انتهت هيئة مفوضي الدولة برئاسة المستشار جمال ندا نائب رئيس مجلس الدولة في وقت متأخر من اليوم الاثنين، إلى ضرورة إصدار حكم من القضاء الإدارى يلزم بإخلاء ميدان التحرير من المُعتصمين، وفضّ أى اعتصام به، ومواجهة محاولات إغلاقه وفتحه لمرور السيارات والمارّة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع إغلاقه مجددًا وتعطيل السير فيه مستقبلاً. وطالبت الهيئة فى تقرير لها أعده المستشار أحمد نجدى إسماعيل، وأصدرته اليوم السلطة التشريعية بسرعة إصدار قانون تنظيم حق التظاهُر والاجتماعات العامة، استكمالاً للبنية القانونية للدولة، وبما لا يخل بالحقوق والحريات المنصوص عليها بالدستور. جاء فى التقرير أن قيام البعض بالاعتصام بميدان التحرير والسيطرة عليه وإغلاق مداخله أمام عبور السيارات والمارّة، يخالف القانون والدستور. وقال التقرير إنه إعمالًا بمبدأ سيادة القانون وتقديسا لمبدأ المواطنة الذى يسوّى بين جميع المُواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، فإن الدستور الجديد قد أعلى من شأن الحريات العامة، وأكد على احترامها وأباح للمواطنين حقهم فى التعبير السلمى عن آرائهم، إلا أن ممارسة الحقوق يجب أن يكون فى إطار أحكام القوانين المنظّمة لها، ولم يكن هناك انتهاك لحُرمة القانون، أو كان من شأنها إحداث اضطّرابات فى الأمن أو النظام أو الصحة أو إعاقة الحركة وتوقف المرور. وجاء بتقرير المفوضين أن اعتصام بعض المُواطنين بميدان التحرير وفى هذا الجُزء الحيوى من مُحافظة القاهرة، أدى إلى الخروج عن الاستخدام فى الغرض الذى خصصت من أجله، باعتبارها مُخصصة للمنفعة العامة ولخدمة كافة المُواطنين، كما أن إغلاق ميدان التحرير يؤدى إلى عدم قدرة المواطنين على الوصول للجهات والمصالح الحكومية الحيوية بالبلاد وإنجاز الأعمال المرجوّة إلا بعناء شديد، وأيضًا عدم القدرة على الوصول للعمارات السكنية والمدارس والجامعات والمحلات التُجارية التى يتعامل معها عدد كبير من أفراد الشعب، مما يؤثر سلباً على حقوق المُواطنين ويشل حركة الحياة فى تلك المنطقة. أكد التقرير على أن هذا المسلك من جانب المُواطنين المُعتصمين بميدان التحرير، يُخالف أحكام الدستور والقانون، ويغل يد الدولة عن هذا المكان ويكف سيادتها وسيطرتها عليه، وهو أمر تجبر الجهة الإدارية قضاءً على القيام به تنفيذاً لالتزامها الدستورى بالمحافظة على الأملاك العامة والطُرق والميادين العامة لمصلحة جميع المواطنين. وأشار تقرير هيئة المفوضين إلى أنه لا ينال من ذلك القول بأن إخلاء ميدان التحرير من المعتصمين وفض الاعتصام به يمثل اعتداءً على الحق فى التظاهر، وعقد الاجتماعات العامة فى الطرق والميادين العمومية بالمخالفة للدستور والقانون، حيث أكدت على أن ممارسة هذه الحقوق يجب أن تكون فى ضوء مبدأ خضوع الدولة والأفراد للقانون، وبما لا يتعارض مع ترسيخ أُسس الدولة القانونية التى تحتكم إلى المشروعية التى هى سيف القانون القاطع لمن يخرج على أحكام القانون والدستور، ويزج بالوطن فى أتون تغليب المصالح الخاصة على المصلحة العليا للدولة والشعب صاحب السيادة، وبأن تكون ممارستها فى إطار أحكام القوانين التى تقوم على تنظيمها، وأن تتقيد بعدم الخروج على مقتضيات النظام العام والآداب العامة والسكينة العامة، أو النيل من حقوق وحريات الآخرين فى استخدام هذه الأماكن والشوارع والطرق والميادين العامة، وهى من المرافق العامة، فيما خصصت من أجله، وبما ييسر للمواطنين سواء القاطنون منهم أو المارون أو الذين لهم مصلحة أو تجارة أو مصدر رزق المشى فى مناكبها والانتفاع بها لممارسة شئون حياتهم وحقهم فى التنقل. وانتهت هيئة المفوضين إلى أن امتناع الرئيس وحكومته عن إخلاء ميدان التحرير من المعتصمين وفض الاعتصام به وفتحه لمرور السيارات والمارة، يشكل قراراً سلبياً بالمخالفة للدستور والقانون. ونوهت هيئة مفوضى الدولة على وجوب التوازن بين حق الدولة فى حفظ وحماية النظام العام بمدلولاته الثلاثة من أمن عام وسكينة عامة وصحة عامة، وواجبها فى المساواة بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، وحق المواطنين فى التعبير السلمى عن آرائهم والتظاهر وعقد الاجتماعات العامة فى الطُرق والميادين العمومية.