اشتدت حدة الجدل السياسي حول تأثيرات حملة تمرد على ممارسة السياسة النظامية، لكون العودة للفضاء العام تؤثر سلبيًا على جهود بناء المؤسسات القوية، سواء داخل السلطة أو المعارضة ودعم ثقافة الديمقراطية، فهناك من يتفق مع هذا الطرح، وهناك من يعارضه باعتبار أن اللجوء للشارع حق سياسي لا ينقص من فاعليةالعمل الحزبي. نبيل عبد الفتاح، خبير الاجتماع السياسي، وصف عودة السياسة مرة أخرى للمجال العام ب"الضربة" المؤثرة لهياكل وتنظيمات المعارضة الرسمية، التي سيطر عليها الشيوخ وأقصوا الشباب منها، كما أثبتوا قدرًا كبيرًا من العجز عن مواجهة السلطة برؤى وسياسات بديلة وخلاقة وليس الاكتفاء بالمعارضة، واعتبر أن ما يحدث هدم لقيم الحداثة السياسية، التي تنقل السياسة من المجال العام الجماهيري إلى المجال المؤسسي القادر على إحداث التراكم المعرفي في الممارسات السياسية لخدمة الثقافة الديمقراطية الأصيلة. اتفق مع عبدالفتاح في تلك الرؤية ولكن بشكل أقل حدة جلال مرة، أمين عام حزب النور، مؤكدًا أن مصر الآن في حاجة ماسة لبناء المؤسسات سواء السيادية أو تلك التي في المعارضة لتأكيد سيادة القانون من خلال العمل المؤسسي، الذي ينظم التفاعلات السياسية بما فيها آلية التغيير في هياكل ومؤسسات الدولة، واعتبر أيضًا أن العودة لأشكال الاحتجاج الجماهيري بالشارع بمثابة إهدار للوقت والدوران في حلقة مفرغة، فالرئيس أتى عبر إرادة شعبية حرة، من يحاول القفز على تلك الإرادة من خلال عمل غير مؤسسي يُعد مخالفا للدستور، "فنحن نريد بناء المؤسسات لا أن نضعفها"، حسب وصفه. أما الدكتور عماد جاد، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، فقد ألقى باللوم السياسي على النظام والمعارضة معًا بقوله: "حملة تمرد فكرة شبابية مصرية ردًا على فشل الرئاسة من ناحية وبطء المعارضة في مواجهة النظام من ناحية أخرى، ومن ثم فهي فشل مزدوج، إلا أنه للأسف سيطرت عليه فريضة التفكير بالأماني التي تشغل حيزًا كبيرًا من المعارضة بأن ينجح هؤلاء الشباب غير المنظمين حزبيًا فيما فشل فيه السياسيون بأحزابهم وهياكلها التنظيمية". وأضاف أنه يتمنى أن تلقى الفكرة تجاوبا من المصريين للوصول إلى الرقم المستهدف، والنزول إلى الشوارع في الثلاثين من يونيو المقبل، للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وألا يعودوا إلى منازلهم إلا بعد تلبية هذا المطلب. من جانبه أكد عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر والقيادي البارز في جبهة الإنقاذ، رفض فكرة الربط بين نجاح تمرد والانتقاص من رصيد ومكانة المعارضة الرسمية وأحزابها، وقال في تصريحات خاصة ل"بوابة الأهرام": إن حركة "تمرد" تعكس الحالة النفسية المحبطة للمصريين إزاء الحكم الحالي وفشله في علاج مشاكل الناس أو قراءة توجهاتهم، التي تتصل بمصر وقيمتها وعظمتها، والتي صاغتها أهداف الثورة. وأضاف موسى أن الحركة ليست مجرد تمرد، بقدر ما هي إنذار سياسي سلمى بأن استمرار الوضع هكذا بمعني تجاهل توجهات الرأي العام والتركيز على مشروع الإخوان المسلمون سيكون له عواقب وخيمة على الجميع. وأن حركة تمرد فى الواقع تقول: "لقد أعذر من أنذر"، على حد قوله. من جانبه أكد أحمد عز العرب، نائب رئيس حزب الوفد، أنه معجب شخصيًا بحركة "تمرد"، التي أعلنت عنها حركة كفاية، وأنها دليل على إخفاق السياسية الرسمية سواء من الدولة التي يحاول فصيل السيطرة على مفاصلها أو المعارضة غير القادرة على تحريك الشارع وقيادته في صراعها مع السلطة. كما قالت الدكتورة كريمة الحفناوى، الأمين العام الحزب الاشتراكي المصري، وعضو مؤسس لحركه كفاية، إن الحملة بدأت بمبادرة من شباب حركة كفاية وأصبحت الآن حمله شعبيه، بعد أن دعمها عدد من النشطاء السياسيين والنقابات العمالية والأحزاب. وبالرغم من أن العديد من الانتقادات وجهت للحملة بأنها غير شرعية أو قانونية، إلا أنه حسب وصفها لابد أن يدرك هؤلاء أنه على مستوى العالم كله عندما تحتدم الأزمات سواء في الرئاسة أو البرلمان يلجأ النظام إلى انتخابات مبكرة لتبيان مشروعيته السياسية، وهذا المتبع بدول العالم. وأكدت أيضًا أنه في ظل الظروف التي تمر بها مصر لابد أن يلجأ الرئيس، الذي اهتزت شرعيته، لأن يجددها بالاستفتاء عليها. وأكدت الحفناوي أن مشاركة القوى السياسية بالحملة ليس بدعة أو إضعافا للأحزاب، ولكنها آلية معروفة من الضغط الشعبي معترف بها عالميًا ليشعر النظام أن الشعب يرفضه، بمعني تجديد الشرعية. من المثير أن يقدم الإخوان وجهة نظر مخالفة لحركة الشارع عبر "تمرد"، إذ قدم الدكتور أحمد رامي، القيادي بحزب الحرية والعدالة، التحية للحركة قائلا: هي حركة تعمل على إنهاء العنف، وتمنح المعارضة فرصة للاحتكاك بالمواطنين في الشارع. واعتبر رامى الدعوة للحركة بمثابة المرور من المرحلة الانتقالية الراهنة، وبناء مرحلة جديدة، مناشدًا الحركة بمراجعة الدستور، وتقديم ملاحظاتها بشأنه. وقال: "نحن نرى أن حركة تمرد مشروعة مادامت ابتعدت عن العنف ونريد أن نعرف الآلية التي تعمل بها وحصر تلك الأرقام، ومصداقيتها".