د. حاتم عبدالمنعم كثيرًا ما نصادف في حياتنا أشخاصًا ودولًا يظهرون بهالة كبيرة يعيشون بها أمام الغير دور البطل الذي لا يقهر ولا يهزم أو القوة الكبرى التي لا يزلزل عرشها - أقصد هنا جيش الاحتلال الإسرائيلي - بينما الحقيقة عكس ذلك تمامًا، والسبب الحقيقي للمبالغة في إظهار القوى هو الإحساس بقمة الضعف داخليًا ويتبع ذلك عادة إحساس بالنقص والخوف مما يدفعهم لمحاولة إخفاء ذلك الشعور بالنقص والخوف؛ فيسعون للظهور بالقوة الخارقة التي لا تقهر ولبس ثوب البطولة والقوة. وذلك لأن إحساس جيش الاحتلال الإسرائيلي الداخلي بالضعف والنقص يجعلهم يحاولون تعويض ذلك بإيجاد هالة إعلامية ضخمة، وتعمد الظهور بشكل القوى الغاشمة ذات الإمكانات الخارقة والقادرة على السحق والبطش في أي زمان أو مكان. فإسرائيل منذ نشأتها نشأت معها بذور انهيارها؛ لأنها تتعارض مع قواعد وقوانين الجغرافيا والتاريخ والمجتمع والاقتصاد والبشر بوجه عام، وبالتالي فإن استمرارها ضد قوانين الطبيعة، ومن ثم انهيارها وشيك ومسالة وقت ليس إلا؛ لأنها قد تستطيع خداع الغير أو العالم بعض الوقت، ولكن لن تستطيع خداعهم طوال الوقت، ولن تستطيع قوة الوقوف ضد طبيعة الأشياء وقتًا طويلًا. فمن حيث الجغرافيا تمثل مساحة إسرائيل نحو 22 ألف كيلو متر مقابل أكثر من أربعة عشر مليون كيلو متر للوطن العربي، والجغرافيا والمساحة تعطيك قوة وحرية الحركة والمناورة؛ بينما عدد سكانها أقل من سبعة ملايين مقابل نحو 420 مليون عربي؛ منهم أكثر من ثلاثة ملايين جندي مقاتل، منهم خير أجناد الأرض الذين لا يهابون الموت ولا يحتمون بسلاح أو صخرة، وثروات طبيعية متنوعة تحقق الاكتفاء الذاتي في الطاقة والزراعة وخلافه، وتجانس بشري وعرقي منذ آلاف السنوات. بينما إسرائيل تعتمد على أجناس شتى متفرقة ليس لها جذور تاريخية واحدة أو تجانس اجتماعي، ومواردها البشرية محدودة كمًا وكيفًا، ويهابون القتال والتضحية؛ لأنه ببساطة ليس وطنهم؛ ولذلك من المتوقع هجرة عكسية لأوطانهم الأصلية؛ حيث الاستقرار والأمن. وبالتالي فإسرائيل ليست لديها النفس الطويل أو القدرة على المقاومة لعدة أسباب أهمها ليس لديهم قناعة حقيقية بالدفاع عن حق أو وطن حقيقي لأنهم يدركون أنهم صناع الوهم والكذب، ثم ليس لديهم النفس الطويل للصمود مع قلة عددهم فلا يستطيعون تحمل أو تعويض الخسائر البشرية، كما أن مواردهم الاقتصادية محدودة ولا يملكون تجييش جيش كبير لفترات طويلة تنعكس على الإنتاج والاقتصاد الهش القائم على المعونات. حتى إن موقفهم الخارجي أمام العالم تغير مع ثورة الاتصالات وأصبح صعبًا إخفاء الحقائق وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان كما كانوا يفعلون في الماضي، ومن ثم أصبح رصيدهم الخارجي أمام دول العالم في تناقص رهيب؛ ولذلك تأثيره على صناع القرار. وليس مستبعدًا أن تخسر إسرائيل تعاطف الدول الكبرى الصديقة لها؛ لأنهم يفقدون الآن رويدًا رويدًا رصيدهم عند تلك الشعوب، والمستقبل القريب جدًا ضدهم؛ لأنه ضد طبيعة الأشياء، وسوف يتضح للجميع قريبًا أنهم أبطال من ورق. هذه رؤية موضوعية وواقعية لمن يسعى لقراءة الأحداث بدقة وموضوعية في ضوء عوامل الجغرافيا والتاريخ والمجتمع والاقتصاد والسياسة، وخاصة مع اهتزاز البطولة الزائفة بمجرد مجهودات فردية من المقاومة الفلسطينية الباسلة، فما بالك لو توحدت المصالح وتجمعت الإرادة للتعجيل بوعد الله على الأرض (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ) صدق الله العظيم. والآن أليس من حقنا أن نحلم بالولايات العربية المتحدة؛ بحيث تقوم على اللامركزية على أن تحتفظ كل دولة بميزانيتها الخاصة وتقاليدها في الحكم والاقتصاد وخلافه، على أن يخصص نسبة من ميزانية جميع دولها للأمن؛ بحيث يكون هناك جيش عربي موحد لحماية الجميع وتحقيق الأمن والأمان ضد أطماع جميع دول العالم والقوى الإقليمية المحيطة. هذه أفضل وسيلة لحماية الجميع من أطماع الجميع، وهذه هي البطولة الحقيقية التي تكشف للعالم كله زيف بطولات الورق والله الموفق.