تنشغل العديد من الأوساط الاقتصادية في العالم بالتغييرات التي تشهدها دولة قطر وما إذا كانت ستؤثر في السياسات الاستثمارية لصندوقها السيادي، خصوصًا بعد أن طالت التغييرات إدارة الصندوق الذي يعتبر واحداً من أكبر صناديق الاستثمارات السيادية بالعالم، وهي التغييرات التي عززت من التوقعات بأن سياساته الاستثمارية ستتغير. كان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد أصدر أمرين يتم بموجبهما إعادة تشكيل مجلس إدارة "صندوق قطر السيادي" بحيث يتولى هو نفسه رئاسة المجلس، إضافة إلى تعيين أحمد السيد رئيساً تنفيذياً للصندوق. ويذهب الكثير من المحللين الى أن قطر تجري عملية مراجعة لسياساتها الاستثمارية التي قامت خلال السنوات الماضية على التوسع بالعالم وفي مختلف القطاعات، حتى ذهبت جريدة "لوموند" الفرنسية إلى القول إن "قطر تشتري العالم"، وذلك بعد أن دخلت في استثمارات عملاقة ببريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وتتراوح الاستثمارات التي يديرها صندوق الاستثمارات السيادية القطري بالعالم بين 100 و150 مليار دولار، وتتنوع استثماراته على مختلف القطاعات وفي العديد من دول العالم. وقالت جريدة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن دولة قطر تجري عملية مراجعة لمشوارها الاستثماري منذ العام 2007 وحتى الآن من أجل الوصول إلى استراتيجية استثمارية جديدة. ونقلت الصحيفة عن مصدر قريب من الصندوق السيادي القطري، قوله إن الاعتقاد السائد هو أنهم دفعوا أكثر من اللازم خلال الفترة الماضية وذهبوا إلى حد بعيد في ذلك، وتابع، "إنهم يريدون إزالة الانطباع بأنهم صائدو فرص..إنهم يريدون إبرام صفقات منطقية تجارياً". وبحسب "فايننشال تايمز" فإن عملية المراجعة التي تجريها هيئة الاستثمار القطرية تأتي في إطار مراجعة داخلية أوسع وأكثر شمولاً تجري في قطر بالتزامن مع انتقال السلطة والتحول السياسي الذي تشهده البلاد. وبحسب مصادر في هيئة الاستثمار القطرية فإن شركتين متخصصتين تم التعاقد معهما منذ العام الماضي للمساعدة في عملية المراجعة وتقييم العمليات الاستثمارية التي يجري الصندوق السيادي القطري. ويسود الاعتقاد بأن قطر ستقوم بتغيير سياساتها الاستثمارية في العالم والتي تقوم على التوسع واقتناص الفرص والاستفادة من الأزمة المالية العالمية التي أوجدت الكثير من الفرص الجديدة. يذكر أن الرئيس التنفيذي السابق لشركة "قطر القابضة" أحمد السيد، والذي أصبح رئيسًا تنفيذيًا لصندوق قطر السيادي هو "عراب" أبرز الصفقات التي قام بها صندوق قطر السيادي، عبر ذراعها الاستثمارية الدولية، شركة "قطر القابضة" التي تولى السيد منصب رئيسها التنفيذي، ويلقب بقناص الفرص التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية في أوروبا. وأسس صندوق قطر السيادي شركة "قطر القابضة" لتكون ذراعه الطولي بأسواق المال العالمية وممثلا له بعمليات الاستحواذ على حصص كبرى الشركات العالمية. كما أسس صندوق "دلتا 2" ليكون إحدى الأذرع الاستثمارية، إضافة إلى شركة "ديار للاستثمار العقاري" الذراع الاستثمارية للجهاز في القطاع العقاري، فيما تمثل شركة "حصاد الغذائية" ذراعه الاستثمارية في القطاع الزراعي. ولدى صندوق قطر السيادي استثمارات واسعة بمختلف أنحاء العالم، الا أن أبرزها استثماره في بنك "باركليز" البريطاني العملاق، حيث تمتلك قطر حصة 12.7% من البنك، وذلك بعد قيام المصرف برفع رأسماله في شهر أكتوبر من العام 2010. وفي شهر مايو من العام 2010، اشترت دولة قطر متجر "هارودز" وسط لندن، وهو واحد من أهم وأفخم وأشهر مراكز التسوق في العاصمة البريطانية. وفي أواخر العام 2012، اشترت دولة قطر نادي باريس ساينت جيرمان الرياضي الفرنسي، لتستثمر فيه أكثر من 340 مليون دولار. وفي بداية العام الحالي 2013 أعلنت دولة قطر أنها ستستثمر خمسة مليارات دولار في مشاريع بتروكيماوية في ماليزيا خلال السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة.