دعا الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، إلى العمل الجاد ل"بناء رأي عام ضد الفتن والجدالات العقيمة والمهاترات الرخيصة والتوقف عن نيران الحقد والشحناء والبعضاء بين أبناء الوطن الواحد"، على حد قوله. وتساءل في رسالته الأسبوعية اليوم الخميس: "لماذا لا نجتهد في العمل معا ضد ثقافة الكراهية والبغضاء والتضليل وتتبع عثرات الآخر، والتماس العيب للبراء وتَصيد الأخطاء وتعطيل كل الأعمال الصالحة وتشويهها، كل هذا بعدا عن الشرعِية الشعبية أو اكتراث بمصير الوطن ومستقبله، لماذا لا نجتهد في العمل معا، متعاونين فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا، فيما اختلفنا فيه في ظل تنوع الأفكار والآراء". ورفض المرشد العام ما وصفه بال"الجدل المذموم"، الذي يمزق الأمة ويضيع الوقت والجهد بلا جدوى تعود على أصحابه أو الشأن العام، "اللهم إلا المزيد من الخسائر الفادحة ونشر المساوئ، التي تدعو إلى توقف رفعة الأمة ومقاطعة بنائها"، وضرب مثلا بصور الجدل "المزموم" بانشغال المرء بنشر الأكاذيب والافتراءات والتدليسات والتلفيقات، ظنا منهم أنهم سيظهرون أمام الناس كأصحاب حق، وسنة الله تعالى في كونه لو تدبَّروها لعلموا بأنهم وما يفعلون، إنما يضيِّعون حياتهم في الباطل. وتابع الدكتور بديع، موضحا أن الثورة قامت من أجل الإصلاح والتغيير والحرية والكرامة والعدالة والتنمية ولا سبيل لاستكمال هذه الأهداف إلا بالعمل الصالح، القائم على حبِ الوطن ب"توجه صادق لرب العزة تعالى"، محذرا من الفوضي العارمة والفتنة النائمة التي تنتج من الخلاف والتشرذم. ووضع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خمس خطوات وصفها بال"جادة" لترك الجدل وبدء العمل وهي نصا كما تضمنتها الرسالة الأسبوعية: أولا: الالتزام بآداب النصيحة وانتقاء الأسلوب المناسب، ومراعاة الإخلاص والتجرد، بعيدا عن المكابرة أو العزة بالإثم. ثانيًا: الابتعاد عن تضخيم الذَّات بمعارضة الآخرين، والجدل والمراء في كل قضية تظهر على الساحة، حتى ولو كان فيما أجمع عليه الناس ورضى عنه العقلاء والمصلحون من الوطنيين. ثالثًا: تطهير النفوس من حب الانتصار، وأهمية الاعتراف بالخطأ، والعمل على قبول الحق والإنصاف ولو من النَّفس، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى واتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة: 8). رابعًا: التوقف عن التمادي في الجدال والمراء والاشتغال بهما عن الأهداف الكبيرة، مما يقتل الروح ويسلب الإيمان ويورث اللجاج والخصومة والشك وإساءة الظن في كل شخص وفي كل عمل . خامسًا: التركيز على رفع منسوب الإيمان والتقوى؛ لأنها تحمل النفس على قبول الحق والإذعان له والوقوف عنده، وإيثار ما عند الله سبحانه وترك الجدل والمراء فيما استبان الحق فيه، يقول تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الأَرْضِ ولا فَسَادًا والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص: 83).