استطاع الدولار بارتفاع سعره الجنوني أن يلتهم ياميش رمضان من حياة المصريين قبل قدوم الشهر الكريم، وذلك بعدما رفضت البنوك فتح اعتمادات لاستيراد الياميش والمكسرات من الخارج بحجة أنها أغذية ترفيهية، الأمر الذي سيجعل رمضان هذا العام خاليا من المكسرات والياميش، وبالتالي سترتفع أسعار الموجود منها، نظرا لقلة المعروض لدي التجار وزيادة الطلب مع قدوم شهر رمضان الكريم، فأزمة ارتفاع الدولار رفعت مؤشرات أسعار جميع السلع الاستهلاكية سواء الأساسية أو غير الأساسية. ووسط حالة من التناحر السياسى، وضبابية المشهد الاقتصادى باتت العملة الصعبة تتحكم بالريموت كنترول فى مؤشر أسعار السلع المصرية، التى امتدت إلى أبسط ما اعتاد عليه المصريون حتى المسليات، خاصة قبل شهر رمضان الكريم. وأكد متعاملون بالأسواق أن أزمة الدولار تسببت فى رفع أسعارمعظم السلع لصعوبة الاستيراد نتيجة عدم سهولة فتح اعتمادات مستندية للقيام باستيراد السلع، متوقعين ارتفاع أسعار معظم متطلبات شهر رمضان المقبل، والتى لم تظهر فى الأسواق بعد حيث إنها تصل إلي الموانئ في شهر مايو، ويتم إفراغ هذه الشحنات في مخازن التجار لعرضها في الأسواق في النصف الثاني من شعبان. أحمد الوكيل، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، يؤكد أن الاتحاد على اتصال مستمر مع البنك المركزي المصري، ووزارات التموين والتجارة الداخلية، والصناعة والتجارة الخارجية، لمتابعة حجم المعروض من السلع شائعة الاستخدام المتوافرة بالأسواق، وكذا الاتصال مع المستوردين لمتابعة تعاقداتهم لهذه السلع خلال الثلاثة شهور القادمة حتى نهاية يوليو 2013 أي بنهاية شهر رمضان المبارك. صلاح العبد، رئيس شعبة الحلويات بالغرفة التجارية القاهرة، يؤكد أن هناك ارتفاعا فى أسعار جميع أنواع المكسرات بنسبة لا تقل عن 20% وخاصة في الفستق واللوز. وأرجع العبد، هذا الإرتفاع إلى تفاقم أزمة الدولار، التي صنعت سوقا سوداء، يباع بها الدولار ب 7.70 جنيه، وإحجام البنوك عن فتح الاعتمادات المستندية للمستوردين، فضلا عن قرار الحكومة الجديد بزيادة أسعار الجمارك علي مختلف أنواع المكسرات، بنسبة 15% بدلا من 5%. ويسعى البنك المركزي المصرى إلي محاولة السيطرة على سوق "الدولار" منذ أواخر ديسمبر الماضى عن طريق طرح عطاءات دورية للعملة الصعبة لمنع بيع العملة المحلية، حتى أنه طرح عطاء استثنائيا للبنوك لبيع 600 مليون دولار منتصف أبريل الجارى تمثل 15 مثل. وأضاف العبد أنه حتى بعد ضخ البنك المركزي 600 مليون دولار لصالح المستوردين بشكل استثنائى، لم تحدث انفراجة بنسبة تحد من تحكم العملة الصعبة فى معطيات السوق. وأشار رئيس الشعبة ، إلى أن ارتفاع الأسعار أدى إلى خفض القوة الشرائية، للمستهلكين بنسبة لا تقل عن 25%، مشيرا إلى أن مختلف أنواع المكسرات يتم استيرادها من الخارج فيما عدا الزبيب. وأضاف أنه بالرغم من اقتراب موسم استيراد الياميش استعدادا لشهر رمضان، إلا أن هناك أزمة كبيرة في فتح الاعتمادات المستندية، متوقعا أن تنخفض الكميات الواردة بنسبة 50% فضلا عن ارتفاع جميع أنواع الحلويات. وحول الدول التي يتم الاستيراد منها، قال العبد، لبنان وتركيا وأمريكا والهند وسوريا بالرغم من الاضطربات السياسية بها ، فضلا عن المركزات والنكهات التى تستورد من ألمانياوأمريكا الشمالية وبعض دول أمريكا الجنوبية. وقال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية للقاهرة: إن جميع المنتجات والسلع الرمضانية وارده من الخارج، وبالطبع ستتحكم فيها أزمة الدولار وتراجع الاحتياطى النقدى للبلاد، مما يؤثر على أسعارها. وتعمل الحكومة علي رفع مستوي احتياطي النقد الأجنبي إلى 19.5 مليار دولار علي الأقل لتلبية مطالب صندوق النقد الدولي للحصول علي قراض ب 4.8 مليار دولار. وأوضح شيحة، أن الكميات الواردة هذا العام من الياميش والمكسرات وأنواع المسليات الأخرى سوف تكون أقل من الأعوام الماضية، نظرا لإحجام البنك المركزي عن عمل خطابات ضمان علي اعتبار أن هذه المنتجات تعُد من الرفاهيات ولذلك يقوم المستورد بفتح الاعتماد الفوري، مما يكبده أعباء إضافية وفي كثير من الأحيان يحجم عن استيراد تلك السلع وبالتالى ترتفع أسعارها لقلة المعروض منها. وأوضح عبدالرحيم أحمد، صاحب محل، أن ارتفاع الدولار وتراجع الجنيه يؤدى إلى خلل فى منظومة الأسعار يتحملها المستهلك فى النهاية. وأوضح أن قدرة المستهلك على الشراء سوف تتراجع فى ظل ارتفاع معظم أنواع المسليات، وقد تقتصر على فئة القادرين فقط. واستبعد قدرة السوق المحلى على سد الفراغ الناجم عن ضعف الجانب الإستيرادى من تلك السلع، حيث إنه لا يتيح إلا أنواع بسيطة كالبلح والزبيب. وأوضح أحمد السيد، مدير محل، أن أسعار الدولار ورفع الجمارك على السلع التى تراها الحكومة غير ضرورية أو ترفيهية رفع من أسعارها بشكل سريع، لأن التاجر بمجرد علمه بزيادة الأسعار يلجأ للتخزين، وبالتالى فإن المستهلك هو المتضرر الأوحد. وأضاف أن الوضع الحالى سيجعل الإقبال من المستهلك القادر على الشراء فقط، أما غير القادر فسيحجم عنها. جدير بالذكر أن معدل التضخم بمصر وصل لمستوى قياسى بنسبة 8% على أساس سنوى، حتى شهر مارس الماضى نظرا لإرتفاع أسعار الخضراوات بنسبه 3.4%، والحبوب والخبز بنسبه 2.3% واللحوم والدواجن بنسبه 1.9%، الأسماك والمأكولات البحريه بنسبه 1.5%.