عقدت اليوم الاثنين، بمقر جامعة الدول العربية الدورة الرابعة للجنة العربية لحقوق الإنسان برئاسة المستشار عبد الرحيم العوضي مساعد وزير الخارجية الإماراتى للشئون القانونية، رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان "لجنة الميثاق"، وذلك لمناقشة التقرير الوطني لدولة قطر بشأن الحقوق والحريات المنصوص عليها في الميثاق العربي لحقوق الإنسان والمقدم للجنة باعتبار قطر إحدى الدول المصدقة علي الميثاق العربي لحقوق الإنسان. فى كلمته أمام الاجتماع أكد يوسف العوضي أن لجنة حقوق الإنسان العربية تعد أول آلية عربية عهد إليها الميثاق الاضطلاع بتلقي تقارير الدول الأعضاء ومناقشة تلك التقارير من خلال حوار تفاعلي وصولا إلى إصدار توصيات يتم رفعها لمجلس الجامعة وكذلك نشرها علي نطاق واسع حسب نصوص الميثاق، موضحا أن إنشاء هذه الآلية لا يتناقض مع مبدأ عالمية حقوق الإنسان الذي تعد الدول العربية جزءا منها وذلك في ضوء تبني الدساتير العربية لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالإضافة إلى انضمام الدول العربية على مختلف الصكوك المنبثقة عن الإعلان. وقال العوضى إنه وفقا لإعلان فيينا لعام 1993 فإن مبدأ عالمية حقوق الإنسان لا يمنع أية مجموعة من وضع اتفاقيات وإنشاء آليات إقليمية أو دون إقليمية لتعزيز وتقوية كل ما يشكل خصوصية هذه المجموعة، لافتا إلى أن الآلية الجديدة ما هي إلا خطوة في مشوار طويل يتطلب التحلي بالموضوعية والرؤية الثاقبة للأمور من واقع المسئولية والحرص علي التزام منهجية واضحة في تقييم التقارير وذلك بالتعاون مع الدول الأطراف من أجل الوصول لتحقيق الهدف المنشود والمتمثل في صيانة الحقوق التي نص عليها الميثاق. وبين أن انعقاد الدورة الرابعة للجنة يتزامن مع ما يشهده العالم العربي من تغييرات مهمة معربا عن أمله فى أن تكون أحد ثمار هذه التغييرات الاحترام التام لحقوق الانسان ليس فقط تلك الحقوق التي يطلق عليها الحقوق والحريات الأساسية كالحق في الحياة وحرية الرأي والتعبير والمساواة وعدم التمييز ولكن تشمل أيضا الحقوق الأخري. وفي ختام كملته عبر العوضى عن شكره لدولة قطر علي تقديمها هذا التقرير وتعاونها مع اللجنة في عقد ورشة العمل التعريفية. وقد ترأس وفد قطر إلى الاجتماع الشيخ أحمد بن محمد بن جبر آل ثاني، مساعد وزير الخارجية القطرى لشئون التعاون الدولي، وبحضور سيف المقدم البوعينين، سفير دولة قطر بالقاهرة، ومندوبها الدائم لدي جامعة الدول العربية ووفد رفيع المستوي من وزارات الخارجية والداخلية والعمل والشئون الاجتماعية والعدل والمجلس الأعلي للتعليم والمجلس الأعلي لشئون الأسرة والمجلس الأعلي للصحة والأمانة العامة للتخطيط. وقد أكد بن جبر خلال عرضه لتقرير بلاده أمام اللجنة أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان خياراستراتيجي للدولة القطرية حيث يشكل العمود الفقري لسياسة الإصلاح الشامل (الدستوري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي) التي تنتهجها الدولة وهو ما انعكس في تطوير وتقوية البنية التحتية لحقوق الإنسان علي مستوياتها التشريعية والمؤسسية، وتم التأكيد علي ذلك في الرؤية الشاملة للتنمية (رؤية قطر الوطنية 2030 ) والتى تشمل محاور مهمة تمس القضايا الرئيسية لحقوق الانسان في مجالات التعليم والصحة وحقوق العمالة الوافدة وتمكين المرأة وحقوق الطفل وكذلك استراتيجية التنمية الوطنية (2011-2016. وعبر بن جبرعن تقدير بلاده وإيمانها بأهمية إنشاء آلية عربية لتعزيز وحماية مبادئ حقوق الانسان بالمنطقة العربية مشيرا إلي أن هذا التقرير هو ثمرة عملية تشاورية واسعة ونتيجة للتنسيق والتعاون والشراكة الموسعة مع جميع فئات وشرائح المجتمع وأصحاب المصلحة من ذوي الصلة موضحا أن الدولة وضعت خطة عمل لإعداد التقرير الوطني شملت تشكيل لجنة وطنية بقرار من مجلس الوزراء في اجتماعه العادي رقم (20) للعام 2011 برئاسة وزارة الخارجية وعدة جهات حكومية معنية وتم ارسال التقرير الي اللجنة الوطنية لحقوق الانسان للاستئناس بملاحظاتها. وقال إن جهود دولة قطر لحماية حقوق الإنسان مبني علي الدستور الدائم للدولة والذي تضمن المبادئ الرئيسية الموجهة لسياسة الدولة بما في ذلك التأكيد علي مبادئ الفصل بين السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء وكفالة الحقوق والحريات الأساسية وهو ما أكده الدستور القطري لعام 2004 في بابه الثالث المواد 34 و58 للحقوق والحريات الأساسية حيث تبني مبدأ التكاملية والتداخل والترابط وعدم التجزئة فكفل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية والاجتماعية علي حد سواء كما أكد علي عدم التضييق علي هذه الحقوق أو الانتقاص منها بحجة تنظيمها أو تعديلها فنصت المادة (146) علي انه لا يجوز تعديل الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات العامة إلا في الحدود التي يكون الغرض منها منح المزيد من الضمانات لصالح المواطن. وأوصح بن جبرأن دولة قطر صادقت وانضمت إلي العديد من الاتفاقيات المعنية بحقوق الانسان علي المستوي الدولي والاقليمي وذلك في إطار تعزيز وتقوية البنية التشريعية لحقوق الإنسان ووفقا للمادة 6 من الدستور فإن الدولة تحترم المواثيق والعهود الدولية وتعمل علي تنفيذ هذه الاتفاقيات الني تكون طرفا فيها موضحا أنه لم تقتصر مظاهر الاهتمام بحقوق الانسان علي المجال التشريعي فحسب بل تعدي ذلك لتشمل البناء المؤسسي والاستراتيجي والسياسات والبرامج التي سعت لترجمة الحماية التشريعية لحقوق الإنسان إلي واقع ملموس فقد تم انشاء وتأسيس العديد من المؤسسات المعنية بحقوق الانسان بمفهومها الشامل الغير قابل للتجزئة علي المستوي الحكومي وغير الحكومي. ولفت إلي أن هناك تطورات تلت تقديم التقرير للجنة حقوق الإنسان العربية حيث جاءت دولة قطر في المرتبة 36 من مجموع 186 دولة وفقا لتقرير التنمية البشرية الدولي لعام 2012 متقدمة بذلك علي جميع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث تعكس هذه المرتبة مدي التقدم والنمو الذي حققته الدولة في مجال التنمية البشرية حيث ارتفع مؤشر التنمية البشرية في الدولة من 0.828 في عام 2005 إلي 0.834 في عام 2012 وهو يعكس التطور الكبير في مجالات التعليم والصحة والناتج المحلي الاجمالي كما أن الدولة مستمرة في سياستها الانفتاحية نحو استضافة المؤتمرات العالمية التي تعني بقضايا التنمية والديموقراطية وحقوق الانسان وتعزيز ثقافة السلام، كما أنه تم صدور قرار اميري رقم 75 لسنة 2011 بانشاء هيئة الرقابة الإدارية والشفافية كما تم وضع مشروع الخطة الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الانسان في دولة قطر والتي تقوم باعدادها اللجنة الوطنية لحقوق الانسان بالتشاور مع الجهات المعنية في الدولة كما صدر قانون رقم 5 لسنة 2001 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر والذي يعد خطوة مهمة في إطار جهود دولة قطر حماية ضحايا جرائم الاتجار من الاطفال والنساء والأطفال والعمالة الوافدة كما تم المصادقة علي اتفاقية وحماية وتعزيز تنوع اشكال التعبير الثقافي كما تم انشاء اللجنة الوطنية للقانون الدولي والتي تهدف إلي اسداء النصح والمشورة للحكومة ومساعدتها علي تطبيق مبادئ القانون الدولي الانساني كما ان دولة قطر ملتزمة بتوفير حراسة أمنية وإنسانية وتتسم بالسلامة للأشخاص المحبوسين. وأقر بن جبر بوجود صعوبات مؤقتة تواجه دولة قطر في سبيل تنفيذ بنود وأحكام الميثاق العربي بشكل افضل منها الزيادة الكبيرة وغير المسبوقة في عدد سكان الدولة في السنوات الأخيرة والتي بلغت أكثر من 100% والتنوع الديمغرافي لطبيعة الوافدين وحداثة التطور التشريعي والمؤسسي وحداثة التعامل مع الآليات الدولية المعنية بحقوق الانسان، إضافة إلي القدرات الفنية للكادر البشري التي لا تزال في مرحلة البناء والتطوير لافتا إلى أنه من المنتظر ان تستفيد دولة قطر من أنشطة وبرامج مركز الأممالمتحدة للتدريب والتوثيق في مجال حقوق الإنسان لجنوب غرب آسيا والمنطقة العربية بالدوحة في تذليل بعض هذه الصعوبات لكنه اشارفى الوقت نفسه إلى بلاده حققت مكاسب ملحوظة في فترة وجيزة من الوقت غير أنها تتطلع إلى المزيد منها من خلال الاستمرار والعمل كعضو نشط في المجتمع الدولي لتعزيز تلك الإنجازات وتحسين أداء الجهات المعنية بحقوق الإنسان من خلال تبادل الخبرات والاستفادة من أفضل الممارسات الدولية في هذا الشأن.