خلال أزمة الجنود المختطفين في سيناء دعت الرئاسة أحزاب المعارضة لحوار وطني شامل من أجل بناء توافق وطني ومعالجة تحدى بدا الأخطر من نوعه على مصر، ولكونه استهداف المؤسسة العسكرية، وهيبة الدولة معها. إلا أن جبهة الإنقاذ الوطني رفضت قبول الدعوة رسميًا رغم تسلمها خطابا بهذا المعني، على أمل أن تساهم الأزمة في زيادة تآكل مشروعية الرئاسية ورصيد الإخوان في الشارع، الذي كانت صدمته المعنوية من الأزمة أكبر وعمق مما يعتقد الكثير. ووصف رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الدكتور محمد أبو الغار الجلوس مع الرئيس بأنه مضيعة للوقت، وأن الجبهة تتجه للعمل المنفرد وتشكيل حكومة ظل، بعد الانتهاء من البرلمان الموازي. وبعد انتهاء الأزمة، جدد الرئيس محمد مرسي دعوته للحوار الوطني من جديد مع أحزاب المعارضة، دعوة أكدت عليها العديد من القوى الإسلامية الرئيسة بما فيه حزب الحرية والعدالة، إلا أن مواقف أحزاب جبهة الإنقاذ اتسمت أيضًا بقدر على من الاختلاف الذي أكد ليس عدم وجود توافق عام سياسي بينها فحسب، وإنما أيضًا رفضها مبدأ الحوار في تلك اللحظة التي يشعر بها التيار الديني بأكبر إنجاز حققه، وهو الإفراج عن الجنود، حسب تصور هذا التيار. فمن جانبه أعرب رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد سعد الكتاتني عن أمنياته أن يتراجع ما أسماهم البعض عن مواقفه السابقة التي تصر على العزلة السياسية ومقاطعة الحوار الوطني. وكان الحزب قد أصدر بيانًا ظهر اليوم دعا فيه بقية الأحزاب والقوي الوطنية إلي الاستجابة لدعوات الحوار للمساهمة في بناء مصر، والنهوض بها، خاصة في المواقف التي تتطلب الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة أي خطر يهدد أمن الوطن وسلامة أبنائه. ومن جانبه، اعتبر الدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور، أن التحديات التي تواجه مصر حاليًا وأصعب على أي فصيل واحد أو حزب أن يقوم بهذه المهمة الصعبة بمفرده, مشيراً إلى أن الإفراج عن الجنود يُعد فرصة للمصالحة الوطنية جامعة للمّ الشمل والتعاون الحقيقي بين كل أبناء الشعب من أجل الوصول بمصر إلى بر الأمان. إلا أن أعنف هجوم شن على جبهة الإنقاذ كان من الدكتور مراد علي المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة، الذي قال عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك :" أتمني من أحزاب الأقلية ( أعضاء جبهة الإنقاذ ) التي لم تستجب لدعوة الرئيس ورفضت التعاون معه لإطلاق سراح جنودنا المختطفين أن يراجعوا مواقفهم، فالديمقراطية تستلزم أن تتعاون الأقلية مع السلطة، وألا تمتنع عن مد يد المساعدة خاصة في القضايا القومية. لقد خسرت جبهة الإنقاذ كثيرًا بمواقفها الأخيرة التي تبدو وكأنها محاولات لإفشال الرئيس، حتى ولو علي حساب معاناة الشعب البسيط. أما داخل تيار المعارضة، فقد تباينت ردود ومواقفها أحزابها حول تجديد دعوة الحوار الوطني،إذ أكد الدكتور عبد الله المغازى المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، أن الجبهة على استعداد تام للحوار الوطني، ولكنه ربطها باستجابة الرئاسة لمطالب جبهة الإنقاذ، لكون الجبهة لم تفقد الأمل في الحوار حتى تلك اللحظة حسب وصفه. وحدد المغازي أهم مطالب الجبهة في: تغيير حكومة الدكتور هشام قنديل؛ حل أزمة النائب العام؛ وتطبيق التصويت الإلكتروني في الانتخابات البرلمانية القادمة لإنهاء أزمة الثقة فيما يتعلق بقاعدة بيانات الناخبين ومشكلة التصويت ببطاقة الرقم القومي خصوصًا أن منظومة التصويت الإلكتروني جاهزة وهى أقل تكلفة من الانتخابات العادية ويمكن للمواطن البسيط غير المتعلم أن يعيها في أقل من شهرين من الآن. أما من جانبه، فقد قال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عبد الغفار شكر، أنه لابد من ضمان وجود قضايا محددة يجري مناقشتها، وأن تكون توصيات هذا الحوار ملزمة للرئيس يتم تنفيذها بشكل عاجل. فيما طالب عمرو علي أمين الإعلام بحزب الجبهة الديمقراطية الرئيس بإعطاء ضمانات حقيقية لإجراء الانتخابات البرلمانية تؤمن الشفافية التامة وحيادية أجهزة الدولة قبل البدء في حوار فعال مع كافة القوي السياسية. أما مجدي حمدان القيادي بجبهة الإنقاذ وأمين العمل الجماهيري بحزب الجبهة، فقد انتقد دعوة الرئيس لحوار بين كافة القوي السياسية للانطلاق بمصر نحو مستقبل أفضل دون وجود محددات للحوار أو أجندة محددة للنقاش. ومن جهته أكد خالد داود المتحدث الإعلامي باسم جبهة الإنقاذ أن الجبهة كانت، ومازالت ترحب بمبدأ الحوار، لكن بعد تجارب مريرة عديدة، تولدت لديها أزمة ثقة لديها في مدى التزام مؤسسة الرئاسة بوعودها. مشيرا إلي أن الجبهة ترحب بتجديد دعوة الحوار الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسى اليوم الأربعاء، بشرط إثبات حسن النوايا أولا من خلال وقف مناقشة مجلس الشورى ( الغرفة الثانية للبرلمان المعنية بالتشريع مؤقتًا ) لمشروع قانون السلطة القضائية. وأضاف داود: لن نبدأ بالمطالبة بتحقيق مطلب كإقالة رئيس الوزراء أو النائب العام، لكن نطلب على الأقل إثبات حسن النوايا من خلال وقف الهجوم على السلطة القضائية بشكل أساسي، فلتكن أقوال الرئيس أفعالا وخطوات عملية أكثر، لأنه يملك بكل تأكيد وقف مهزلة السطو على سلطة القضاء. واختتم داود تصريحاته ل"بوابة الأهرام" قائلا: إن الرئيس مرسى لديه الآن فرصة ذهبية لأن يقدم بوادر لحسن نواياه كرئيس لكل المصريين، خاصة أن مسألة ملف الجنود المختطفين أثبتت حاجتنا لحكومة قادرة قوية تدير شئون البلاد، وبناء عليه يجب على الرئيس أخذ خطوات عملية في هذا الاتجاه. إلا أن أعنف هجوم على دعوة الحوار أتت من الدكتور محمود العلايلى المتحدث باسم لجنة الانتخابات بالجبهة، الذي أكد أن دعوة الرئيس للمعارضة بالحوار هي أكبر دليل على أن الرئيس يمر بأزمة طاحنة، حيث حملة تمرد التي قد تطيح به من الحكم وأيضا أزمات أخرى متلاحقة. كما قال شهاب وجيه المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار أن المعارضة لن تلبي الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس، إلا إذا كان جادًا ولبي المطالب الرئيسة للمعارضة التي تتمثل في: إعادة كتابة الدستور من جديد لكي يكون معبرًا عن كل المصريين؛ تغيير حكومة رئيس الوزراء هشام قنديل؛ اتخاذ خطوات جادة لإجراء الانتخابات البرلمانية بشفافية ونزاهة سياسية؛ إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في مصر. وأتهم الرئيس وجماعة الإخوان بأنهم واهمون أن اعتقدوا أن الأزمة ساهمت في زيادة شعبيتهم لدى المصريين.