67 يوما.. أو 1608 ساعات.. هى المدى الزمنى للحالة، التى عاشتها البلاد بين 28 أبريل 2013 و3 يوليو من العام نفسه، ومثلت أحد الاستثناءات فى التاريخ المصرى الحديث، لتلاحم الشعب بطليعته الثورية، تحت علامة "تمرد"، الخلاقة، ضد السلطة. ففى نهار 28 أبريل، استدعى نحو 30 شابا - يقودهم بشكل مستقل خمسة من شباب حركة كفاية، هم وليد المصرى ومحب دوس ومحمد عبد العزيز ومحمود بدر وحسن شاهين – الشعب، كفاعل رئيسى فى تحديد المسار السياسى للبلاد، معيدين إلى الذاكرة، فكرة التوكيلات السياسية التى حررها المصريون لتوكيل الزعيم التاريخى سعد زغلول، للتفاوض مع الاحتلال الانجليزى فى العام 1919، للمرة الأولى فى التاريخ السياسى الحديث للبلاد، وهو ما تكرر بعد نحو 90 عاما، فى حملة جمع مليون توقيع على وثيقة المطالب السبعة التى رفعها الدكتور محمد البرادعى فى وجه نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فى العام 2010. ولم يكن لحملة تمرد أن تنجح فى تجاوز الأهداف التى أعلنتها فى 28 أبريل، بجمع 15 مليون توقيع بما يفوق عدد ما حصل عليه الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى الانتخابات من أصوات، والاحتشاد بالميادين فى 30 يونيو، لسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، فى غضون نحو شهرين فقط، دون توفر جملة من المعطيات الموضوعية والذاتية، التى أسهم تفاعلها فى انتقال الحملة إلى حالة شعبية غير مسبوقة، لعب فيها المواطن الفرد دور البطولة الأساسية، سواء فى البيوت أو أماكن العمل أوالشوارع أوالميادين. وتبرز المعطيات الموضوعية فى 6 عوامل رئيسية، هى: 1- تزايد الرؤية التشاؤمية لدى المصريين تجاه المستقبل بسبب غياب التوافق المجتمعى والصراع السياسى بين القوى الإسلامية والمدنية والأحداث الدامية فى الشارع والسيولة الأمنية وتردى الأوضاع الاقتصادية، وهو ما كشفه استطلاع للرأى أجراه مركز بيو الأمريكى فى شهر مارس من العام 2103 وقبل ثلاثة شهور من عزل الرئيس محمد مرسى، وأظهر انخفاض نسبة من يرون أن البلاد تتجه نحو المسار الصحيح من 65 في المئة عام 2011 إلى 30 فى المئة، الأمر الذى عكس تبدد أحلام المصريين بعد عامين من الثورة. 2- انزعاج المصريين من حالة ازدواج السلطة، التى فرضتها أولوية انتماء الرئيس لتنظيم الإخوان الدولى، بكل ما تحمله من غموض أحاط بمركز الحكم، واصطدم بطبيعة الشخصية المصرية، وسط شعور متنامى بأن حكم مكتب الإرشاد بات يهدد الأمن القومى المصرى، وروح مصر وهوية المجتمع. 3- فشل أطروحة الإسلام السياسى فى الإجابة على أسئلة الواقع الإقتصادى والإجتماعى، مع أول اختبار لها بالحكم، فى ظل الإدارة السياسية الفاشلة للجماعة، التى أدى انقلابها السريع على مبادئ الثورة، وقيم الديمقراطية، عبر انفرادها بكتابة الدستور، والسعى المحموم لأخونة مؤسسات الدولة، وتكريس الاستبداد، وترويض المعارضة بالقوة ورفض تقديم أى تنازلات سياسية لرفقاء الثورة من أجل تحقيق توافق سياسى، إلى سقوط شرعيتها الأخلاقية، وإهدار جوهر الشرعية الديمقراطية التى أتت بها إلى السلطة. 4- انهيار الشرعية الدستورية لمندوب الجماعة المعتمد فى الرئاسة، بإصداره إعلان 21 نوفمبر الدستورى، الذى حصن فيه قراراته من الطعن أمام القضاء والجمعية التأسيسية لكتابة الدستور ومجلس الشورى، فيما يعد أكبر إنقلاب دستورى فى التاريخ السياسى الحديث للبلاد. 5- جرى تدشين حملة تمرد بكل ما ينطوى عليه الاسم من تحريض على العصيان ضد الحكم، فى سياق تنامى المعارضة لنظام الإخوان، سواء على المستوى الرأسى الذى مثلته جبهة الإنقاذ الوطنى التى نجحت فى تمهيد الأرض سياسيا أمام حملة تمرد على مدى أكثر من خمسة أشهر، أو على المستوى الأفقى، بدءا من الاحتجاج ضد الإعلان الدستورى الدستورى فى نوفمبر 2012 بمشاركة فاعلة للكتلة الثورية غير المنظمة، مرورا بخرق حظر التجوال فى مدن القناة، ووصولا إلى جمع توكيلات لوزير الدفاع آنذاك الفريق عبدالفتاح السيسى لإدارة شئون البلاد. 6- تزامن الإعلان عن الحملة، مع لحظة ملل وإرهاق سياسى فى دراما الصراع الذى تقوده جبهة الإنقاذ مع نظام الإخوان، تسرب خلالها شعور لدى قطاع واسع من الشعب، بأن الجبهة التى تتبنى خطابا إصلاحيا منخفض السقف، لن تستطيع أن تفعل أكثر من تحسين شروط الواقع السياسى، لكنها لن تتمكن من تغيير ميزان القوى. أما على صعيد العوامل الذاتية التى أدت إلى تمكن تمرد من تجاوز الحملة إلى الحالة الجماهيرية، فتبرز، 6 عوامل رئيسية، نجح خلالها مؤسسو الحملة فى قراءة المزاج الشعبى السائد وقتها، وهى: 1- طرحت الحملة، نفسها ورغم خروج مؤسسيها من قلب حركة كفاية التى بدأت دق المسمار الأخير فى نعش نظام مبارك، بشكل مستقل عن كل الحركات والأحزاب والكيانات المعارضة لنظام الإخوان، متحررة من أى ارتباطات سلبية، فى اللاشعور السياسى عند المصريين. 2- لم تكن قيادات الحملة الشابة، والتى حملت على عاتقها تسويق تمرد، للرأى العام، من الوجوه الثورية المستهلكة إعلاميا، فضلا عن نجاحها فى تبنى خطاب إعلامى عقلانى وحاسم وغير صادم للذوق العام، تجنب الاستعراض أو الصراخ أو المياعة السياسية. 3- طرحت الحملة خطابا سياسيا إصلاحيا متوازنا، نأى بها عن الصدام مع أى من مؤسسات الدولة والقوى الفاعلة على الصعيد الإجتماعى والسياسى والاقتصادى سواء المحافظة أو الثورية الرافضة لحكم مكتب الإرشاد، وهو ما وفر لها دعما لا نهائى بعد مرور عشرة أيام على إطلاقها وتجاوزها رقم 2 مليون توقيع، من قبل شخصيات عامة ورجال أعمال وعائلات وقبائل ووسائل إعلام، ومن جبهة الإنقاذ التى قدمت أحزابها مساندة لوجيستية هائلة، ومن شباب الحركات الثورية التى وقفت خلف الحملة مدشنة جبهة 30 يونيو. 4- قدمت الحملة، رؤية واضحة ومتماسكة وواقعية خلت من أى تهويمات نظرية أو أيديولوجية، تضمنت هدفا واحدا فقط هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتصور بسيط ووواقعى لإدارة المرحلة الإنتقالية، بعد سحب الثقة من الرئيس، يقوم على تولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد مؤقتا لحين إجراء هذه الانتخابات، متجاوزة بذلك أخطاء رفقاء الميدان فى ثورة يناير. 5- لم تطرح الحملة نفسها، بديلا للإخوان، كما لم تطالب بإخراجهم من المعادلة، فنأت بنفسها عن شبهة اتهامها بالمراهقة السياسية، أو بالطمع فى الحكم. 6- نقلت الحملة، عبر وسيلة احتجاجية سلمية وبطريقة مبدعة للتعبئة الجماهيرية، المعركة، مع نظام الإخوان على مدى شهرين وحتى قبل 30 يونيو، إلى نطاق مكانى غير محدود، متجنبة بذلك الصدام الدموى السائد منذ شهور مع القوى الإسلامية المؤيدة للإخوان، أو مزيدا من إنهاك الشارع عبر الاحتلال الجسدى المعتاد للميادين، تمهيدا للحظة ذروة فى 30 يونيو، تخرج فيها الجماهير غير المتعبة للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد تخطى حاجز التوقيعات المستهدف الذى وصل فى نهاية الحملة إلى أكثر من 22 مليون توقيع.
محب دوس يروى قصة الحملة من النشأة إلى التكوين: كفاية رفضت تبنى تمرد وتسليم قيادة الحركة للشباب أدرنا عمليات 30 يونيو من مصر الجديدة..ومقر شارع معروف ملك البسطويسى وجبران كشف محب دوس أحد مؤسسين حملة تمرد التى قادها خمسة من شباب حركة كفاية، أن اللجنة التنسيقية للأخيرة رفضت، تبنى حملة تمرد، التى بدأت بطرح قدمه مؤسسوها لتسليم قيادة كفاية لجيل الشباب وترشيح اسم محمود بدر منسقا عاما للحركة، تمهيدا لقيادة التحرك فى الشارع لإسقاط حكم الإخوان. وأضاف دوس – الذى يروى فى حوار ل الأهرام، قصة تمرد من النشأة إلى التكوين – أن الدكتور محمد السعيد إدريس والراحل محمد عبد الحكم دياب والدكتور جمال زهران، ساعدوهم فى صياغة الرؤية النهائية للحركة، فيما قدم جورج اسحاق وممدوح حمزة وخالد يوسف وشيريهان ومحمد العدل ويحيى قزاز ومحمد سامى، الدعم العينى للحركة فى مهدها. وإلى نص الحوار - كيف جاءتكم فكرة تمرد؟ فى شهر فبراير2013، وفيما كانت ولاية المهندس محمد الأشقر المنسق العام لحركة كفاية فى طريقها إلى الانتهاء، فكر 4 من الشباب أعضاء اللجنة التنسيقية التى تقود الحركة، هم أنا ووليد المصرى ومحمد عبد العزيز ومحمود بدر، مع حسن شاهين عضو الحركة، فى بلورة طرح بتسليم قيادة الحركة لجيل الشباب، وترشيح أحدهم منسقا عاما، تمهيدا لأن تقود كفاية التحرك على الأرض لإسقاط نظام الإخوان، كما قادتها لإسقاط نظام مبارك، وعلى أساس أنها لم تلوث إعلاميا بعد. وبعد أخذ آراء الشباب أعضاء اللجنة التنسيقية، تم الاستقرار على اسم محمود بدر لترشيحه منسقا عاما لكفاية، لكن باقى أعضاء اللجنة، رفضوا هذا الطرح فى مجمله، استنادا إلى أن الشباب لم يقدموا أى مبادرة للعمل عليها فى هذا الشأن، فقام وليد المصرى بطرح مبادرة "جيل يتحرر.. جيل يستحق القيادة"، على أساس أن جيل الشباب الذى أسقط نظام مبارك أكثر كفاءة من جيل 1977 والذى ينتمى إليه عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى، ولم ينجز أكثر من انتفاضة يناير 77. وبالفعل بدأنا فى ترجمة المبادرة على الأرض، وأقمنا أول فاعلية، بتنظيم جمعة "احنا ما بنتهددش"، أمام دار القضاء العالى، للاعتراض على قيام النائب العام الإخوانى، بإحالة 196 شابا للمحاكمة فى أواخر شهر مارس. بعدها فكرنا فى استثمار نجاح هذه الفاعلية، وتحويل المبادرة، إلى مشروع قمت بصياغته أنا والمصرى، ويتكون من 3 محاور، هى أولا - الهدم بجمع ما لا يقل عن 15 مليون توقيع لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى، وثانيا – إصلاح ما أفسده الحزب الوطنى والإخوان على الصعيد السياسى والاقتصادى، وثالثا – إنشاء تنظيم سياسى يعبر عن الثورة. وعقدنا اجتماعات تشاورية، لبلورة المحور الأول من المبادرة، وتداولنا اقتراحا بإطلاق اسم كارت أحمر لحملة سحب الثقة من الرئيس، إلا أنه قوبل بالرفض فى لحظتها، لصالح اسم تمرد الذى استلهمناه من اسم أول مجلة سورية معارضة لنظام البعث، أنشأها 30 شاب ممن شاركوا فى الثورة السورية، ثم قمنا بصياغة استمارة تمرد، بعد تقسيمها إلى 3 أجزاء، تعمدت أن يكون الجزء الأول منها باللغة العامية لمخاطبة المواطن العادى، فيما تضمن الثانى طرح سياسى لإسقاط محمد مرسى، والثالث طرح قانونى يوقع عليه المواطن. ورفضت قيادات كفاية تبنى المشروع، فاصطحبنا الدكتور يحيى القزاز عضو اللجنة التنسيقية للحركة، أنا والمصرى وبدر وشاهين، إلى مجموعة لقاءات مع قيادات المجلس الوطنى من بينهم الدكتور محمد السعيد إدريس والراحل محمد عبد الحكم دياب والدكتور جمال زهران، قبل نحو أسبوعين من 28 أبريل موعد تدشين تمرد رسميا، حيث ساهموا معنا فى وضع الصياغة النهائية للحملة من جهة اختبار مدى ملاءمتها للطرح الجماهيرى والإعلامى. وفى 24 أبريل، عقدنا أول اجتماع للحملة فى مركز مصر للدراسات الفاطمية بوسط البلد، حيث أول مقر للحملة، للاتفاق على خطة التحرك وتحديد هيكل الحملة، بحضور الخمسة المؤسسين وهم، أنا والمصرى وعبد العزيز وبدر وشاهين، و25 شابا أعضاء اللجنة المركزية للحملة، من بينهم 6 من الأعضاء العاديين فى كفاية، ونحو 6 من شباب الأحزاب والحركات، وناشطين مستقلون وضم هيكل الحملة، هيئة قيادية تضم الخمسة المؤسسين على النحو التالى، وليد المصرى منسقا للحملة، ومحمود بدر متحدثا رسميا، وحسن شاهين متحدثا إعلاميا، ومحمد عبد العزيز مسئولا للاتصال السياسى، ومحب دوس مشرفا على اللجنة المركزية، فيما ضمت الأخيرة عددا من المكاتب، هى، مكتب تنسيق المحافظات، والطلابى، والإليكترونى، والإعلامى، والتنظيمى، والمصريين بالخارج، والموارد، والعمل الجماهيرى، وتم توزيع مسئولية هذه المكاتب على 8 من أعضاء اللجنة المركزية، فيما تم اسناد مهام تنفيذية وإدارية لباقى أعضاء اللجنة. بعد ذلك عقدنا أول مؤتمر صحفى، فى يوم الأحد 28 أبريل، دشنا فيه الحملة رسميا، وأذاعنا البيان التأسيسى الذى بدأ بجملة المهاتما غاندى، رأيت كثيرون حول السلطة ولم أرى واحدا حول الوطن، وأكدنا فيه أننا لا نطرح أنفسنا كبديل للنظام بعد سقوط الإخوان وأن معركتنا هى إنقاذ مصر. - كيف سارت الأمور بعد ذلك؟ - خلال ثلاثة أيام، بين 28 أبريل و1 مايو حيث أول فاعلية للحملة بميدان التحرير، فى ذكرى عيد العمال، قام اسلام همام مسئول المكتب الإليكترونى ومصمم استمارة تمرد، مع فريق المكتب، بتصميم موقع للحملة على الإنترنت، وحساب لها على موقع التواصل الإجتماعى فيس بوك، وتحميل الاستمارة عليهما، إلى جانب عنوان مقر الحملة وأرقام هواتف الاتصال بها. وخلال هذه الأيام تدفق على المقر، من 2000 إلى 3000 متطوع من القاهرةوالمحافظات. - كيف تعاملتم مع هذا العدد الكبير من المتطوعين، ومن أين حصلتم على التمويل الأولى اللازم لقيام الحملة؟ - قمنا بفرز أسماء المتطوعين، وتسكينهم، فى المحافظات وفقا لمحلات إقامتهم، واخترنا من بينهم مجموعة للعمل بشكل مركزى إلى جانب منسقينا فى المحافظات الذين اخترناهم من بين شركاء النضال، حيث كان لدينا 22 منسقا فى 22 محافظة فى العشرة أيام الأولى، وتركنا حرية الحركة لباقى المتطوعين للعمل بشكل غير مركزى وأثمر هذا العدد الكبير من المتطوعين، عن نجاحنا فى جمع 2 مليون و29 ألف توقيع، لم يكن من بينهم المصريين بالخارج، بعد عشرة أيام من بدء الحملة، وهو الرقم الذى أعلناه فى المؤتمر الصحفى الثانى للحملة فى 11 مايو تحت عنوان عشرة أيام من التمرد أما عن التمويل، فى هذه المرحلة، فقد حرصنا على أن يقتصر على دعم عينى، حيث لم نكن فى حاجة لأكثر من طبع استمارات تمرد وووسائل نقل، وقد حصلنا عليها من شخصيات العامة بينهم، المهندس ممدوح حمزة، وجورج اسحق، ومحمد العدل، والفنانة شيريهان، والفنان خالد يوسف، ومحمد سامى رئيس حزب الكرامة، والدكتور يحيى قزاز. - كان هذا المؤتمر نقطة تحول فى مسار الحملة؟ - نعم، فبعد هذا المؤتمر حصلت تمرد على قوة دفع هائلة، على أكثر من صعيد، أولا - تبلور اجماع شعبى وسياسى، على ترك قيادة الحركة الثورية فى الشارع لحملة تمرد، سواء من قبل الحركات الثورية أو الأحزاب المدنية بما فيها أحزاب جبهة الإنقاذ التى فتحت مقراتها لجمع استمارات تمرد وقدمت مساندة لوجيستية غير محدودة، والتى يعود لها الفضل (الجبهة) خلال الشهور السابقة فى تمهيد الطريق لحملة تمرد، ثانيا – بدأ تدفق عشرات الآلاف من المتطوعين على مقر الحملة، ثالثا – بدأ تدفق الدعم تريجيا من عدد كبير من رجال الأعمال وشخصيات عامة وشيوخ قبائل سيناء - رابعا – حصلنا على عرض بمقر الحملة الجديد فى 5 شارع معروف بوسط البلد من المستشار هشام البسطويسى والدكتور هشام جبران، قبل أن ينتقل جزء من عمل الحملة فى آخر أيامها إلى مقر الجمعية الوطنية للتغير بشارع التحرير، وفى الأيام الخمس الأخيرة انتقلت قيادة الحملة وأعضاء اللجنة المركزية إلى غرفة عمليات 30 يونيو فى مقر أستأجره لنا الدكتور هشام جبران فى شارع الميرغنى بمصر الجديدة، لمتابعة الأوضاع الميدانية فى الاتحادية والتحرير. بعد ذلك، توالت نجاحات تمرد، بدءا من عقد المؤتمر الصحفى الثالث للحملة، للإعلان عن جمع 7 مليون و100 ألف توقيع، مرورا بأسبوع تمرد الذى جاب المحافظات من 13 إلى 21 يونيو، واستكملنا فيه باقى جمع الاستمارات، وتدشين جبهة 30 يونيو التى ضمت 80 شابا من الأغلبية شبه المطلقة من الحركات والأحزاب، وصولا إلى عقد المؤتمر الرابع للحملة فى 29 يونيو بمقر نقابة الصحفيين والذى أعلنا فيه جمع أكثر من 22 مليون توقيع. ..و 226 يوم «إنقاذ» على مدى 226 يوما، تخللت الفترة بين اليوم التالى للإعلان الدستورى الصادم، فى 21 نوفمبر 2013، وبين عزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى 3 يوليو من العام نفسه، نجحت مجموعة من الأحزاب الليبرالية واليسارية ومنظمات اجتماعية وشخصيات عامة، فى قيادة المعارضة المصرية، على طريق تعبئة الجماهير ضد نظام جماعة الإخوان، عبر أكبر جبهة وطنية فى تاريخ الحياة الحزبية، حملت اسم جبهة الانقاذ الوطنى. ففى مساء 22 نوفمبر، وبعد ساعات من الكشف عن الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى رسميا فى 21 نوفمبر، ووصف بأنه أكبر انقلاب دستورى فى التاريخ الحديث للبلاد، تحرك عدد كبير من الأحزاب المدنية والشخصيات السياسية والعامة، بشكل سريع، تحت وطأة الخطر، لعقد اجتماع حاشد بمقر حزب الوفد، اتفقوا خلاله على تشكيل جبهة وطنية لمواجهة هذا الإعلان الكارثى، وهو الاتفاق الذى جاء تتويجا لاجتماع سابق قبل نحو أسبوع، فى مقر الحزب نفسه، بمشاركة المنسحبين من الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، اتفقوا فيه على تشكيل لجنة مصغرة لوضع إطار عام لجبهة وطنية عريضة لمواجهة دستور الإخوان الاستبدادى، والذى تم طرحه للاستفتاء بعد ذلك بشهر فى 15 و22 ديسمبر. وبعد يومين، واصلت هذه الأطراف، اجتماعاتها، فى مقر حزب المصرى الديموقراطى، بمشاركة رؤساء أكبر الأحزاب المدنية، من بينها، الدستور، والوفد، والمصريين الأحرار، والتحالف الشعبى الاشتراكى، والمؤتمر، والكرامة، إلى جانب مؤسس التيار الشعبى، ووممثل عن حزب التجمع، ونقيب المحامين، وعدد من الشخصيات العامة التى لعبت دورا بارزا فى ثورة 25 يناير مثل، الدكتور عبد الجليل مصطفى ووحيد عبد المجيد والدكتور حسام عيسى والدكتور أحمد البرعى، وكريمة الحفناوى، وسمير مرقص، وجورج اسحاق، معلنين عن تشكيل، جبهة الإنقاذ الوطنى، ككيان جامع لكل القوى الرافضة للإعلان الدستورى، وإنشاء قيادة وطنية جماعية للجبهة لإدارة المرحلة سياسيا وشعبيا وجماهيريا، ودعم الحشد الثورى فى الميادين ضد الإعلان غير الشرعى، وتصعيد الخطوات السياسية السلمية وفقا لما تراه القيادة الجماعية للجبهة وشباب الميدان، ودعم القضاة ورجال القانون فى موقفهم الحاسم بالدفاع عن السلطة القضائية التى ألغاها الإعلان، ورفض الحوار مع الرئيس قبل إسقاطه. وتوسعت قيادة الجبهة فى وقت لاحق، لتضم رؤساء أحزاب التجمع، والجبهة الديموقراطية، والاشتراكى المصرى، فيما ضمت ممثلتين للمرأة هما شاهندة مقلد ومنى ذو الفقار، وممثلين للشباب من أحزابها، لضمان تمثيل مختلف قطاعات الشعب. ورغم اختيار قيادة الجبهة، رئيس حزب الدستور الدكتور محمد البرادعى منسقا عاما لها، والبرعى أمينا عاما، إلا أنها قررت أن تتخذ القرارات داخل هيئتها القيادية العليا التى تضم قادة الأحزاب المختلفة، بالإجماع بعد استعراض مختلف الآراء، وهو ما ساهم فى الحافظ على وحدة مكوناتها، لما بعد عزل الرئيس محمد مرسى. وعلى مدى أكثر من 7 أشهر خاضت الجبهة، خمس معارك رئيسية، تمكنت خلالها من أن تكون العنوان الرئيسى للمعارضة السياسية، لحكم مكتب الإرشاد، بدءا من معركة إعلان 21 نوفمبر الدستورى، مرورا بمعركة الدستور، فالاستفتاء عليه، ثم معركة الانتخابات البرلمانية، وصولا إلى معركة تمرد الفاصلة. وخلال الشهور الخمس التى سبقت بروز حركة تمرد بإعلانها جمع أكثر من 2 مليون توقيع فى 11 أبريل 2013، استطاعت الجبهة، أن تحقق 5 إنجازات سياسية، وفرت الأجواء لنجاح تمرد الساحق، هى: 1- نجحت الجبهة فى طرح نفسها كقيادة سياسية للمعارضة المحافظة والثورية، نحو تعبئة شعبية واسعة، ضد إعلان 21 نوفمبر الدستورى ووفرت غطاءا سياسيا للحراك الثورى الذى قاده الشباب فى الميادين، وأربكت حسابات جماعة الإخوان التى دعت عبر الرئيس محمد مرسى إلى حوار فى 8 ديسمير، رفضت الجبهة المشاركة فيه، مما دفع الأخير إلى التراجع الضمنى عن الإعلان بعد 20 يوما فقط، بإصدار إعلان جديد فى 9 ديسمبر، ألغى فيه الإعلان السابق صراحة، وإن أبقى على آثاره. 2- استكملت الجبهة نضال أعضائها، فى فضح ممارسات الإسلاميين داخل الجمعية التأسيسية التى أنهت أعمالها على عجل فى 29 نوفمبر، أى بعد أيام من تشكيل الجبهة، بتعبئة الرأى العام ضد الدستور الذى تضمن نصوصا تفتح الباب لتأسيس دولة دينية، على غرار نموذج ولاية الفقيه بإيران، وتهدر آمال المصريين بعد الثورة فى العدالة الإجتماعية والحرية والكرامة. 3- واصلت الجبهة كفاحها ضد دستور الإخوان، وقادت الحشد للتصويت ب لا على الدستور، الذى حاز على أكبر نسبة رفض فى تاريخ الاستفتاءات، وهى 36.2 فى المئة، فى أول اختبار حقيقى كشف عن حجم شعبية المعارضة للإخوان فى الشارع، وأعطى قوة دفع هائلة للجبهة. 4- ناضلت الجبهة فى اتجاه تعبئة الشارع لتفعيل مقاطعة الانتخابات البرلمانية، وفرض الشروط الخمس التى أعلنتها كحد أدنى لخوض هذه الانتخابات، وهى إقالة حكومة الدكتور هشام قنديل الإخوانية، لمواجهة الموقف الأمنى والإقتصادى المتدهور وضمان أن تكون الحكومة المشرفة على الانتخابات نزيهة ومحايدة، وإقالة النائب العام المحسوب على الإخوان، بما يضمن إجراء تحقيقات محايدة فى أى انتهاكات محتملة للانتخابات، وتشكيل لجنة لتعديل الدستور المعيب، وإقرار نظام للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، والاتفاق على قانون للانتخابات يضمن قواعد النزاهة والحياد ولا يسمح بالطعن فى دستوريته. 5- نجحت الجبهة فى تجاوز خلافاتها الداخلية وردم الفجوات التى طفت إلى السطح أحيانا بين قياداتها، فى مواجهة مساومات الإخوان وحملات تشويه شنها إسلاميون مؤيدون للجماعة من جانب، والضغوط الخارجية والداخلية، للمشاركة فى الانتخابات والرضوخ للأمر الواقع، والاستجابة لحوارات شكلية مع الرئيس محمد مرسى. أما آخر المعارك فى مشوار جبهة الإنقاذ، الذى توج بمشاركة قياداتها فى إدارة المرحلة الانتقالية، فكانت معركة تمرد، التى قدمت خلالها الجبهة دعما سياسيا ولوجستيا هائلا.