أعلن حسين أيت أحمد، أقدم زعيم سياسي معارض بالجزائر، اعتزال العمل الحزبي كرئيس لحزب "جبهة القوى الاشتراكية"، التي تتمركز بمنطقة القبائل، بعد 70 عامًا قضاها في النضال ضد الاستعمار الفرنسي والنظام الحاكم بالبلاد بعد استقلالها عام 1962. وقال أيت أحمد "86 عامًا"، في رسالة لقيادات حزبه اليوم نشرها الموقع الإلكترونى لصحيفة "الشروق" الجزائرية: "إن قناعاتي وحماستي لا تزالان كما كانتا خلال الساعات الأولى من النضال قبل 70 عاما خلت.. ولكن أطوار الحياة تفرض نفسها على الجميع.. وعليه دعوني أقول لكم أن الوقت قد حان لتسليم المشعل وأنني لن أترشح لرئاسة الحزب خلال العهدة المقبلة". وأضاف: "لأجل ذلك أترك لكم من الآن عناية الحفاظ على نفس التوجه وصون جبهة القوى الاشتراكية وتطويرها في إطار جماعي طبقا للروح التي ما فتئت تنير دربنا"، موضحًا أنه سيبقى في خدمة المناضلين والمناضلات والاستماع إلى انشغالاتهم، مؤكدًا أنه لن يدخر جهدا في ترشيدهم معلنًا عن نيته هو وأولاده في إطلاق "مؤسسة حسين آيت أحمد". وحذر أقدم زعيم سياسي معارض في الجزائر من حرب أهلية مدمرة بمنطقة الساحل تزعزع كليا الاستقرار الإقليمي، وشمال إفريقيا والمنطقة المغاربية فى إشارة إلى الأزمة فى شمال مالي - التي تغذيها -كما قال- الأزمة الاقتصادية العالمية، والاضطرابات التي تعرفها دول المنطقة، موضحا أن شعوب المنطقة قد تجد نفسها مرة أخرى متقاذفة بين القوى المعادية لتنميتها، وتماسكها وحريتها مشددًا على أن تلك العناصر الثلاثة تشجعها وتدعمها الأنظمة المشغولة جدا بقمع شعوبها وخنق أي مبادرات للتغيير. ويعد آيت أحمد الذي يعيش في منفى إرادي بسويسرا منذ سنوات أحد رموز حركة التحرر وثورة التحرير الجزائريتين منذ أربعينيات القرن الماضي حين انخرط في النضال السياسي وهو في سن 16 عامًا ضمن حزب الشعب الجزائري ثم أسس رفقة مناضلين جبهة التحرير الوطني التي فجرت الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي عام 1954. واعتقلته السلطات الفرنسية عام 1956 ليطلق سراحه عام 1962 بعد استقلال البلاد ليدخل بعدها في خلافات مع رفقاء النضال السابقين وأبرزهم أحمد بن بلة أول رئيس جزائري، حيث أسس حزب جبهة القوى الاشتراكية، ليزج به في السجن ثم فر منه عام 1966 وغادر نحو أوروبا وواصل المعارضة السياسية من هناك. عاد حسين أيت أحمد إلى الجزائر عام 1989 بعد إقرار التعددية السياسية قبل أن يعود إلى منفاه بسويسرا لكنه بقي يشرف على حزبه من هناك ليترشح عام 1999 للرئاسة لكنه انسحب في آخر لحظة بدعوى وجود نية لدى النظام لتزويرها. وعرف حزب جبهة القوى الاشتراكية اليساري التوجه انشقاقات مؤخرًا بعد مشاركته في الانتخابات البرلمانية بعد معارضة تيار للمشاركة فيها حيث يعد رابع قوة سياسية في البرلمان الحالي ب 21 مقعدًا.