بوسط منطقة سيوف بمحافظة الإسكندرية، التقت "بوابة الأهرام"، أستاذ الشاب وجيه صبحي (البابا تواضروس)، بابا الإسكندرية رقم 18 بعد المائة، وهو الدكتور منير عوض خليل، الأستاذ بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، والذى تتلمذ على يده البابا عندما التحق بكلية الصيدلة عام 1971. تنفرد "بوابة الأهرام" بنشر هذا اللقاء، والذى كان فى منزله بمنطقة سيوف، حيث بدأ كلامه بتقديم زوجته الدكتورة إيزيس رياض دميان، التي كانت أيضا زميلة دراسة للبابا تواضروس بصيدلة الإسكندرية، حيث كشفت عن استمرار العلاقة الأسرية التى تربطهما بالشاب وجيه صبحي - البابا تواضروس - بعد تخرجه وارتياده السلك الكهنوتي، وأن علاقتهما به لم تنقطع، حتى أن لقاءهما الأخير معه كان قبل إعلان نتيجة الاختيار بيوم واحد-أي بالأمس، حيث قاما بزيارته زيارة خاطفة بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، استمرت لدقائق معدودة، قال لهم خلالها ولكل أحبائه: "صلوا كي لا يتم اختياري غدًا". ويكشف الأستاذ الدكتور منير عوض ل"بوابة الأهرام" عن أن البابا تواضروس كان قد وعد أحباءه ومريديه من الشعب القبطي بأنه سيقوم بعمل حفل كبير في حال استبعاده من الاختيار، مشيرًا إلى أنه كان يعرف جيدًا مسئولية منصب البابا، وأنه زاهد فيه – ليس من مسئوليته الدنيوية، لكن لأن المنصب يعد مسئولية كبيرة أمام الله، ويجعل منه مسئولًا عن كل الأنفس البشرية القبطية الأرثوذكسية بالعالم. وتلتقط الدكتورة إيزيس رياض - حرم الدكتور منير وزميلة البابا تواضروس وخريجة نفس الدفعة بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية عام1975 - طرف الحديث، لتكشف أن الشاب وجيه صبحي زميلها الذي أصبح اليوم بابا الإسكندرية كان شابًا هادئًا جدًا، وكان ملتزمًا دينيًا وعلى خلق قويم جدًا، وكان يحصل على تقديرات سنوية جيد جدًا مع مرتبة الشرف بالكلية. وعن ذكرياتها معه بالجامعة، تقول الدكتورة إيزيس: كان الشاب وجيه - نيافة البابا- لا يقف مطلقًا بعد المحاضرات مع زملائه، كما هي عادة الشباب، وكان يختفي فور انتهاء المحاضرات اليومية، وقد سألناه وقتها عن ذلك، فأجاب بأنه كان يجري مسرعًا للالتحاق بالقطار يوميًا، الذي يتحرك من محطة مصر بالإسكندرية، حيث كان يذهب يوميًا لمنزله بمدينة دمنهور، فقد كان كبير الأسرة وقتها، حيث توفى والده وتركه مع شقيقتين ووالدته، فكان لا يستطيع ترك المنزل باعتباره رجل البيت. ويكشف الأستاذ الدكتور منير عوض عن أن البابا تواضروس كان عاشقًا للحوار مع الشباب، وأنه كان دائمًا في عظاته يشدد على الآباء والأمهات أن يسمعوا للشباب، ويفسحوا لهم المجال للتعبير عن أنفسهم، وأنه-البابا- ومنذ توليه مسئول الصحراء بإبراشية البحيرة- يحب التحاور مع الشباب، مشيرًا إلى أن كان ذا شعبية كبيرة بين الشباب بسبب تفهمه لآرائهم وإفساحه الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم. ويشير الأستاذ الدكتور منير عوض إلى أنه يتوقع أن ينهج البابا تواضروس نفس نهج البابا شنودة، بخاصة أن هناك العديد من السمات المشتركة بينهما، فيما يتعلق بالحكمة والصبر والجلد وتحمل الشدائد. ويلفت الأستاذ الدكتور منير عوض إلى أن البابا تواضروس يتمتع بخفة ظل بديهية غير عادية، وأن ذلك أيضًا من السمات التي تجمعه بالبابا شنودة الثالث. وذكر الدكتور منير عوض موقفا معبرا للبابا تواضروس حينما تلقى العديد من الأسئلة من مريديه بإحدى العظات التي كان يلقيها عليهم، وكانت الأسئلة كلها تدور حول التشدد الديني مع الأقباط وتعقيبه على بعض التيارات المتشددة، التي تنادي بعدم المساواة في الحقوق بين الأقباط وغيرهم في مصر، فما كان من البابا تاوضروس إلا أن وقف ودعاهم للوقوف، وسألهم حافظين النشيد الوطني، فأجابوه باندهاش :نعم, فقال: إذن رددوا معي, وأخذ يردد النشيد الوطني "بلادي بلادي لك حبي وفؤادي"، بنفسه مع الجميع, وكان هذا هو رده على الأسئلة المتعلقة بالتيارات المتشددة التي بدأت تظهر مؤخرا في مصر. ورجح الأستاذ الدكتور منير عوض أن البابا تواضروس سيكون منفتحًا على الجميع، وأنه سيقيم علاقات جيدة ومتوازنة مع كل الأطياف والتيارات، مشيرًا إلى أنه يعشق الحوار وسماع الآخر ويرحب بوجهات النظر جميعها ولو كانت مخالفة لرأيه. وتابع الدكتور منير: "البابا تواضروس كان عندما يذهب لزيارة الأماكن الصحراوية - حيث كان مسئولًا عنها بالإبراشية- كان يجلس مع الناس على الأرض، ويتناول معهم الطعام، وكان بسيطًا جدا حتى أنهم لم يكونوا يصدقون أنه قد نال درجة قمص -الذي هو من أعلى الدرجات الكنسية". يذكر أن البابا تاوضروس كان قد تخرج في كلية الصيدلة عام1975، وعمل بمجال تصنيع الأدوية حتى شغل موقع مدير أحد مصانع الأدوية الكبرى بمدينة دمنهور عام 1985، كما أنه سافر لإنجلترا، وحصل على شهادة الزمالة بالصحة العالمية أيضا عام1985. التحق البابا تواضروس بالرهبنة عام 1986، ثم أصبح راهبًا عام1988 بعد قضائه فترة الاختبار المعروفة لمدة عامين، وفي عام 1990 أصبح كاهنا وكان يساعد دائما الأنبا باخوميوس بمحافظة البحيرة. ويصادف يوم اختياره (4 من نوفمبر) يوم ميلاده، حيث يكمل اليوم عامه الستين بالتمام والكمال. يذكر أن البابا تواضروس كان قد أنشأ مجمع الكرمة بمنطقة كنج مريوط غرب الإسكندرية، وقد أقام فيه ما يشبه المتحف التاريخي الفريد من نوعه للعهدين القديم والجديد برسومات على الحائط والأرض، يروي من خلاله التاريخ، ويذكر الأنبياء المذكورين في العهدين القديم والجديد موسى، ومن تبعوه ثم في العهد الجديد السيد المسيح وتلامذته من بعده.