طوال عقود، ظل الأطباء يستخدمون ما يعرف علميًا ب "البزل السلي" أي سحب عينة من السائل الأمنيوسي من رحم المرأة الحامل، لمعرفة وجود عيوب خلقية أو تشوهات من عدمها بالجنين. هذه الطريقة تحمل في طياتها مخاطرة صحية تهدد الحامل بالإجهاض، الأمر الذى دفع العلماء فى البحث لإيجاد وسيلة أخرى أكثر أمانًا لتشخيص العيوب الخلقية فى الأجنة قبل ولادتها. وأخيرًا توصل فريق من الباحثين، بالجامعة الصينية في هونج كونج، إلى اكتشاف رائد يمكّن الأطباء من اكتشاف الكثير من التشوهات والعيوب الخلقية في الأجنة من خلال اختبار بسيط لدم الأم. علماء الجامعة الصينية هم أول فريق علمي يتمكن من رسم خريطة للجينوم بأكمله تسلسل الحامض النووي الخاص بجنين لم يولد بعد، بسحب عينة دم من سيدة في الأسبوع ال 12 من الحمل. وسوف يفتح الاكتشاف الجديد الباب أمام تطور اختبارات أخرى، تُجرى على دم الأم، يمكنها من تتبع تشوهات جينية متعددة، وهي بذلك بديل آمن لاختبار "البزل السلي". لم يكن معروفا في السابق ما إذا كانت دماء الأم تحتوي على نسخة كاملة من الحامض النووي الخاص بالجنين أم لا، لكن فريق العلماء اكتشف وجوده، الأمر الذى يعد "قفزة علمية كبرى. الدكتور دينيس لو يوك مينج، الذي قاد فريق البحث، أكد أن اللجوء لاختبار "البزل السلي" لمعرفة تشوهات الأجنة، كان تنطوي على تحديات جمة، وشبهها بتجميع لعبة من مليون قطعة. الآن بات معروفا أن الحامض النووي الخاص بالطفل ينتقل لدماء الأم عبر المشيمة، غير أن الصعوبة تكمن في عزل حامض الجنين النووي عن حامض الأم. ولإتمام عملية الفصل، طور العلماء أسلوبا لتتبع أول ما يرثه الجنين من الحامض النووي الخاص بالأب، ومن ثم يلتقط باقي الحامض النووي من خلال تتبع التباينات في تركيز جينات الأم. وقال لو: هذا أشبه بإضافة عشرات الملايين من القطع من لعبة أخرى ثم محاولة إعادة تجميع الأولى حيث تمكن العلماء من إتمام اللعبة، وإعادة صياغة خريطة جينوم الجنين، بتجميع الكروموسومات التي ورثها الجنين من كل واحد من أبويه. من الممكن استخدام هذا الإجراء لتتبع مجموعة من الاعتلالات الجينية مثل ثيلاسيميا، مرض وراثي ينتج عن خلل الجينات بسبب فقر الدم أو الأنيميا بنوعيه ألفا وبيتا، وتليف المثانة، بعد مرور نحو تسعة أسابيع على بداية الحمل. غير أن لو، قال: إن الطريقة الجديدة "اختبار الدم" لمعرفة التشوهات مكلفة فى الوقت الحالي إلى حد كبير، حيث يكلف من تريده نحو 190 ألف دولار لرسم خريطة الجينوم بأكمله. والخطوة التالية ستكون العمل على تقليص التكلفة إلي درجة تجعله متاحًا للجميع.