أول تعليق من هيثم الحريرى على سبب استبعاده من انتخابات النواب    طب قصر العيني تناقش تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي    نائب وزير المالية: دين أجهزة الموازنة انخفض بأكثر من 10٪؜ من الناتج المحلي    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة المصرية بعد مرور 90 دقيقة من بدء التداولات    رسائل قوية من السيسي خلال افتتاح منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة    خماسية النصر نهاية مشوار جوزيه جوميز مع الفتح السعودي؟    الذكاء الاصطناعي يتوقع نتيجة مباراة ليفربول ضد مانشستر يونايتد    الداخلية تضبط تجار عملة بتعاملات غير مشروعة تجاوزت 12 مليون جنيه    كيت بلانشيت في الجلسة الحوارية بمهرجان الجونة : اللاجئين يمنحونى الأمل والإلهام وطورنا صندوق دعمهم    السياحة: استمرار إتاحة الجولة الافتراضية لكنوز توت عنخ آمون بمتحف التحرير (رابط مباشر)    الرعاية الصحية: إنشاء إطار إقليمي موحد لدعم أداء المنشآت الصحية مقره مدينة شرم الشيخ    بوتين اشترط خلال اتصاله مع ترامب تسليم أوكرانيا أراضٍ رئيسية لإنهاء الحرب    بعد الزيادة الأخيرة.. الوادي الجديد تعلن تفاصيل سعر أسطوانات البوتاجاز بالمراكز والقرى    وصول بعثة الأهلي إلى مصر عقب الفوز على بطل بوروندي (صور)    خاص.. أول تعليق من والد خوان بيزيرا على دعم جمهور الزمالك في مباراة ديكيداها بكأس الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19 أكتوبر والقنوات الناقلة    لماذا يعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة؟.. متحدث وزارة الأوقاف يوضح    قصر العيني يدعو لتسريع رقمنة البيانات في المؤتمر الدولي الأول لجامعة القاهرة    افتتاح أعمال النسخة الخامسة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    إطلاق قافلة زاد العزة ال53 إلى غزة بحمولة 8500 طن مساعدات    «عبدالغفار» يشهد توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر و«الصحة العالمية»    متحدث الصحة: مبادرة صحة الرئة قدمت أكثر من 55 ألف خدمة للمواطنين    أمل جديد .. طرح أول لقاح يحمى من الإيدز بنسبة 100% يؤخذ مرة كل شهرين    خروج 6 مصابين بعد تلقى العلاج فى حادث انقلاب سيارة وإصابة 13 بالمنيا    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    نقيب الصحفيين: بلاغ لوزير الداخلية ووقائع التحقيق مع الزميل محمد طاهر «انتهاك صريح لقانون النقابة»    أحمد العوضي يحقق أمنية طفلة محاربة للسرطان بالتمثيل في فيلمه مع مي عمر    أحمد سعد يغادر إلى ألمانيا بطائرته الخاصة استعدادًا لحفله المنتظر    بوني يقود إنتر لانتصار ثمين على روما في كلاسيكو الكالتشيو    «العمل العربية» تشارك في الدورة ال72 للجنة الإقليمية بالصحة العالمية    شبانة: أداء اليمين أمام مجلس الشيوخ مسئولية لخدمة الوطن والمواطن    وزارة السياحة والآثار تنفي التقدّم ببلاغ ضد أحد الصحفيين    مصرع عروسين اختناقًا بالغاز داخل شقتهما ليلة الزفاف بمدينة بدر    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    استعدوا لأشد نوات الشتاء 2026.. الإسكندرية على موعد مع نوة الصليب (أبرز 10 معلومات)    100 فكرة انتخابية لكتابة برنامج حقيقي يخدم الوطن    «زي النهارده».. توقيع اتفاقية الجلاء 19 أكتوبر 1954    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    بعد هبوط الأخضر بالبنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19-10-2025    ارتفاع يصل إلى 37 جنيهًا في الضاني والبتلو، أسعار اللحوم اليوم بالأسواق    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد خماسية النصر.. موقف الهلال والفتح    وائل جسار: فخور بوجودي في مصر الحبيبة وتحية كبيرة للجيش المصري    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    «سيوافقان على الانضمام».. عمرو الحديدي يطالب الأهلي بالتعاقد مع ثنائي بيراميدز    أسعار طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    غضب ومشادات بسبب رفع «الأجرة» أعلى من النسب المقررة    الخارجية الأميركية تزعم نية حماس شن هجوم واسع ضد مواطني غزة وتحذر من انتهاك وقف إطلاق النار    شبورة كثيفة وسحب منخفضة.. بيان مهم من الأرصاد الجوية بشأن طقس مطروح    رابط المكتبة الإلكترونية لوزارة التعليم 2025-2026.. فيديوهات وتقييمات وكتب دراسية في مكان واحد    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الأوقاف يكشف أسرار أسماء سور القرآن الكريم
نشر في بوابة الأهرام يوم 21 - 04 - 2021

تحت عنوان «تعرف على أسرار الزمان والمكان في أسماء سور القرآن الكريم» نشر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مساء اليوم الأربعاء، من خلال صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، مقالا مطولا قال فيه: إنه لاشك أن القرآن الكريم إنما هو كلام رب العالمين، معجز كله، وفي جميع جوانبه كل شيء فيه بحكمة ولحكمة، فهو كما قال الحق سبحانه: «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ».
وهنا نلقي الضوء على دلالات أسماء بعض السور وما تحمله من معان وإشارات في ألفاظه , في تراكيبه , في أساليبه, في معانيه , في أسماء سوره.
فمنها ما يرتبط بالزمن، تأكيدًا على أهميته وبيانًا لقيمته, حيث سمّى القرآن الكريم ست سور بأسماء تحمل دلالات زمنية , هي سورة الجمعة, حيث يقول الحق سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " , بما تحمله هذه الآيات من ضرورة التوازن بين عمل الدنيا وعمل الآخرة , وكان سيدنا عراك بن مالك (رضي الله عنه) إذا صلى الجمعة انطلق فوقف على باب المسجد , ثم قال : اللهم إني قد أجبت دعوتك , وأديت فريضتك , وانتشرت كما أمرتني , فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.
وسورة الفجر التي يقول الحق سبحانه وتعالى في مفتتحها :" وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ " ، فمع أن القسم استهل بوقت الفجر الذي سميت السورة باسمه فإنه قد تضمن وحدات زمنية أخرى : " وَلَيَالٍ عَشْرٍ " , " وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ", ثم يختتم القسم بقوله تعالى : "هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ " أي لذي عقل أو لبّ يدرك معنى هذا القسم , ثم أتبع القسم بما يدعو إلى التأمل العميق في أحوال من مضى من الأمم السابقة من عاد وثمود وفرعون , فقال سبحانه : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" .
ويأتي بعد سورة الفجر من حيث ترتيب سور القرآن الكريم من السور التي سميت بأسماء ذات دلالات زمنية , سورة الليل التي استهلت بقوله تعالى : " وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى" , ثم تأتي بعدها سورة الضحى , مستهلة بقوله تعالى: " وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى" , ثم سورة القدر , حيث يقول سبحانه وتعالى : " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " , ثم سورة العصر, حيث يقول الحق سبحانه : " وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ".
ولا شك أن تسميته ست سور من سور القرآن الكريم بأسماء أوقات أزمنة : الجمعة , والفجر , والليل , والضحى , والقدر , والعصر , لهو دليل على أهمية الزمن , ولفت واضح للنظر على ضرورة استغلاله الاستغلال النافع والأمثل , حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ" , وحيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : " لا تَزُولُ قَدمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عِلمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ؟".
وإذا تحدثنا عن السور التي سميت بأسماء ذات دلالات زمنية فمن المنطق أن نتبع بالسور التي سميت بأسماء ذات دلالات مكانية مما هو معروف في دنيا الناس متصل بحياتهم، وهي على الترتيب : الحجر , والكهف , والأحقاف, والحجرات , والطور , والبلد , ولكل دلالتها , غير أن أول ما يلفت النظر هو هذا التكافؤ الزماني المكاني , حيث إن السور التي سميت بأسماء ذات دلالات زمانية ست سور وفي جوارها ست سور أخرى مسماة بأسماء ذات دلالات مكانية, للتأكيد على أهمية المكان وأهمية الجغرافيا , وهو ما جعل العلماء والفقهاء يؤكدون على أهمية مراعاة طبيعة وخصوصية الزمان والمكان , فقرروا أن الفتوى قد تتغَيَّر أو تتطلب تغييرًا بتغير الزمانِ أو المكان ، يراعى خصوصيتهما أو خصوصية أي منها.
ثم إن لكل سورة دلالتها والعبرة المستقاة منها , وأول هذه السور في ترتيب المصحف سورة الحجر حيث يقول الحق سبحانه : " وَلَقَدْ كَذَّبَ أصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ * وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ * فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ", وأصحاب الحجر هم قوم سيدنا صالح (عليه السلام).
ثم تأتي سورة الكهف وتتناول أمورًا عديدة أبرزها قصة أصحاب الكهف , هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم , حيث يقول الحق سبحانه: " إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَّدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا", ويقول سبحانه : " وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا", ونلاحظ أن النص القرآني عبر بقوله تعالى: " وَازْدَادُوا تِسْعًا", ولم يقل سبحانه وتعالى: ثلاثمائة وتسع سنين , ففرق كبير بين التعبيرين, إذ إن النص القرآني يحمل معنى وإشارة لا يمكن أن يحملها تعبير آخر , ذلك أن كل مائة سنة شمسية تعادل مائة وثلاث سنوات قمرية , فهي ثلاثمائة سنة شمسية , تزاد تسعًا بالحساب القمري.
ثم تأتي سورة الأحقاف لتذكر بمصير ومآل أصحاب الأحقاف قوم سيدنا عاد (عليه السلام) , حيث يقول الحق سبحانه فيها : "وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آَلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ " , إذ في ذلك متعظ لمن كان له أدنى مسحة أو تدبر في أحوال الأمم التي طغت وتجبرت وظلمت وعتت عن أمر ربها فأخذها أخذ عزيز مقتدر , في سنة لا تتخلف في سوء عقبى الظالمين , وحسن عقبى المتقين , أفرادًا أو جماعات أو أمم.
ثم تأتي سورة الحجرات ، حجرات أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم), حيث يقول الحق سبحانه: " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " , وعندما سمع سيدنا الإمام مالك بن أنس (رضي الله عنه) رجلاً يرفع صوته في مسجد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال له: يا هذا : إن الله (عز وجل) امتدح أقوامًا فقال: "إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ" , وذم آخرين فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " , وقال : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ" , وإن حرمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ميتًا كحرمته حيًّا , فاحفظ نفسك ولسانك في حضرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
ثم تأتي سورة الطور "طور سيناء"؛ حيث يقول الحق سبحانه: " وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ".
وتأكيدًا على قدسية هذا المكان ولفتًا للأنظار إليه قدم القسم بالطور على غيره من المقسم به من : الكتاب المسطور, والبيت المعمور ، والسقف المرفوع , والبحر المسجور , وقد استمد هذا الطور هذه المكانة من تجلي الحق سبحانه وتعالى عنده لكليمه موسى (عليه السلام) , حيث يقول سبحانه : " فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي * إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى * فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى " ويقول سبحانه: " فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ " , ويقول لنبينا (صلى الله عليه وسلم): " وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ", وفي هذا كله ما يؤكد أهمية هذه البقعة المباركة من أرض سيناء المباركة بما حباها الله (عز وجل) به من خير وبركة , وهو ما يستحق منا الاهتمام بها وبأهلها وبمقدساتها والحفاظ عليها , ويجعلنا نلتف وبقوة خلف قواتنا المسلحة الباسلة في الدفاع عنها وعن كل حبة رمل من ثراها الطيب الطاهر العطر , وألا نسمح للإرهابيين والمتطرفين من تلويثها بغدرهم وخيانتهم وعمالتهم وزيغهم وزيفهم وبهتانهم وضلالهم وإضلالهم.
ثم يأتي الختام بسورة البلد , البلد الأمين , مكة المكرمة, بلد الله الحرام الآمن , حيث يقول الحق سبحانه : "لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ * لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ " , فالبلد مكَّرم لذاته , ولبيت الله المحرم , ومكَّرم لنبيه , حيث يقول الحق سبحانه مخاطبًا حبيبنا محمدًا (صلى الله عليه وسلم) : "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ".
ثم إن هذا القسم بهذا البلد الحرام ينصب على حقيقة هامة يجب أن نعيها جيدًا , وهي طبيعة هذه الدنيا التي بنيت على الكد والنصب والتعب , حتى قال أحد العارفين : من طلب الراحة في الدنيا طلب ما لم يخلق ومات ولم يرزق , لأن الله (عز وجل) قد قال في كتابه العزيز: " لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ " , فالدنيا دار عمل وتعب ونصب, والعاقل من أخذ منها ما يتزود به لغده , وما يجب أن يلقى الله به, في توازن بين عمارة الكون والتزود للآخرة.
فإذا ما تجاوزنا دلالات الزمان والمكان وجدنا القرآن الكريم يلفت الأنظار إلى الظواهر الكونية ، من الشمس ، والقمر ، والنجم ، والرعد ، والتكوير ، والانفطار ، والزلزلة ، والبروج ، والطارق ، والفلق ، في تأكيد واضح على أهمية هذه الظواهر ، ولفتا للأنظار إليها والتأمل فيها ، والإفادة منها، وأخذ العبرة والعظة بما ورد في شأنها ، حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " , ويقول (عز وجل) : " سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ".
وهكذا في سائر الدلالات ما يستحق دراسة علمية أكاديمية متخصصة وافية تجلي أسرار ودلالات هذه السور بما فيها من فيض وإعجاز علمي وبلاغي ، وتعطي الموضوع حقه من البحث والدرس والنظر ، إذ في كل هذا ما يؤكد أن عطاء القرآن الكريم متجدد في كل زمان ومكان ، لا تنقضي عجائبه , ولا يشبع منه العلماء , ولا يخلق عن كثرة الرد ، وهذا أحد أسرار حفظه وبقائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وصدق الحق سبحانه إذ يقول في محكم التنزيل : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " ، وحيث يقول سبحانه: " فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.