بعد رفع الحكومة الدعم عن بنزين 95، يعيش الشارع المصري حالة من الترقب لتداعيات القرار، ومدى انعكاسه علي أسعار المنتجات والخدمات التي يحتاجها المواطن العادي والبسيط، وإمكانية امتداده لأنواع أخرى من البنزين في ظل تزايد الحديث الحكومي عن ترشيد الدعم. في البداية، تؤكد الدكتورة ماجدة قنديل، المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن ارتفاع نسبة الدعم الموجه للطاقة في ضوء تحرك أسعارها عالميًا يجعل فاتورة الدعم تصل إلي 100 مليار جنيه بنهاية العام الجاري، مشيرة إلي أن مصر تعد في المركز الخامس للدول التي تمول دعم المنتجات البترولية. وأشارت إلى وجود علاقة وثيقة بين تطور الانفاق الحكومي ودعم الطاقة، مشيرة إلي أن نسب دعم المنتجات البترولية تتراوح بين 20 و95% فدعم السولار يبلغ 45% من إجمالي الدعم المقدم للوقود والمازوت والغاز الطبيعي 24% والبنزين 13% وأسطوانات البوتاجاز تصل إلي 95%. وأضافت: هذا يعني أن تركيبة الدعم للمنتجات البترولية غير متجانسة مع الاستهلاك، فالمنتجات التي تحصل علي أكبر نسبة من الدعم ليست بالضرورة هي الأكثر استهلاكًا كما أن الشريحة الأعلي في المجتمع تحصل علي ما يقرب من 50% من الدعم الموجه للطاقة، وأن الصناعات الأكثر كثافة في استخدام الطاقة تستحوذ علي 35% من إجمالي المنتجات البترولية المدعمة كما تستحوذ علي نسبة 27% من الكهرباء . وأشارت إلى أن توزيع منظومة الدعم في مجال الطاقة بهذه النسب لا تحقق العدالة الاجتماعية لأن الطبقات الأكثر دخلاً تكون مسرفة للغاية في استخدام الطاقة المدعمة ماديًا، كما أن المشروعات الأكثر كثافة في استخدام الطاقة لا تولد فرص عمل كثيرة وبجانب ذلك فإن تلك الاختلالات في توزيع منظومة الدعم نتج عنها أزمات بالبنزين وأسطوانات البوتاجاز . واقترحت الخبيرة الاقتصادية رفع أسعار الطاقة وفقًا لتكلفتها المحلية أو زيادة الأسعار بنسبة 10% بشكل متدرج للوصول بأسعارها إلي الأسعار الواقعية، مضيفًا: يجب علي الحكومة أن تراعي أن رفع الدعم سيؤدي لارتفاع أسعار السلع والخدمات بنسبة 1.5%، حال زيادة الأسعار 10%، وبنسبة 30% عندما يلغي الدعم كاملاً عن المواد البترولية . ولفتت الانتباه إلي أن رفع الدعم كلية عن الطاقة يجعل الحكومة تتوسع في شبكات الأمان والضمان الإجتماعي للفئات الأكثر فقرًا، وتوزيع نسبة كبيرة من هذا الدعم علي الانفاق علي التعليم والصحة والبنية التحتية والأساسية مع استخدام نظام التحويلات النقدية للفئات المستحقة، موضحًا أن التدرج في رفع الدعم يجسد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري واستقرار الاوضاع الاقتصادية . أما المهندس محمد سعيد، نائب رئيس هيئة البترول، فيري أن الاستمرار في دعم المواد البترولية يجعل فاتورة الدعم الإجمالية تنفجر حيث إنها تبلغ 74% من إجمالي فاتورة الدعم أي 100 مليار جنيه، بينما وصل عام 2003 إلي 22 مليار جنيه . واقترح التعديل التدريجي خلال 5 سنوات لاسعار الطاقة حتي تصل إلي أسعار التكلفة والاقتراح الثاني التوسع في استخدام الغاز الطبيعي في المنازل والمصانع مع وضع في الإعتبار ضرورة وضع قواعد ميسرة لاستيراده من الخارج ورفع أسعار الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستخدام للغاز مثل مصانع الاسمنت والحديد والاسمدة والالومنيوم . وطالب باستخدام الكارت الذكي والكوبونات عند توزيع البنزين 92 ، 90 ، 80 والسولار علي أصحاب السيارات عند تجديد التراخيص، داعيًا إلى تشديد الرقابة علي تداول المنتجات البترولية المدعمة في الأسواق، وتنظيم حملات إعلامية للتوعية بترشيد الطاقة. ودعاا محمد السيد بدوي، رئيس لجنة الصناعة والطاقة باتحاد جمعيات المستثمرين، إلى اختراق منظومة الدعم العقيمة الحالية لأن الدعم لا يصل إلي مستحقيه، وهذه القضية أصبحت منظومة سياسية جعلت العديد من الحكومات التي تولت أمور البلاد تخشي الاقتراب منها وعلي رأسها منظومة الدعم للمواد البترولية التي لا يسودها التجانس في نسب الدعم، حيث تبين أن الدعم بهذا القطاع يصل إلي الشرائح الأكثر ثراءً في المجتمع وتستفيد منه المصانع ذات الاستخدام الكثيف بالطاقة مثل مصانع الأسمنت والحديد وهي تبيع منتجاتها في الاسواق بأسعار مرتفعة، بل ونسبة استخدامها للعمالة ليست كثيفة، لذا فإنه يطالب بربط المساندة بحجم العمالة التي يستوعبها المشروع.