واحد من الشخصيات التى منّ الله عليها بنور العلم والفهم.. فسعى لترجمة ذلك واقعيا من خلال عدد من اللقاءات الأسبوعية الثابتة بالجامع الأزهر الشريف بجوار خطب الجمعة ناهيك عن عمله أستاذا للبلاغة والنقد الأدبى بجامعة الأزهر الشريف، ومع دخول جائحة كورونا وما ترتب عليها من إجراءات احترازية قام الشيخ باستخدام الوسائل المتاحة لتوصيل علمه عبر قنوات التواصل الاجتماعى بمختلف أنواعها .. وقد امتازت فتاواه باعتمادها على النقل والمأثور فى أسلوب موجز وسهل يفهمه الجميع .. إنه الأستاذ الدكتور محمد سيد سلطان عبد الرحيم أبو نبوت ابن قرية بنى عدى بلد العلم والعلماء بمركز منفلوط وإلى نص الحوار: نرى أناسًا قاطعين للرحم حتى فى شهر رمضان وبعضهم يرى أنه لو حاول الوصال لكان من باب النفاق لأنه سيظهر غير ما يبطن؟ **قطيعة الرحم حرام فى كل الأوقات وفى كل الأشهر، لكن يعظم جرمها وذنبها فى هذا الشهر المبارك؛ لأن قطيعة الرحم من الكبائر، وإذا كانت فى الشهر الكريم فهى أعظم جُرما، حتى ولو كان الأقرباء أو الأهل لا يرغبون فى الصلة، لكنَّ رسول الله بيّن ذلك فى حديث فى صحيح مسلم «أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لى قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحلُم عليهم ويجهلون عليّ، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، فقال له صلى الله عليه وسلم : لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَلّ، ولا يزال لك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».. ومعنى «تسفهم المل»: يعنى تطعمهم الرماد الحار، يعنى أنت الواصل وهم القاطعون. *هناك من يعانى من الوسواس القهرى وهذا يصعب عليه العبادات فما السبيل للقضاء على الوسواس القهرى؟ **أولاً القرآن الكريم قال عن الشيطان «وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ».. فالوسواس القهرى سواء جاء فى الصلاة أو جاء خارج الصلاة، فالإنسان يستعيذ بالله منه، ولو فى أثناء القراءة أو فى أثناء السجود أو فى أثناء الركوع، و«ينزغنك» يعنى يوسوس لك، النزغ هو الوسوسة.. «وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ» فاستعذ: يعنى التجئ إلى الله؛ لأن الله هو الذى آخذ بناصيتك . *ما حكم أخذ الوكيل زيادة على ثمن السلعة دون علم الموكل له؟ **هذا حرام؛ لأن الوكيل هذا نائب عن المشترى فله أجرة الوكالة، هذا يسمى عند العلماء الوكالة بأجر، أنا أعطيته فاشترى لى فقلت له خذ كذا، ممكن يتفقان على ذلك، يتفقان على أن يأخذ ألفًا أو ألفين أو ثلاثة أو أربعة، اسمها وكالة بأجر، لكن لا يجوز للوكيل أن يشترى شيئًا ولو رخيصًا من أجل مكانته هو فى السوق، ثم يربح هو من الموكل، لا؛ لأنه لم يطلب منه سلعة يشتريها له وإنما أعطاه مالاً ليتوكل عنه فى الشراء، لكن لو طلب منه سلعة ووعده بشرائها، ثم اشتراها وذكر له الأصل والربح، باعها له مرابحة أو باعها له مساومة جاز. *هل الصلاة على النبى (صلى الله عليه وسلم) بصيغة مرتبطة بعدد مثل عدد الرمال أو عدد خلق الله تعتبر صلاة واحدة أم صلوات بعدد ما ذُكر؟ **العلماء نصوا على أن من قال: اللهم صل على سيدنا محمد مثلاً عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك، فله ثواب بعدد ما قال بدليل حديث السيدة جويرية فى صحيح مسلم لما كانت بعد صلاة الصبح وأتت بكوم من الحصى وأخذت تسبح، فذهب صلى الله عليه وسلم إلى أقصى المدينة ورجع فوجدها جالسة تسبح الله تعالى على الحصى، فقال لها: ما زلتِ على الحال التى تركتك عليها؟ قالت :نعم. قال: لقد قلت بعدك أربع كلمات هن خيرٌ مما قلتِ «سبحان الله عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته».. قالها ثلاث مرات. *نرى بعض الآباء يفضل أحد أبنائه فى العطية أو فى تقسيم تركته فى حياته لأنه عاطل أو لقلة دخله؟ **ذكر العلماء أن التفضيل المسبب يعنى واحد يفضل أحد الأولاد أو إحدى البنات لسبب من الأسباب، لمرض أو لكثرة عيال أو لصغرٍ أو لتعليمٍ، أو إتمام أى شيء من الأشياء هذا جائز؛ لأن سيدنا أبا بكر رضى الله عنه فضل السيدة عائشة رضى الله عنها، وسيدنا عمر رضى الله عنه فضل عبدالله بن عمر وعبيدة الله بن عمر على أخواتهم.. فعند الجمهور يجوز هذا التفضيل على سبيل الإطلاق. *فى ظل جائحة كورونا فما الأذكار النبوية التى ينبغى للمسلم ملازمتها ليحفظ نفسه من هذا البلاء؟ **النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء سلاح المؤمن ونور السموات والأرض»، وقال «حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع».. والله تعالى يقول فى سورة النمل: «أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ» فنحن نعيش تحت رحمة الله تبارك وتعالى وتحت العبد المضطر الفقير إلى رحمة مولاه، وهو لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا والله يعدنا فى القرآن قائلا: «وقال ربكم أدعونى استجب لكم» وقد أورد الإمام النووى أذكارا عن النبى صلى الله عليه وسلم تقال عند أوقات الشدة وعند نزول الكرب وعند نزول العاهات منها طبعا الحوقلة قول (لا حول ولا قوة إلا بالله) لأنه فى حديث على رضى الله عنه «قال ألا أعلمك كلمات إذا وقعت فى ورطة قولتها؟ قلت : بلى، جعلنى الله فداك كم من خير قد علمتنيه.. قال: إذا وقعت فى ورطة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء. *ماذا تقولون فى كذب الرجل على زوجته والعكس بحجة أنه مباح؟ طبعًا لا يجوز للمرأة أن تكذب على زوجها بأى حال من الأحوال.. لكن الرجل يجوز له ذلك، مرخص له.. يعنى حديث الرجل مع امرأته رخصه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ للمحافظة على العلاقة الزوجية بينهما خاصة إذا كان الصدق يترتب عليه ضرر كبير فهذا من باب ارتكاب أخف الضررين، بالنسبة للزوج طالبته زوجته مثلاً بما ليس فى طاقته مثلاً فوعدها أنه سيأتى لها بذلك يعنى لم يقل لها لن آتى قال لها سآتى وهو فى نفسه أنه لا يأتى فيجوز ذلك من باب المحافظة على العلاقة الزوجية، أو رجل مثلاً يُحسن إلى والديه سألته امرأته أعطيت مثلاً والدك كذا؟، أعطيت أمك كذا؟ *الأمر بالمعروف من أسباب خيرية أمة النبى صلى الله عليه وسلم فهل هناك شروط للأمر بالمعروف؟ **يشترط فى الآمر بالمعروف أن يكون عالما بما يأمر عادلاً بما يأمر رفيقاً بما يأمر كما يقول سيدنا سفيان الثورى رضى الله عنه لأن غير العالم قد يأمر بمنكر وينهى عن معروف فيعكس الأمر، فلابد أن يكون عارفاً بما يأمر به أو ينهى عنه وأن يكون عدلاً عاملاً بما يأمر به منتهياً عما ينهى عنه وذلك ليُقبل قوله وينتفع بعظته. *من البيوع المنتشرة بيع السلع بالتقسيط وأحيانا دون امتلاكها، فهل يقع إثمٌ على من قام بشراء أشياء بهذه الطريقة دون علم منه؟ طبعا إذا أمكن فسخ هذا العقد الذى حصل يُفسخ، يعنى إن كان فيه عقود موجودة قائمة يبقى ترد السلعة ويأخذ الثمن، إذا حصل بيع سلعة من غير الامتلاك، لو موجودة يبقى يُفسخ البيع، غير موجودة وتصرف المشترى فى السلعة وانتهت يبقى يدخل تحت قوله تعالى «كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَيٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ».. لكن من كمال شروط التوبة بالنسبة للأموال أن يتخلص من المكسب الحرام الذى كسبه من هذا العقد، يتصدق به وحتى تكون التوبة صادقة ومقبولة ولا يرجع إلى مثل هذا مرة أخرى.