يفتتح ملتقى القاهرة الدولي الثالث للشعر أعماله غدًا الاثنين وسط انتقادات عنيفة لبرنامج أعماله، الذي لم يراع متغيرات العصر والمشهد الشعري العربي، كما لم يحرص على أن يعكس تطور أجيال الشعراء في مصر والعالم العربي، عبر قائمة متحدثيه وضيوفه، بحسب عدد من الشعراء الذين رأوا أن جدول مناقشات الملتقى قد عفا عليه الزمن وأقصى العديد من الأسماء الشعرية البارزة، حتى أن أحدهم وصف واضعي البرنامج بأنهم "أناس خارج التاريخ". يرى الشاعر محمود قرني الذي انسحب من الملتقى هو والشاعر والكاتب جرجس شكري أن الملتقى قد أقصى أسماء بارزة في عالم المشهد الشعري العربي، إذ لم يدع كبار الشعراء العرب، بسبب ما اعتبر أنه خلافات بين بعض منظميه وهؤلاء الشعراء، كما أن الملتقى لم يدع العديد من الشعراء الشبان المجيدين واكتفى ببعض الأسماء المعروفة من الشعراء الكبار وآخرين من الشباب الذين لا يعرف لهم تاريخ شعري. ويعتبر قرني أن الفكر الذي عكسته إدارة الملتقي، فكر محافظ لم يستطع أن يدرك المتغيرات التي أحدثتها الثورات العربية، وما زالوا يناقشون القضايا القديمة نفسها، واعتبر أن هم منظمي اللجنة هو السيطرة على الملتقى والحصول على الجوائز والامتيازات. وتقول الشاعر والفنانة التشكيلية غادة خليفة إن الملتقي يعكس فكراً قديماً لم يعد يتلاءم مع قضايا الشعر المعاصرة، وتضيف: مع كامل احترامي وتقديري لتلك الأسماء المدعوة ولكن نوعية الموضوعات المطروحة للنقاش من قبيل تأثير الرومانسية في شعر التفعيلة، يجعل الملتقي يبدو لي وكأنه يعقد في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي. ويتفق مع تلك النظرة الكاتب والشاعر محمود شرف، الذي سيقوم بتقديم حفلي الافتتاح والختام، ويرى شرف أن برنامج الملتقى مارس نفس سياسية الإقصاء، الحاصلة على مدار السنوات السابقة لأشكال معينة من الكتابة الشعرية مثل قصيدة النثر. ويقول شرف إن هذه المشكلة تحدث مع كل مؤتمر عن لون معين من الفنون، فدائماً ما يكون هناك فريق مستبعد وأحياناً يكون الإقصاء بقصد وأحياناً يكون دون قصد أو بسبب إهمال أو عدم وجود مساحة، ومن بين الأشكال الشعرية المستبعدة قصيدة النثر، التي لا يزال القائمون على الملتقى يرون أنها غير مهيأة بعد وغير جديرة بالوجود في حقل الشعر العربي. ويضيف شرف: "البرنامج يعكس استغراقاً في مرحلة شعرية تم تجاوزها، ومرت منذ فترة طويلة. لا أحد ينكر التاريخ أو يتنكر له، لكن هناك حاضر يفرض نفسه علينا، وإذا كنا سنظل مستغرقين بالكلية في مناقشة قضايا مضت، فمتى سننظر إلي المنتج الجديد؟ أحدث شاعر يتناوله الملتقى هو أمل دنقل الذي توفى أوائل الثمانينيات". ومعظم الشعراء المدعوين كمتحدثين في الملتقى، تجاوزوا حاجز الستين والسبعين من العمر، وهناك العديد من الشعراء الشبان المجيدين من الشعراء لم يدعوا للمشاركة في ملتقي دولي مثل هذا، بينما هناك شعراء غير معروفين ولا جديرين بالمشاركة في محفل شعري دولي مثل هذا موجودون على قائمة المدعوين، بحسب شرف، الذي يرى أن قائمة المدعوين تدل على أن الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي هو من يدير الملتقى، حتى وإن أعلن غير ذلك. وترى الشاعرة جيهان عمر أيضًا أن البرنامج لم يأت بجديد، وفضل البقاء في قائمة الموضوعات التقليدية مستثنيًا شعراء كثرين مهمين من قائمته، وضم الكثير من الأسماء غير المعروفة.