يعد "فلسفة جيل دولوز فى الوجود والاختلاف"، لمؤلفه المغربى الدكتور عادل حدجامى، كتاب فلسفى وبحثى يمكن القارئ من النفاذ إلى العالم الفكرى لفيلسوف كبير يعد من الفلاسفة المعاصرين البارزين، وهو جيل دولوز، كما أنه يعد بمثابة طرحًا جامعًا وبلورة فكرية للمفاهيم الفلسفية المبتكرة والمتجددة، بلغة عربية تامة الوضوح والبناء. ويأتى هذا الكتاب فى وقت تفتقر فيه المكتبة العربية إلى هذه النوعية من الكتب، ولذا كان من الطبيعى أن يفوز الكتاب بجائزة الشيخ زايد للكتاب "فرع المؤلف الشاب" هذا العام، وكان من الأهمية أن نلتقى مؤلف الكتاب، لنتعرف من خلاله على مضمون الكتاب ودوافعه لتأيفه والصعوبات التى واجهته. وعلى هامش معرض أبوظبى الدولى للكتاب 23، التقت "بوابة الأهرام" الفائز بالجائزة الدكتور عادل حدجامى الذى عرف فى بداية تصريحاته ل"بوابة الأهرام"، الفيلسوف الفرنسى جيل دولوز من خلال محورين أساسيين؛ أولهما إنسانى يتعلق بتجربة دولوز فى الحياة كإنسان، وثانيهما يتعلَق بالمجال المعرفى الذى اشتغل فيه دولوز، واهتماماته الأسئلة الفلسفية الكبرى، قياسًا بالإطار الفكرى الذى تشكَّلت ضمنه فى نهاية القرن العشرين فى أوروبا. وعن الأسباب الذى دفعته لتأليف هذا الكتاب قال حدجامى ل "بوابة الأهرام": ما دفعنى إلى اختيار هذا الموضوع دون غيره، غايات يمتزج فيها الذاتى بالموضوعى، فبالنسبة لما هو ذاتى أتطرق فى كتابى إلى العلاقة بالمتن الفلسفى الدولوزى التى تعود إلى سنوات سابقة، والقراءات المتتالية لمؤلفاته، وللدراسات الفرنسية والأوروبية والغربية الأخرى التى تناولت فكره وفلسته فى الوجود والاختلاف وغيرها من مفاصل خطابه الفلسفى، تلك القراءات التى لاحت نتائجها فى كتابه عن دولوز. وبالنسبة للجانب الموضوعى، ففيه فائدة كثيرة تعود على القارئ العربى عندما يقرأ كتاباً بهذا التحليل العميق والشامل لفلسفة جيل دولوز، خصوصا أن المكتبة العربية تفتقر إلى كتاب جامع يتناول فلسفة هذا الفيلسوف فى الوجود والاختلاف. وبسؤال عن المنهج الذى اتبعه فى كتابه، قال: اتبعت المنهج التحليلى المقارن الذى اتابع فيه مسائل وقضايا فكر دولوز فى الوجود والاختلاف من خلال اللجوء إلى أغلب مؤلفاته المنشورة، مستعينا بجملة من الدراسات التى صدرت باللغة الفرنسية تلك التى تناولت وجوه فلسفته، ناهيك عن التركيز فى المتن الدولوزى نفسه باعتباره المصدر النهائى لفكره، والفيصل فى فلسفته. وعن مضمون كتابه والقضايا الأساسية والتحليلات التى تناولها، قال د. حدجامى: لقد ركَزت فى تحليلى وقراءتى وبحثى فى كتابى على مفاهيم مركزية فى فلسفة الرجل مثل: الهوية، والاختلاف، والتاريخ، والعقل، والوعي، للكشف عن عنصر الجد والأصالة التى أضافها دولوز فى كل واحدة منها قياسًا إلى ما كان سائدًا فى الثقافة الفلسفية الحديثة. وعن الصعوبات التى واجهته فى ترجمته وتعريبه للمصطلح الدولوزى قال د. حدجامى: إن ذلك الكتاب دعاهم إلى بناء ونحت مصطلحات عدة باللغة العربية كى يصل إلى روح المعنى الذى كان دولوز يقصده فى بعض مصطلحاته، فترة تأليفه للكتاب كان يضع نصب سؤال واحد وهو: "كيف أؤلفُ كتاباً فى واحدة من أكثر الاتجاهات الفكرية المعاصرة تعقدا،ً باللغة العربية مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات اللغة العربية وأسالبيها الجمالية". وعن رؤيته لجائزة الشيخ زايد للكتاب قال حدجامى: "منذ إطلاقها فى عام 2006 وأنا أتابعها سنة تلو أخرى، وألاحظ الاهتمام الحقيقى فى تشجيع وتقدير العلماء والمفكرين والباحثين وأساتذة الجامعات والمبدعين فى كل مكان، وإذا كان هذا يدل على شيء فإنه يدل أيضاً على أصالة هذه الجائزة، وكيف لا وهى تحمل اسم الرمز العربى الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله. يذكر أن الدكتور حدجامى ولد فى المملكة المغربية عام 1967، ودرس الفلسفة فى جامعة محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط، وتخرَّج فيها عام 1999، وانصرف إلى الدراسة فى الجامعة ذاتها ليحصَّل على دبلوم الدراسات العليا المعمَّقة عام 2001، ومن ثم حصل على دبلوم المدرسة العليا للأساتذة فى مكناس، وفى عام 2010 حصل على درجة الدكتوراه من (كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة محمد الخامس)، ويعمل حالياً فى الكلية ذاتها كأستاذ محاضر. وكتابه (جيل دولوز عن الوجود والاختلاف) هو أطروحة جامعية حصل من خلالها على شهادة الدكتوراه. جدير بالذكر أن جائزة الشيخ زايد للكتاب تأتى تقديرًا لمكانة الراحل الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارات السابق، ودوره الرائد فى التوحيد والتنمية وبناء الدولة والإنسان، وهى جائزة مستقلة تمنح كل سنة للمبدعين من المفكرين، وتأسست بدعم ورعاية من هيئة أبوظبى للسياحة والثقافة.