوطن فوق الاعتبارات الشخصية والمواقع القيادية والخلافات الشخصية. كما طالب، كل القوى السياسية والأحزاب خاصة أن تبتعد وتتنحى عن اى ظهور اعلامى أو تصريحات لا تهدف إلا لمجرد الظهور فى المشهد السياسي، فقد أن الأوان للعمل الجاد والبعد عن التصريحات الصحفية واستخدام العبارات التي تهدم وتعرقل عجلة الإنتاج وتعرقل مسيرة خارطة الطريق. التحالفات الجادة على أهداف محددة وواضحة، والبعد عن الخلافات الشخصية وحب الظهور، والتكاتف وراء الحكومة الجديدة، ومساعدتها في رسم خارطة مستقبلة تمر بمصر من محنتها. دعا المركز إلى تبنى نظام انتخابي يهدف إلى أن تكون الأحزاب السياسية، وكذا كافة القوى السياسية ترتضيه ويحقق نظرية التمثيل النيابي، والبعد عن الصراعات الفئوية والانتخابية، وحملات التشهير.