"الشيوخ" يناقش تعديل قانوني الكهرباء ونقابة المهن الرياضية الأحد المقبل    سعر جرام الذهب صباح اليوم الخميس، عيار 21 وصل لهذا المستوى    د.حماد عبدالله يكتب: الإهتمام الوطنى بالقيمة المضافة!!    الجيش الأوكراني يعلن تدمير 63 مسيرة روسية    مودرن سبورت يتحدى البنك الأهلي في كأس عاصمة مصر    حالة المرور اليوم في القاهرة والجيزة والقليوبية، زحام ملحوظ في هذه المناطق    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة على الطرق.. اعرف تفاصيل حالة الطقس اليوم    سلطة ساندوتش طعمية تشعل مشاجرة تنتهي بجريمة قتل في مطعم بالمنصورة    السعودية.. تعليق الدراسة حضوريا في الرياض بسبب سوء الطقس وتساقط الثلوج    الصحة العالمية: مقتل أكثر من 1600 شخص في هجمات على المراكز الصحية في السودان خلال 2025    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    تراجع أسعار الذهب اليوم 18 ديسمبر في بداية التعاملات بالبورصة العالمية    توقع تثبيت أسعار الفائدة في أخر اجتماعات البنك المركزي الأوروبي للعام الحالي    نائب لافروف يزور الدوحة ويبحث مع مسؤولين قطريين تعزيز علاقات التعاون بين البلدين    زكريا أبوحرام يكتب: جماعة البهتان    أحمد حمدي يكتب: اللعبة الجديدة.. التفكيك قبل التصفية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    أحداث مسلسل FALLOUT ستؤثر في الجزء الخامس من اللعبة    ترامب: نمتلك أقوى جيش في العالم وأنهيت 8 حروب    إدارة ترامب تسخر من بايدن بلوحة تذكارية على جدار البيت الأبيض    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    تطورات جديدة في انهيار عقار المنيا.....مخالفات جسيمة وراء الانهيار    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    شهادة المخالفات الإلكترونية أحدث الخدمات.. «المرور» يسير على طريق التحول الرقمي    أنشطة متنوعة لأهالي عزبة سلطان ضمن برنامج المواطنة والانتماء بالمنيا    لمواجهة تراجع شعبيته، ترامب يلقي خطابا الليلة يكشف أجندته ويستعرض "العصر الذهبي"    البرلمان تحت الاختبار.. بين ضغوط الأسعار وحصن الأمن القومي    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    جمال الزهيري: كأس أمم أفريقيا أهم من المونديال بالنسبة لمنتخب مصر    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    مسؤول روسي: هجوم أوكراني يلحق أضراراً بسفينة في ميناء روستوف جنوب البلاد    ماذا حدث في اللحظات الأخيرة قبل وفاة نيفين مندور؟    بالفيديو.. محمد رمضان يعتذر لعائلته وجمهوره وينفي شائعة سجنه ويستعد لحفله بنيويورك    سفير مصر في المغرب: الأوضاع مستقرة وتدابير أمنية مشددة لاستقبال المنتخب    نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى    اسأل والجمارك تُجيب| ما نظام التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI»؟    محافظ قنا يعزي أسر ضحايا حادث انقلاب ميكروباص بترعة الجبلاو.. ويوجه بحزمة إجراءات عاجلة    التهاب مفصل الحوض: الأسباب الشائعة وأبرز أعراض الإصابة    مصرع عامل تحت تروس الماكينات بمصنع أغذية بالعاشر من رمضان    وزير الثقافة يعزز الشراكة مع متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني.. صور    إصابة 11 شخصاً فى حادث تصادم سيارتين ب بدر    كأس الرابطة الإنجليزية - نيوكاسل يواصل حملة الدفاع عن لقبه بفوز قاتل على فولام    أمم إفريقيا - البطل يحصد 7 ملايين دولار.. الكشف عن الجوائز المالية بالبطولة    نوبات غضب وأحدهم يتجول بحفاضة.. هآرتس: اضطرابات نفسية حادة تطارد جنودا إسرائيليين شاركوا في حرب غزة    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    وزارة الداخلية: ضبط 40 شخصاً لمحاولتهم دفع الناخبين للتصويت لعدد من المرشحين في 9 محافظات    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    الإسماعيلية تحت قبضة الأمن.. سقوط سيدة بحوزتها بطاقات ناخبين أمام لجنة أبو صوير    الحكومة تستهدف استراتيجية عمل متكامل لبناء الوعى    محافظ الجيزة: زيادة عدد ماكينات الغسيل الكلوى بمستشفى أبو النمرس إلى 62    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    إقبال على التصويت بجولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب بالسويس    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الأوقاف يكشف أسرار أسماء سور القرآن الكريم
نشر في بوابة الأهرام يوم 21 - 04 - 2021

تحت عنوان «تعرف على أسرار الزمان والمكان في أسماء سور القرآن الكريم» نشر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مساء اليوم الأربعاء، من خلال صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، مقالا مطولا قال فيه: إنه لاشك أن القرآن الكريم إنما هو كلام رب العالمين، معجز كله، وفي جميع جوانبه كل شيء فيه بحكمة ولحكمة، فهو كما قال الحق سبحانه: «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ».
وهنا نلقي الضوء على دلالات أسماء بعض السور وما تحمله من معان وإشارات في ألفاظه , في تراكيبه , في أساليبه, في معانيه , في أسماء سوره.
فمنها ما يرتبط بالزمن، تأكيدًا على أهميته وبيانًا لقيمته, حيث سمّى القرآن الكريم ست سور بأسماء تحمل دلالات زمنية , هي سورة الجمعة, حيث يقول الحق سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " , بما تحمله هذه الآيات من ضرورة التوازن بين عمل الدنيا وعمل الآخرة , وكان سيدنا عراك بن مالك (رضي الله عنه) إذا صلى الجمعة انطلق فوقف على باب المسجد , ثم قال : اللهم إني قد أجبت دعوتك , وأديت فريضتك , وانتشرت كما أمرتني , فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.
وسورة الفجر التي يقول الحق سبحانه وتعالى في مفتتحها :" وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ " ، فمع أن القسم استهل بوقت الفجر الذي سميت السورة باسمه فإنه قد تضمن وحدات زمنية أخرى : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " , " وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ", ثم يختتم القسم بقوله تعالى : "هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ " أي لذي عقل أو لبّ يدرك معنى هذا القسم , ثم أتبع القسم بما يدعو إلى التأمل العميق في أحوال من مضى من الأمم السابقة من عاد وثمود وفرعون , فقال سبحانه : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" .
ويأتي بعد سورة الفجر من حيث ترتيب سور القرآن الكريم من السور التي سميت بأسماء ذات دلالات زمنية , سورة الليل التي استهلت بقوله تعالى : " وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى" , ثم تأتي بعدها سورة الضحى , مستهلة بقوله تعالى: " وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى" , ثم سورة القدر , حيث يقول سبحانه وتعالى : " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " , ثم سورة العصر, حيث يقول الحق سبحانه : " وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ".
ولا شك أن تسميته ست سور من سور القرآن الكريم بأسماء أوقات أزمنة : الجمعة , والفجر , والليل , والضحى , والقدر , والعصر , لهو دليل على أهمية الزمن , ولفت واضح للنظر على ضرورة استغلاله الاستغلال النافع والأمثل , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ" , وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : " لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عِلمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ؟".
وإذا تحدثنا عن السور التي سميت بأسماء ذات دلالات زمنية فمن المنطق أن نتبع بالسور التي سميت بأسماء ذات دلالات مكانية مما هو معروف في دنيا الناس متصل بحياتهم، وهي على الترتيب : الحجر , والكهف , والأحقاف, والحجرات , والطور , والبلد , ولكل دلالتها , غير أن أول ما يلفت النظر هو هذا التكافؤ الزماني المكاني , حيث إن السور التي سميت بأسماء ذات دلالات زمانية ست سور وفي جوارها ست سور أخرى مسماة بأسماء ذات دلالات مكانية, للتأكيد على أهمية المكان وأهمية الجغرافيا , وهو ما جعل العلماء والفقهاء يؤكدون على أهمية مراعاة طبيعة وخصوصية الزمان والمكان , فقرروا أن الفتوى قد تتغَيَّر أو تتطلب تغييرًا بتغير الزمانِ أو المكان ، يراعى خصوصيتهما أو خصوصية أي منها.
ثم إن لكل سورة دلالتها والعبرة المستقاة منها , وأول هذه السور في ترتيب المصحف سورة الحجر حيث يقول الحق سبحانه : " وَلَقَدْ كَذَّبَ أصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ", وأصحاب الحجر هم قوم سيدنا صالح (عليه السلام).
ثم تأتي سورة الكهف وتتناول أمورًا عديدة أبرزها قصة أصحاب الكهف , هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم , حيث يقول الحق سبحانه: " إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَّدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا", ويقول سبحانه : " وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا", ونلاحظ أن النص القرآني عبر بقوله تعالى: " وَازْدَادُوا تِسْعًا", ولم يقل سبحانه وتعالى: ثلاثمائة وتسع سنين , ففرق كبير بين التعبيرين, إذ إن النص القرآني يحمل معنى وإشارة لا يمكن أن يحملها تعبير آخر , ذلك أن كل مائة سنة شمسية تعادل مائة وثلاث سنوات قمرية , فهي ثلاثمائة سنة شمسية , تزاد تسعًا بالحساب القمري.
ثم تأتي سورة الأحقاف لتذكر بمصير ومآل أصحاب الأحقاف قوم سيدنا عاد (عليه السلام) , حيث يقول الحق سبحانه فيها : "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ " , إذ في ذلك متعظ لمن كان له أدنى مسحة أو تدبر في أحوال الأمم التي طغت وتجبرت وظلمت وعتت عن أمر ربها فأخذها أخذ عزيز مقتدر , في سنة لا تتخلف في سوء عقبى الظالمين , وحسن عقبى المتقين , أفرادًا أو جماعات أو أمم.
ثم تأتي سورة الحجرات ، حجرات أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم), حيث يقول الحق سبحانه: " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " , وعندما سمع سيدنا الإمام مالك بن أنس (رضي الله عنه) رجلاً يرفع صوته في مسجد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال له: يا هذا : إن الله (عز وجل) امتدح أقوامًا فقال: "إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ" , وذم آخرين فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " , وقال : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" , وإن حرمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ميتًا كحرمته حيًّا , فاحفظ نفسك ولسانك في حضرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ثم تأتي سورة الطور "طور سيناء"؛ حيث يقول الحق سبحانه: " وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ".
وتأكيدًا على قدسية هذا المكان ولفتًا للأنظار إليه قدم القسم بالطور على غيره من المقسم به من : الكتاب المسطور, والبيت المعمور ، والسقف المرفوع , والبحر المسجور , وقد استمد هذا الطور هذه المكانة من تجلي الحق سبحانه وتعالى عنده لكليمه موسى (عليه السلام) , حيث يقول سبحانه : " فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى " ويقول سبحانه: " فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ " , ويقول لنبينا (صلى الله عليه وسلم): " وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ", وفي هذا كله ما يؤكد أهمية هذه البقعة المباركة من أرض سيناء المباركة بما حباها الله (عز وجل) به من خير وبركة , وهو ما يستحق منا الاهتمام بها وبأهلها وبمقدساتها والحفاظ عليها , ويجعلنا نلتف وبقوة خلف قواتنا المسلحة الباسلة في الدفاع عنها وعن كل حبة رمل من ثراها الطيب الطاهر العطر , وألا نسمح للإرهابيين والمتطرفين من تلويثها بغدرهم وخيانتهم وعمالتهم وزيغهم وزيفهم وبهتانهم وضلالهم وإضلالهم.
ثم يأتي الختام بسورة البلد , البلد الأمين , مكة المكرمة, بلد الله الحرام الآمن , حيث يقول الحق سبحانه : "لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ " , فالبلد مكَّرم لذاته , ولبيت الله المحرم , ومكَّرم لنبيه , حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا حبيبنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) : "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ".
ثم إن هذا القسم بهذا البلد الحرام ينصب على حقيقة هامة يجب أن نعيها جيدًا , وهي طبيعة هذه الدنيا التي بنيت على الكد والنصب والتعب , حتى قال أحد العارفين : من طلب الراحة في الدنيا طلب ما لم يخلق ومات ولم يرزق , لأن الله (عز وجل) قد قال في كتابه العزيز: " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ " , فالدنيا دار عمل وتعب ونصب, والعاقل من أخذ منها ما يتزود به لغده , وما يجب أن يلقى الله به, في توازن بين عمارة الكون والتزود للآخرة.
فإذا ما تجاوزنا دلالات الزمان والمكان وجدنا القرآن الكريم يلفت الأنظار إلى الظواهر الكونية ، من الشمس ، والقمر ، والنجم ، والرعد ، والتكوير ، والانفطار ، والزلزلة ، والبروج ، والطارق ، والفلق ، في تأكيد واضح على أهمية هذه الظواهر ، ولفتا للأنظار إليها والتأمل فيها ، والإفادة منها، وأخذ العبرة والعظة بما ورد في شأنها ، حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " , ويقول (عز وجل) : " سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ".
وهكذا في سائر الدلالات ما يستحق دراسة علمية أكاديمية متخصصة وافية تجلي أسرار ودلالات هذه السور بما فيها من فيض وإعجاز علمي وبلاغي ، وتعطي الموضوع حقه من البحث والدرس والنظر ، إذ في كل هذا ما يؤكد أن عطاء القرآن الكريم متجدد في كل زمان ومكان ، لا تنقضي عجائبه , ولا يشبع منه العلماء , ولا يخلق عن كثرة الرد ، وهذا أحد أسرار حفظه وبقائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وصدق الحق سبحانه إذ يقول في محكم التنزيل : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " ، وحيث يقول سبحانه: " فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.