انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة بالغة الخطورة وحديثة على المجتمع المصرى هي إقدام مواطنين من مختلف الفئات والأعمار على الانتحار، وتشير الدلائل إلى أن الفقر والبطالة وغلاء الأسعار تلعب دورًا رئيسيًا في هذه الظاهرة بالإضافة إلى قضايا الشرف والفشل الدراسى والاضطرابات النفسية التي يعانى منها البعض. بداية يعرف أطباء علم النفس الانتحار أنه التصرف المتعمد من قبل شخص ما لإنهاء حياته تخلصا من مرارة الحياة لشعوره بألم انفعالي غير محتمل يعكس فشله وعدم حاجته لاستمرار الحياة. وقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وقوع 104 آلاف محاولة انتحار في مصر خلال عام 2009 وأغلبهم من الشباب في المرحلة العمرية من 15 إلى 25 عامًا بنسبة تقدر 66.6%، والغريب أن معدلات الانتحار فى تزايد مستمر، فمنذ أربع سنوات فقط وتحديدًا عام 2005، شهدت مصر 1160 حالة انتحار إلا أنه ارتفع إلي 2355 في 2006، ثم واصل ارتفاعه إلى 3700 حالة في 2007، ليصل إلى 4200 في 2008 ثم يكسر حاجز الخمسة آلاف منتحر في عام 2009 بمتوسط 14 حالة انتحار يوميًا لنقارب أعلي معدلات الانتحار عالميا. ويؤكد الدكتور لطفي الشربيني إخصائي الطب النفسي أن نسبة معدلات الانتحار في الرجال تتزايد مقارنة بالسيدات بمعدل 3 أضعاف بينما تزيد معدلات محاولات الانتحار التي لا تنتهى بالقتل الفعلي عند المرأة مقارنة بالرجال. وأضاف أخصائي الطب النفسي أن أكثر أساليب الانتحار انتشارا بين الرجال هي استخدام الأسلحة النارية والشنق والقفز من أماكن والقفز من أماكن مرتفعة ومؤخرا بإشعال النيران فى أنفسهم، أما بين المرأة فيكون الانتحار بتناول جرعات زائدة من الأدوية أو السموم. وتزيد معدلات الانتحار مع تقدم السن بعد 45 سنة بين السيدات والرجال بعد سن 55 سنة، كما تزيد فرص نجاح إتمام الانتحار كلما تقدم السن، وتصل معدلات الانتحار في كبار السن إلى 25% من مجموع حالات الانتحار رغم أنهم يمثلون نسبة 10% فقط من مجموع السكان. وتزيد معدلات الانتحار في غير المتزوجين وخصوصا الأرامل والمطلقين، فالزواج وإنجاب الأطفال يعتبر من العوامل التي تحد من الإقدام على الانتحار. كما تزيد المعدلات بين الأشخاص الذين قاموا قبل ذلك بمحاولات لإيذاء النفس سواء كانت بطريقة جادة أو لمجرد لفت الانتباه وبين الأشخاص الذين يعانون من العزلة الاجتماعية، أو الذين أقدم أحد أفراد أسرهم على الانتحار ويشير الشربيني إلى أن هناك بعض المهن ترتبط بمعدلات عالية من الانتحار، وتزيد المعدلات بين العاطلين عن العمل الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة فيحدث حالة من الإحباط العام، ويسيطر على المنتحر الشعور بانهيار المستقبل فلا يجد أمامه سوى إنهاء حياته. ويري أن حالات الانتحار ترتبط بالإصابة ببعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والإدمان، كما تقل معدلات الانتحار في فترات الحروب وفترات الانتعاش الاقتصادي بينما تزيد في الفترات التي يحدث فيها كساد اقتصادي.. وتقول الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن عام 2009 و2010 شهد أكبر عدد من حالات الانتحار بين مختلف الأعمار، وأرجعت السبب الرئيسي وراء ذلك إلي الحالة الاقتصادية وانتشار حالات البطالة العامة بنسبة 90% بين حالات المنتحرين، خاصة أنهم يحاولون جذب والانتباه إليهم بمحاولة الانتحار فى أماكن عامة حتى يشعر بهم المسئولون، ويرجع ذلك لعدم وجود قنوات شرعية لتقديم الخدمة الصادقة لمساعدة المواطنين والعمل على حل مشاكلهم.