خلال العامين الماضيين بعد ثورة 25 يناير، شهدت حالة حقوق الإنسان فى مصر، استمرارا للانتهاكات والتجاوزات فى حق المواطنين، مما يدلل على مدى الالتزام بمواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان الدولية، التى وقعت وصادقت عليها مصر، واحترامها وصونها لتلك الحقوق. قال الحقوقى، ناصر أمين، رئيس المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، إن بعد ثورة 25 يناير مباشرة كان هناك تأثيرا لحظيا للثورة المصرية، على المواطنين، هذا التأثير شهد تقدما على ممارسة بعض الشعوب لحقوق الإنسان، موضحا أن هناك فرقا بين ممارسة الحقوق وضمانها. وحول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكد ناصر أمين فى تصريح ل"بوابة الأهرام" أن هناك حقوقا لم تمس على الإطلاق، لكن وضعها تأزم بعد الثورة أكثر فى كافة مناحى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. أما فيما يتعلق بالحقوق السياسية والمدنية، فقال ناصر أمين إنه كانت هناك بعض الممارسات التى شهدت بعض التقدم منها حرية الرأى والتعبير، حرية التجمع السلمى، حرية تكوين الأحزاب، حرية الإضراب والتظاهر السلمى، لكن سرعان ما تحول ذلك بعد عدة أشهر قليلة من اندلاع الثورة المصرية إلى ممارسة قمعية من قبل السلطة الحاكمة، وفى هذا التوقيت كان المجلس العسكرى يدير شئون البلاد. وأشار أمين إلى ما حدث فى توقيت "العسكرى" من اعتداء على المتظاهرين، بالمطاط والرصاص الحى، وقتل المتظاهرين فى الشارع، وتهديد جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان، وتقييد الحق فى تكوين الجمعيات، مؤكدا أنه على الصعيد الآخر لم تقيد حرية الرأى والتعبير بدرجة كبيرة. وأكد أمين، أنه بعد الرئيس المنتخب تم المساس بكل هذه الحقوق قاطبة بما فيها حرية الرأى والتعبير، والحق فى التجمع السلمى، كما ارتفعت معدلات الممارسة غير الأخلاقية لجهاز الشرطة، واستمرت جميع أنواع التعذيب القتل خارج القانون، على حد قوله. وحول الملفات الحقوقية التى شهدت إيجابيات بعد الثورة، قال ناصر أمين إن الملف الوحيد الذى شهد بعض الإيجابيات هو حق تكوين الأحزاب السياسية، ما عدا ذلك فلم يحدث أى تقدم على حد قوله. من جانبه أكد الحقوقى محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، أن التعذيب مازال مستمرا، لكن عدد حالات التعذيب ربما أقل مما سبق. وحول حرية الرأى والتعبير كحق من حقوق الإنسان، قال زارع، فى تصريح ل"بوابة الأهرام" إن ملف حرية الرأى والتعبير شهد تراجعا ملحوظا بعد الثورة، مدللا على ذلك بالعديد من البلاغات التى قدمت ضد الصحفيين والإعلاميين، ورؤساء التحرير، ومصادرة بعض الصحف، وغلق بعض القنوات الفضائية. أشار زارع إلى أن أكبر تراجع شهده ملف حقوق الإنسان، هو المتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة انخفاض سعر الجنيه المصرى، وزيادة البطالة، وأحداث الثورة المتتالية، وانخفاض الإنتاج، مما أدى الى تقليل الصادرات، ومن ثم أدى إلى التراجع فى الاقتصاد الذي أثر سلبا علي المواطن. وأكد أن الأوضاع الاقتصادية فى مصر هى الأسوأ وتحتاج لجهد كبير كى تعود مرة أخرى، مضيفا إليها التراجع الأمنى الملحوظ فى الشارع، مؤكدا أن الأمن إحساس وشعور، قائلا: "ليس بالضرورة أن أرى رجل الشرطة فى الشارع كى أشعر بالأمن، مؤكدا تضاؤل الشعور بالأمن وعدم الأمان". أضاف زارع، أن حق التظاهر والتعبير أهم إنجازات ثورة 25 يناير، حيث أصبح خروج المواطنين للتظاهر حق مكتسب، مشددا على وجوب أن يكون التظاهر والاحتجاج مثمرا. لفت زارع، الانتباه إلي أنه برغم أن التظاهر أصبح حقا مكتسبا فإنه لم يحقق النتائج المرجوة، نتيجة لغياب الحوار الحقيقى بين الحكومة والمعارضة والشعب . وأشار حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إلى أن المبادرة أصدرت 3 تقارير جديدة حول انتهاكات الشرطة وتراخي النيابة العامة في المحاسبة، وذلك في إطار حملتها التي تسلط الضوء على استمرار الانتهاكات المنهجية من قبل الشرطة في حق المواطنين، في إطار الإفلات من العقاب وغياب المساءلة الجنائية لرجال الشرطة مرتكبي الجرائم. أشار تقرير المبادرة إلى استمرار منهج التعذيب والعنف المفرط، وأحيانا القتل على يد رجال شرطة، ولم تحدث أي تغييرات جوهرية أو حتى تعديلات سطحية تذكر في جهاز الشرطة سواء في الهيكل الإداري أو في القوانين الحاكمة لعمل الشرطة، بما فيها قواعد استخدام القوة والسلاح، في ظل استمرار وزارة الداخلية في الدفاع عن مرتكبي الجرائم، واستعرض دور النيابة العامة في تحصين رجال الشرطة من العقاب، لاسيما في قضايا قتل المتظاهرين. وحول جرائم القتل والتعذيب على يد الشرطة. قال تقرير المبادرة: إنه في الأشهر الأربعة الأولى من حكم الرئيس مرسى، نتائج الرصد والتحقيق الذي قامت به المبادرة في 17 حالة عنف شرطي خلال الفترة من بداية يوليو 2012 وحتى شهر نوفمبر من العام نفسه، وذلك على مستوى 11 محافظة، وكانت حصيلة تلك الحالات، التي لا تمثل إلا عينة من الانتهاكات المستمرة بشكل يومي على يد الشرطة، قتل 12 عن طريق الاستخدام غير القانوني للقوة والإطلاق العشوائي للرصاص في المجال العام، وتعذيب 3 أشخاص حتى الموت داخل أماكن احتجاز، بالإضافة إلى العديد من حالات التعذيب وسوء المعاملة في أقسام الشرطة. وحول السياسة الأمنية، قال العقيد الدكتور أحمد الدسوقي، مدير قطاع حقوق الإنسان والتواصل المجتمعى بوزارة الداخلية، إن الوزارة تسعى لترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان فكرًا وممارسةً في جميع القطاعات الشرطية، من أجل تحسين علاقة وزارة الداخلية بالمواطن، والتحقيق في أي مخالفات من قبل الشرطة لحقوق المواطنين. أكد الدسوقى فى تصريح ل"بوابة الأهرام" أن السياسة الأمنية الحالية ترتكز على أسس جادة وموضوعية فى مجال إعلاء مفاهيم حقوق الإنسان ودعم القيم الإنسانية والأخلاقية وتوفير الأمن والاستقرار للمواطن باحترام القانون وسيادة الشرعية وصيانة حقوق الإنسان. أوضح الدسوقى، أن تلك السياسة اعتمدت على المعطيات العلمية والتقنيات التكنولوجية الحديثة لخلق آليات مستحدثة للنهوض بكفاءة العنصر البشرى القادر على تحمل الأعباء ومواجهة التحديات وحماية حقوق الإنسان وصون حرياته الأساسية، نتيجة تزايد الإدراك العام بقيمة الديمقراطية، والانفتاح على مختلف التيارات الفكرية والسياسية. أكد الدسوقى، على إيمان الوزارة بالنهوض بملف حقوق الإنسان وتعظيم محاور وقنوات الاتصال مع كل القوى والتيارات فى المجتمع، ونشر ثقافة حقوق الإنسان لدى العاملين بالوزارة، والالتزام بالشرعية وسيادة القانون والتعهد بحسن معاملة الجماهير.