بدأت المرحلة الأولى من انتخابات اتحاد طلاب الجامعات المصرية وفقًا للائحة طلابية جديدة انتقدها الجميع من أحزاب وشباب في 8 جامعات رئيسة: الإسكندرية، طنطا، بني سويف، دمنهور، المنيا، أسيوط، بنها، وعين شمس، والمفاجأة، كانت بالخسارة الكبيرة التي منيت بها قوائم جماعة الإخوان المسلمين، في 6 منها باستثناء بني سويف ودمنهور حيث كانت الأغلبية واضحة لقوائم الإخوان. كانت أقساها في عين شمس بخسارة يحيى محمود عزت، نجل نائب مرشد جماعة الإخوان، بانتخابات اتحاد طلاب كلية الهندسة، أمام قائمة الطلاب المستقلين والقوى السياسية "ابدأ"، ونجح هؤلاء في الاستحواذ على 95% من مقاعد الاتحاد بالكلية. كما خسر طلاب الإخوان 90% من مقاعد اتحاد طلاب جامعة طنطا، وكانت الخسارة الأكبر بجامعتي أسيوط، حيث حصلوا على 2% فقط من المقاعد، مقابل 73% لطلاب التيار الشعبي والمستقلين، بجامعة الإسكندرية، حيث حققت قوائم القوى المعارضة تقدمًا ملحوظًا بأغلب الكليات. وفي المنوفية فقدوا الكثير من المقاعد بحصولهم على 1% من مقاعد كليات الجامعة، وفي بنها لم يتعد ثقلهم 5% من كليات الجامعة. يتكون التيار المناوئ للإخوان من تحالف عريض ضم شباب أحزاب مصر القوية والدستور والتيار الشعبي، ما مكنها من حصد الأغلبية بمعظم تلك الجامعات، للحد الذي دفع رئيس حزب الدستور الدكتور البرادعي لتوصيف تلك المؤشرات بكونها أداء يبعث عن الطمأنينة والأمل بالمستقبل، يؤكد على قوة الطلاب في وحدتهم، إلا أنه لم يستخلص العبرة من المشاركة وليس المقاطعة! وقد أثارت تلك النتائج المفاجئة، وإمكانية تكرارها بالمرحلة التالية تحديدًا في جامعة القاهرة التي تشهد الاثنين القادم انتخابات قوية يمكن أن تعزز هذا التراجع أو تحد منه، تساؤلات عديدة حول إمكانية التعويل عليها كمؤشر كاشف لاتجاهات الرأي العام وشعبية جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، ومن ثم إمكانية تأثيرها على أنماط التصويت المحتملة بانتخابات مجلس النواب القادم، وفقدان الإخوان للأغلبية داخلها، ما يسمح ببروز قوى وتيارات منافسة سواء من داخل التيار الديني مثل حزبي النور ومصر القوية، أو خارجة من داخل التيار المدني. على المستوى العام، يكاد يكون من الصعب التعويل المطلق بين المشهدين الانتخابيين الطلابي والنواب، رغم عمليات التأثير والتأثر المتبادلة التي يصعب إنكارها، لاختلاف سمات العناصر المشاركة فيهما. ففي المشهد الأول، نحن نتحدث عن جماعة مثقفة لديها وعي تام بالشأن العام ولديها قدرة على إعمال العقل النقدي تجاه جميع التيارات المتنافسة وأطروحاتها للقضايا المتصارع عليها، أما في الثانية فلدينا هيئة انتخابية نصفها على الأقل غير متعلم وليس لديهم حس نقدي أو قادر على رؤية التمايزات السياسية بين التيارات بواضح كاف. "إن قدرات الحشد والتعبئة مختلفة تمامًا بالحالتين، وتميل لصالح التيار الديني بشكل عام المتحد حول الإخوان رغم الاختلافات المتبادلة"، تلك حقيقة أكدها الشيخ أشرف عبدالمنعم من الجبهة السلفية بقوله "إخوان بالإكراه"، فعندما تتحول المعارضة إلى تحالف مع الفلول والبلطجية على حساب الشعب، نضطر لدعم الإخوان مهما كانت الخلافات معهم. أضف إلى ذلك ظاهرة "تزييف السياسة" التي تحدث عنها نبيل عبد الفتاح المدير السابق لمركز الدراسات الاجتماعية والتاريخية، بقوله: "العملية السياسية انتقلت منذ أربعة عقود من المراكز الحضرية إلى الريف والهوامش، التي باتت لديهم كتلة تصويتية قادرة على الحسم في مشاهد الانتخابات، أكثر من المدينة. وحظوظ التيار الديني والإخوان بشكل عام داخل تلك المناطق بعيداً عن المركز قوية بسبب الوجود المادي والمعنوي فيها والأدوار التي يقومون بها لمساعدة أهالي تلك المناطق من جميع النواحي، ومن ثم يستنتج أن رصيد الإخوان والتيار الديني عموماً سوف يكون ما بين 50% إلى 60% من مقاعد مجلس النواب، يمكن أن ترتفع حال استمرار مقاطعة جبهة الإنقاذ للانتخابات. إلا أن سلسلة الأخطاء وسوء الإدارة التي وقعت فيها السلطة سواء التنفيذية أو التشريعية التي يهيمن عليها الإخوان، أدخلت متغيرا جديدا على المشهد السياسي، يصعب إنكاره، عبر عن نفسه بوضوح بانتخابات الجامعات ويمكن أن يكون له صدى مواز على شعبية الإخوان بالشارع. وهنا تأتي فكرة وجود البديل السياسي القادر على استقطاب الأصوات الغاضبة، إذ تبقى فكرة التأثير وجوبًا وعدمًا مرتبطة بهذا البديل السياسي وما يطرحه من رؤى لتجاوز الأزمات التي تعاني منها مصر حاليًا. أضف لذلك توحد المعارضة السياسية للإخوان تحت مظلة واحدة، ومشاركتها في الانتخابات. من هنا تباين موقف القوى السياسية إزاء هذا المتغير الجديد، وكيفية الاعتماد عليه كمؤشر لقياس حالة المزاج العام تجاه الإخوان. من جانبه، أكد أحمد دياب القيادي بحزب الحرية والعدالة، أن حزبه يقبل بنتائج الصندوق أيا كانت طالما أنها نزيهة، وعن إمكانية التماثل بين انتخابات الجامعات الحالية ومجلس النواب القادمة، قال إن الانتخابات البرلمانية لها طبيعتها المختلفة، مستشهدًا بقدرة التيار الديني على اكتساح أغلب النقابات المهنية، ومؤكدًا ثقته بالشعب الذي أولى الإخوان ثقته بالانتخابات السابقة، وسوف يوليهم نفس الثقة بالانتخابات القادمة، لكونه يعلم من يعمل لصالحه ليل ونهار من أجل حل المشكلات المتراكمة من عقود الفساد السابقة، ومن يتاجر بالشعارات السياسية ومشاكلهم. وأضاف: إننا كحزب وجماعة موجودون بقلب الشارع المصري، وفي كل القرى والنجوع من أجل تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، ولذا سوف يولينا الشعب ثقته مرة أخرى. إلا أن السفير نور عضو الهيئة العليا بحزب الوفد، اختلف معه بتلك الرؤية، معتبرًا التراجع في انتخابات الجامعات مؤشرًا إضافيًا لتراجع حادث بشعبية الجماعة داخل الشارع بسبب سوء إدارة السلطة للشأن العام. وقال نور إن طلبة الجامعات هم أمل مصر، الذين يرفضون ما يلجأ إليه الإخوان من شراء الأصوات بالزيت والسكر، وأنه لو جرت انتخابات نزيهة فإن الإخوان لن يحصلوا على الأغلبية وسيتراجع نفوذهم إلى أقل من 30%. إلا أنه حذر جميع القوى المعارضة للإخوان الارتكان لهذا المؤشر، وإنما بذل الكثير من الجهد وعمليات الحشد والتعبئة من أجل الحصول على مقاعد أكبر بالمجلس الجديد. وطالب القوى الحزبية التي ستخوض انتخابات مجلس النواب المنافسة بقوة وفاعلية وعدم الارتكان لتراجع شعبية الإخوان بالشارع. واعتبر هشام كمال المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية تلك النتائج غير إيجابية للتيار الديني، إلا أنه رفض الربط بين تلك النتائج وحظوظ الإخوان والتيار الديني بشكل عام داخل الشارع، لضعف تأثير الشباب على الشارع على حد توصيفه، فقدرات التيار الديني بالعمل داخل الشارع أكثر من التيار المدني.