تكتب كنا في أمس الحاجة لإعادة مشاركة الدولة المصرية في الإنتاج السينمائي والدرامي، وهذا موجود ومطلوب في معظم دول العالم إما لدعم سياسة وأهداف كل دولة: سواء أكانت اتجاهات سياسية، أو مبادئ اقتصادية أو اجتماعية، أو حتى ترفيهية، وبالفعل استطاعت مصر في عقود سابقة أن تمرر كل ما تريد عبر ثروتها الفنية؛ سواء في السينما أو في المسرح أو التليفزيون، ولنا في الإنتاج العظيم لقطاع الإنتاج المصري خير مثال على ذلك وقبله الكثير. - اليوم وبعد انتهاء الموسم الدرامي الرمضاني وتقديم أعمال هامة للغاية مثل الاختيار والقاهرة كابول وهجمة مرتدة وغير ذلك من أعمال فنية لها طبيعة اجتماعية أو تحمل أفكارًا إنسانية راقية حازت على إعجاب الناس مثل نجيب زاهي زركش، وخلي بالك من زيزي، وولاد الناس، لنا أن نطرح بعض التساؤلات أو التمنيات كمشاهدين يتمنون أن تقدم لهم دولتهم كل عام ما هو أفضل: - لما تصر الدولة على إنتاج مسلسلات هامة بطلها الممثل محمد رمضان برغم أن سلوكه والنموذج الذي يمثله في حياته الشخصية، ومغزى الأعمال التي يقدمها ضد أهداف الدولة المصرية على طول الخط، فهو البلطجي الذي قد يذبح بالساطور ويهرب من العدالة وينشر الفجاجة والقبح الأخلاقي شكلًا ومضمونًا وهو المنتقم الذي يعود بالشر المطلق لينتصر على الجميع قتلًا وسفحًا وتدميرًا إلي ما غير ذلك، لم نره مرة عالمًا أو طبيبًا محترمًا أو شابًا مكافحًا، لكنه السوقي الفج الذي تقلده شباب العشوائيات وتتمنى أن يصبح مستقبلها مثله؟ - لماذا تعرض الدولة نماذج مجسدة صريحة للعنف ضد المرأة بما في ذلك من تكريس لهذا السلوك؛ برغم أن هذا ضد خطاب ومصلحة الدولة حتى لو تم إنصاف المرأة في آخر حلقة أو حلقتين؛ إلا أن المشاهد اعتاد أن إهانة المرأة أو عرض نماذج سلبية لها أصبح هو العادي والمقبول، وكأننا نتعمد الإهانة والتشويه وتقبل السيء، لماذا لا تعرض الدراما نموذجًا لنجاح سيدة في أي مجال أو كفاح، سيدة مصرية أو حتى تكون النماذج المقدمة لسيدات لا تهان ولا تحمل شكلًا أو مضمونًا مسيئًا؟ - إذا كان من الطبيعي أن تتعامل الدولة مع منتجين منفذين أو شركاء في الإنتاج فيجب أن يكون هناك إشراف مهني من مبدعين حقيقيين على الأعمال المقدمة، فكيف يتم تدمير صورة أو سيناريو لصالح نجمة أو نجم على صلة بالمنتج أو بالمخرج، ويظهر هذا المسخ للمجتمع وعليه شعار ورعاية الدولة حتى لو تحملت جهة أخرى كل النفقات؟ - هناك المئات من كبار الموهوبين من أعضاء نقابة المهن التمثيلية من مختلف الأعمار والأجيال برجاء الاستعانة بهم فهذه مهنتهم وليست مهنة كل من هب ودب. - يعاني المجتمع المصري الآن من ضغوط طاحنة على كافة المستويات وعنف اجتماعي لم نسمع عنه من قبل؛ لذلك برجاء وقف كل الأعمال التي تجسد العنف وتعرض نماذجه، حتى لو انتهت نهايات مأساوية؛ لأننا لا نحتمل مزيدًا من تعلم العنف وتكريس صوره وممارسته والإنفاق على أعمال لا تحمل سوى التدني أو السوقية أو القيم المتدنية، وكأن هذه هديتنا للمجتمع اليوم؛ لتضيف ليومه المزيد من القبح والتوتر والغضب ومشاهد الدم، وكأن مصر أصبحت غابة أو هكذا يريدها صناع الدراما، برجاء كفاكم دمًا وقبحًا. النجاح الهائل للمسلسلات الاجتماعية الراقية والكوميدية تؤكد افتقاد هذا النوع من الدراما؛ بل والحاجة الماسة له خاصة إذا قدمه كتاب على قدر من الوعي ومخرجون مبدعون، وكذلك نجوم لديهم الكاريزما والموهبة وهؤلاء كُثر.