على الرغم من اعتبار البعض الإسكندرية كحالة خاصة فى المسار الثورى، إلا أن إصابات الشهداء بها والتى تورطت فيها وزارة الداخلية، لا يختلف كثيرًا عن الوقائع المتكررة فى معظم محافظات مصر ممن فقدت شهداء أمام أقسام الشرطة وحصل ضباط الشرطة فيها على أحكام بالبراءة. غير أن تجدد الاشتباكات الأخيرة، دفع أهالى الشهداء لإنكار صلتهم بها، واتهام وزارة الداخلية والفلول بافتعال تلك الأحداث لإفشال القضية التى كانت تنظر إحدى جلساتها أمام المحكمة فى 19 يناير، خصوصًا بعد ضغطهم لإرفاق تقرير لجنة تقصي الحقائق الأخيرة للقضية. أميرة سمير السيد شحاتة (17 عامًا) بالصف الثانى الثانوى، التى كانت فى زيارة لإحدى زميلاتها ممن تستضيف مجموعة دراسية أجل "درس خصوصى" استرعى انتباهها ما يحدث أمام قسم الرمل ثان، فوقفت فى الشرفة تصور بموبايلها ما يحدث فكان الجزاء رصاصة اختطفت منها الحياة. على مدى عامين يروى والد أميرة معاناتهم مع القضاء فى رحلة للحصول على قصاص ويؤكد أنه لن ييأس من المطالبة به، مؤكدًا أنه طالما ارتضي الجميع باللجوء للقضاء فيجب علينا الانتظار للحكم والاستمرار فى المطالبة بحقوقنا وما حدث بالإسكندرية من اشتباكات لم يتورط فيه أهالى الشهداء لرفضهم له ولأن الأسر كانت داخل قاعة المحكمة، متهمًا الداخلية بافتعال الأحداث. انتقد والد أميرة سير المحاكمة الخاصة بقضية ابنته وغيرها من شهداء هذا القسم، متهما القاضى بالانحياز للمتهمين ومحاميهم، مشيرًا إلى سماحه أكثر من مرة لمحامى المتهمين وقيادات مديرية الأمن بالدخول لقاعة المداولة ومنع محامى أهالى الشهداء من ذلك والتضييق عليهم خلال الجلسات بعدم منحهم الوقت الكافى، مما ساهم فى تغذية الشكوك داخل أهالى الشهداء، خصوصًا بعد رفض القاضى طلب محامى الحق المدنى بضم تقرير لجنة تقصي الحقائق الثانية لملف القضية، فدفعهم ذلك للاحتجاج والضغط لأن سير القضية بهذا الشكل سيؤدى إلى أحكام بالبراءة، حتى فوجئوا بإعلان القاضى تنحيه عن نظر القضية، معربًا عن سعادته بذلك. كشف والد أميرة أن مديرية أمن الإسكندرية قد أصدرت شيكا بقيمة 3 ملايين جنيه و100 ألف من أجل مساومة أهالى الشهداء وفوضت فى ذلك أحد المحامين وأحد الشيوخ المعروفين هناك لإقناع الأهالى بالتنازل وقبول الدية، وأن هناك شيكًا آخر بقيمة مليون و900 ألف. لفت والد أميرة أن المساومة وصلت معه إلى 300 ألف جنيه، إلا أنهم تراجعوا بعد تأكيده لهم على أنه سيأخذ الشيك والأموال ويعرضها كاشفا الحقيقة على كل وسائل الإعلام، مشيرًا إلى أن تلك المساومات دائما ما تبدأ قبل أسبوع أو أكثر بقليل من موعد كل جلسة، مضيفا "عيب أنهم يساوموا الضحية على آلاف، بينما قيمة القاتل عندهم ملايين، والملايين مش هتعوضنى عن بنتى ومش هسيب حقها". اتفق معه رمضان أحمد والد الشهيد محمد (15 عامًا) والذى أصيب بنفس الطريقة فى منطقة طوسون بالقرب من قسم منتزه ثان وتوفى بعد أسبوع بالمستشفى بطلقة فى الصدر، والذى دفعه اغتيال ابنه إلى تبنى القضية والانضمام للجنة تقصي الحقائق الثانية، ممثلا عن أهالى شهداء الإسكندرية، مؤكدًا أن الشيك صدر بالفعل فى عهد الوزير منصور عيسوى وحمل رقم 364486 وأنه تم ضمه للجنة تقصي الحقائق للتحقيق فى هذا الأمر نظرًا لأن تلك الأموال تأتى من حساب الضرائب التى يدفعها الشعب، متهما الداخلية بإشعال الأحداث الأخيرة بالإسكندرية، لإفشال القضية لتأكدهم من الإدانة. لفت والد محمد إلى أن هناك مايقرب من 14 أسرة قبلت "الدية" وبعضهم قبل التنازل عن حقه والبعض الآخر قبل الأموال، ويظن خطأ أنه مستمر فى القضية، كاشفًا أن المحامى الذى وكلته المديرية لإجراء تلك المساومات كان يدفع أهالى الشهداء لعمل توكيل عام له كى يمكنه من التصرف باسمهم والتنازل فى القضية، وأن الكثيرين من أهالى الشهداء لايدركون تبعات ذلك، ولن يكتشفوا ذلك إلا قبل صدور الحكم. من جانبه أكد أسامة أبوالمعاطى، شقيق الشهيد صابر (43 عامًا)، أنه قبل المبلغ الذى عرض عليه محامى المتهمين لمساعدة زوجة أخيه وأبنائه الثلاثة فى نهاية عام 2011، وبعد أن تحدث معه الشيخ ياسر البرهامى وأخبره أن هذا العرض ترعاه القوات المسلحة وأنه حلال وحق لهم، حسبما قال، مؤكدًا أنه مستمر فى القضية ولم يوقع على أى طلب بالتنازل.