رغم الخسائر الفادحة لتفشي فيروس كورونا المُستجد، إلا أن هناك جانبا مضيئا له، وتحديدا فيما يتعلق ببيئة العمل، ومجال الدفع الإلكتروني، وهو ما رفع من سقف توقعات شركات الدفع للدفع الإلكتروني، فوضعت ضمن إستراتيجيتها زيادة عدد ماكينات الدفع التابعة لها خلال الفترة الوجيزة المقبلة، من أجل مزيد من الانتشار وزيادة في عمليات الدفع التي تتم من خلالها. وفى حواره مع "لغة العصر" يكشف إيهاب سعيد، رئيس الشعبة العامة للاتصالات والتكنولوجيا المالية بالغرف التجارية، الرؤية المستقبلية للشركة، نحو التمدد في السوق المحلي بمجال الدفع الإلكتروني والتجارة الإلكترونية في ظل تأثيرات وباء كورونا . كيف ساهمت جائحة كورونا في دفع قطاع التكنولوجيا المالية؟ الشركات العاملة في مجال الدفع الإلكتروني تعتبر من الرابحين في ظل فيروس كورونا، الذي عزز مكانة التكنولوجيا وشدد على أهميتها، بسبب حاجة الناس إلى وسائل للدفع والشراء دون مغادرة أماكنهم، وفي نفس الوقت تكون وسيلة آمنة. مصر قطعت شوطا كبيرا في اتجاه التوسع في استخدام التكنولوجيا المالية والمدفوعات الإلكترونية، رغم أن التحول الرقمى بها بدأ منذ سنوات قليلة، إلا أنه حقق نتائج ملموسة وواضحة. بفضل الدعم القوى من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما يعزز من تحول مصر لتكون مجتمعا رقميا، خاصة بعدما شهدت مصر الفترة الماضية تسارعًا في استخدام وسائل الدفع الإلكترونية. كيف ساهمت شركات الدفع الإلكتروني على تخطي المواطنين لآثار أزمة كورونا؟ بدأت الشركات العاملة في مجال المدفوعات الإلكترونية، النشاط بهدف تطوير مراكز الاتصالات، وتحويلها إلى مراكز خدمة مجتمعية، لتقديم خدمات التليفون الأرضي والمحمول، ومع انتشار المحمول تم تغيير الإستراتيجية، وتطوير فكرة عملها إلى مراكز مدفوعات إلكترونية لخدمة المواطن، انطلق المشروع في 2008 أي 13 عاما في السوق المصري، حتي نجحنا في كسب ثقة العميل ومساعدته علي دفع أقساطه وفواتيره، سواء الغاز أو المياه واشتراكات النوادي، بالإضافة إلى الخدمات الحكومية مثل استخراج الباسبور، البطاقة الشخصية وشهادة الميلاد، وثيقة قيد عائلي، وتمكين المواطن من الحصول على الخدمات ومتطلباته اليومية عن بُعد، وزاد حجم تلك الخدمات فى ظل الظروف الراهنة التي نمر بها حاليا مع انتشار وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) والذى قيد من حركة الناس فى جميع دول العالم. ومصر تقوم بدور فعّال من خلال إتاحة حلول فعالة فى مجال تكنولوجيا المدفوعات. ما الضمانات التى تقدمها الشركات لكسب ثقة المستخدم الإلكتروني؟ يتم توعية العملاء بعدم إعطاء بياناته الشخصية لأي فرد، أو التعامل مع أي تليفون عشوائي، لأن هناك تجاوزات وحالة نصب كثيرة، فلا يعقل أن تنفق الدولة المليارات من أجل التحول الرقمي، ومن جانب آخر يتم تخويف الناس من المحافظ الإلكترونية. لذا نقوم بدورنا بسد الثغرات في حال حدوث أي عمليات قرصنة، وتتبع الهاكرز، ووضع رقمه في خاصية ال"قائمة السوداء"، وإعطاء بياناته للشركات المنافسة الأخري لعدم التعامل معه، لأن هدفنا أولا وأخيرا حماية وخدمة المواطن ومساعدة الدولة للدخول في منظومة التحول الرقمي . كانت طريقة الدفع الوحيدة المتوافرة بالشركة عن طريق الإيداع البنكي، فكم بلغ عدد المنافذ حتى الآن؟ توسعت بشكل كبير في عدد المنافذ، وتسهيلا جرى إنشاء نسخة للأفراد والتجار، يتم الحصول عليها من خلال "الكريديت كارد"، أو أقرب المنافذ، التي باتت متواجدة في القري والنجوع، ووجدت منافذها في غرف تجارية، منها بنها وقنا والإسماعيلية وكفر الشيخ والغربية والفيوم والبحيرة وأسوان وأسيوط وسوهاج والإسكندرية والشرقية ودمياط وبني سويف والمنيا، تم فتح منافذ بداخلها، ووصل عدد الأفرع حتى الآن 3300 فرع في جميع أنحاء الجمهورية. كيف يمكن التغلب على ضعف البنية التحتية للوصول بالمدفوعات الإلكترونية إلى المناطق النائية؟ من خلال توسيع وانتشار المحافظ الإلكترونية للمحمول، والتى تسمح بالمعاملات الرقمية للجميع فى كل مكان، ووزارة الاتصالات لديها دور فّعال في ميكنة المؤسسات والشركات والجهات المعنية التي تساعدها على تقديم الخدمة. هل القرصنة الإلكترونية تقف عائقا أمام التحول الرقمي؟ اللص موجود في كل مكان، سواء في المواصلات العامة أو سطو على المحلات، فهذا لا يعني التخندق داخل بيوتنا وإلغاء الأتوبيسات وغلق المحلات، لذا القرصنة لا تقضي على التكنولوجيا ويمكن ضبطها من خلال وعي الجمهور، كما أننا لدينا القدرة على تتبع الهاكرز، ونضع ضوابط صارمة تمنع عمليات القرصنة من خلال تأمين الخوادم جيدا. متى سيتم تعميم استخدام بطاقات الدمغ في المناطق المهمشة؟ لا يمكننا التكهن بموعد تعميم الاستخدام بين كافة المواطنين، لأننا نعلم أن النقد ما زال يهيمن على معظم معاملات الدفع فى مصر. ولكن بسبب إيمان الحكومة المصرية وجهودها للدخول في منظومة التحول الرقمي، فإن طرق الدفع الإلكترونية آخذة فى النمو، على عكس المعاملات النقدية. ولقد بدأت الدولة فى رحلة التحول إلى المجتمع الرقمى من خلال رقمنة المعاملات مع الجهات الحكومية، وكذلك تطوير المدن الذكية، والبنك المركزي لديه دور كبير جدا من ناحية الشمول المالي، حيث تم تزويد أصحاب الأعمال والتجار والمستشفيات بماكينات ال Pos، بالمجان، لتفعيل الشمول المالى والتوسع فى وسائل الدفع الإلكترونية، خاصة في ظل الظروف الأخيرة لتطبيق أعلى معايير السلامة والصحة العامة للحد من انتشار الفيروس. هل نمط الاقتصاد التقليدي يمكن عودته بعد تلاشي كورونا أم سيدخل منظومة التحول الرقمي؟ شئنا أم أبينا - بوجود كورونا من عدمها- مصر قادمة نحو التحول الرقمي، لأنه المستقبل والحاضر، ومن لا يستطيع تطوير نفسه واستخدام وسائل التكنولوجيا سوف يتأخر، ويخسر كثيرا في السوق، والجائحة أكدت ضرورة الإسراع في تحقيق الشمول المالي، ودفع مختلف الجهات الحكومية للتوسع في استخدام حلول الدفع الإلكترونية، وخاصة في ظل وجود بطاقة ميزة . بعد التحول الرقمي في ظل تطبيق الشمول المالي هل سيتم الوصول بسهولة للاقتصاد غير الرسمي؟ بالتأكيد، سوف يجري دمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الاقتصادية الرسمية، في ظل ما أعلنته الهيئة العامة للرقابة المالية من إطلاق مبادرتها "للشمول المالي الرقمي لعام 2021" بهدف استكمال الجهود المبذولة لتفعيل منظومة الدفع غير النقدي، ورفع معدلات الشمول المالي، واحتواء الاقتصاد غير الرسمي، باستخدام أدوات الدفع الرقمية بين المتعاملين في الأنشطة المالية غير المصرفية وبشكل خاص في المشروعات متناهية الصغر. ما حجم الإقبال على التجارة الإلكترونية، ما قبل وبعد كورونا؟ بعد كورونا حدث نمو كبير، حيث توجه 73 % من المستهلكين في الشرق الأوسط وإفريقيا إلي التسوق عبر الإنترنت، مقارنة أكثر من ذي قبل في مرحلة ما بعد الوباء، وفقا لتقديرات معهد ماستركارد للاقتصاد، التجارة الإلكترونية كانت بمثابة درع واق لحماية الأعمال التجارية من تأثيرات الوباء، ومن المقرر أن يزداد الإقبال عليها أكثر خلال الفترة القادمة. هل هناك تعاون مع جهاز حماية المستهلك؟ كشعبة أو غرف تجارية نقوم بالتنسيق مع جميع الأجهزة الرقابية والمعنية من الدولة سواء وزارة الاتصالات، أو التجارة والصناعة- التي يتبعها جهاز حماية المستهلك- ووزارة التموين والتجارة الداخلية، وكل الجهات المعنية نحن على تواصل دائم معها كغرف تجارية لتنظيم السوق والقطاع التجاري ووضع الضوابط اللازمة لتنظيم العملية الشرائية الإلكترونية. هل ترى أن هناك وعيا كافيا من جانب المواطنين نحو استخدام التكنولوجيا؟ هناك نمو وإقبال كبير علي التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا بشكل عام، وهذا يعكس أن الوضع الثقافي والفكري تغير، والجيل الحالي والجديد بات يعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير في سد احتياجاته، وعلى دراية تامة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، الجميع بدأ يتجه نحو التجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني، ومصر بذلت جهودا ملموسة لتطوير البنية المعلوماتية وتوطين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبناء مجتمع المعرفة الرقمى. هل يستوعب السوق منافسين جددا؟ سوق المدفوعات الإلكترونية كبير وواعد ويستوعب مزيدا من اللاعبين نظرا لحجم السوق المصري، وكلما زادت الخدمات المتاح دفع قيمتها عبر قنوات الدفع الإلكتروني كلما ارتفع معدل فرص دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي. و لا ندخل في منافسة مع أحد، لأن هدفنا هو خدمة المواطن فقط، ومؤخرا انضمت الشركات العاملة في مجال المدفوعات داخل الشعبة العامة، مثل شركة إى فاينانس، أمان، كشكول، مصاري، ممكن، وهناك تعاون مثمر بيننا في ظل وجود ضوابط، بمعني أنه إذا تم اكتشاف شركة نصب يتم إبلاغ كافة الشركات الأخرى العاملة في نفس المجال لعدم التعامل معها. أنا ضد الاستحواذ، السوق كبير ويستوعب أفكارا كثيرة، يجب أن نتكاتف في وضع الضوابط والآليات وتبادل المشورة، نحن نعمل من أجل هدف واحد هو تحقيق التحول الرقمي والشمول المالي والميكنة، وخدمة المواطن والمجتمع وتوعيته وتسهيل الأمور ورفع مستوى جودة الخدمات المقدمة للمواطنين لمواكبة التطوير حتى نصبح مجتمعا متحضرا.