قال رامي محسن مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية أنه على الأحزاب خلال الفترة المقبلة إعادة هيكلة إستراتيجيتها ووضع مصلحة الوطن فوق كل الإعتبارات الشخصية، بالإضافة لوجوب عمل تحالفات جادة تقوم على أهداف محددة وواضحة، والبعد عن الخلافات الشخصية، والتكاتف معاً وراء الحكومة الجديدة. جاء ذلك في دراسة منفردة متميزة أعدها المركز الوطني للأبحاث والإستشارات البرلمانية عن "خريطة الأحزاب السياسية" في مصر خلال فترة ما قبل وبعد إنتخابات الرئاسة و بعد 30 يونيو والتي قدم فيها المركز عدة توصيات للأحزاب السياسية لمساعدة الحكومة في رسم خارطة مستقبلة تمر بمصر من محنتها. طالب فيها، كل القوى السياسية والأحزاب أن تبتعد وتتنحى عن أى ظهور إعلامى أو تصريحات لا تهدف إلا لمجرد الظهور فى المشهد السياسي، فقد أن الأوان للعمل الجاد والبعد عن التصريحات واستخدام العبارات التي تعرقل عجلة الإنتاج وتعرقل مسيرة خارطة الطريق. و أضاف أنه بعد تعديل قانون الأحزاب بعد ثور 25 يناير الذي جعل إنشاء الحزب مشروط بتقديم إخطار بتأسيس الحزب كتابة للجنة الأحزاب مصحوبا بتوقيع خمسة آلاف عضو من أعضائه المؤسسين مصدقا رسميا على توقيعاتهم، ويعتبر الحزب مقبولا بمرور ثلاثين يوما على تقديم إخطار التأسيس دون اعتراض اللجنة"، كل ذلك ساهم في خلق "فوضى حزبية" تمثلت في ظهور 73 حزبا في فترة لا تزيد عن 8 شهور، ما بين أحزاب إسلامية وليبرالية ويسارية، إلا أن العامل المشترك بين معظم هذه الأحزاب –باستثناء الأحزاب الإسلامية، والأحزاب ذات التمويل المالي الكبير- إنها هشة وقائمة على مبادئ واهية وتمويل مالي شبه معدوم، مما جعلها أحزاب كرتونية لا تضيف شيء إلى الحياة السياسية. وتابع محسن أنه بمجرد الإعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية، وسيطرة التيار الإسلامي على مفاصل الدولة المتمثلة في السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، وسيطرتهم على الحياة النيابية في مصر (مجلس الشعب المنحل، مجلس الشورى)، وأيضا سيطرتهم على المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس الأعلى للصحافة، وعلى الصحف والجرائد وعلى مؤسسة الإعلام بأكملها، تغيرت معالم خريطة التحالفات الحزبية، حيث زاد عدد الأحزاب السياسية ليصل إلى 83 حزب سياسي. وأشار أنه في هذه الفترة انقسمت مصر إلى قطبين كبيرين، القطب الاسلامى والمتمثل في حزب الحرية والعدالة وحزب النور والبناء والتنمية وبعض الأحزاب الدينية الصغيرة مثل الأصالة والفضيلة، أما القطب الآخر وهو كافة الأحزاب الليبرالية وغير الدينية، والتي بدأت في تكوين جبهة الإنقاذ كتحالف لمجموعة من الأحزاب. وقال محسن أن الدراسة أثبتت أن الحياة الحزبية في مصر خلال الفترة المذكورة، كانت الأحزاب الدينية وحزب الحرية والعدالة تطبق "ديمقراطية الهوهوة" بمعنى أنت تقول ما تشاء لكن في النهاية لن يكون إلا ما يقره مكتب الإرشاد -على حد وصفه- ، أما الأحزاب الليبرالية فقد كانت ضعيفة هشة سيطرت عليها حالة الإنقسامات الداخلية مما ساعد في تمهيد و تهيئة المشهد فى الشارع السياسي لسيطرة أحزاب تيار الإسلام السياسي التي كانت منطمة إلى حد ما. وأكد أن حركة تمرد فعلت ما عجزت عنه كافة الأحزاب الليبرالية، مما تكشف أن الحياة الحزبية في مصر "ليس لها اى معنى أو تأثير"، بل أن بعض الأحزاب أرادت أن تقفز على حركة تمرد و لكن لم تستطع. وهنا وجه رامي محسن سؤال لكافة القوى السياسية في مصر أين أحزابكم بعد نجاح ثورة 30 يونيو، فالأحزاب الإسلامية قد تلاشت جميعها بما فيها الحرية والعدالة والبناء والتنمية، وانصهرت الأحزاب الإسلامية الصغيرة داخل حزب النور الذي انفرد بالمشهد الحزبي بعد أن قبل أن يكون احد أطراف اللعبة السياسية بعد الثورة، أما الأحزاب الليبرالية، ظلت كما هي مثلما كانت عليه قبل الثورة ولم تتعلم الدرس إلى الآن، ومازالت تكتفي بالمبادرات والشجب والتنديد على صفحات الجرائد، والمؤتمرات الصحفية الضعيفة والمفرغة المضمون. وإختتم رامي قائلاُ أن مضمون الدراسة إثبات أنه لا يوجد في مصر حياة حزبية و برلمانية حقيقية ويسود المشهد السياسي حالة من "الفوضى"، كما إننا نستطيع أن نجزم أن حتى بعد الثورة لم يتغير حال الأحزاب السياسية كما ذي قبل، بل زادت ضعف وتهميش من جانب القوى السياسية جميعها، بما فيها حركة تمرد.