لا يوجد بيت بمصر الآن، إلا وانقسم إلى فريقين، حول القرارات السياسية للرئيس محمد مرسي، أحدهما مؤيد والآخر معارض، وأيًا منهما لايقبل التنازل عن رأيه، ومستعد للنزال والشجار دفاعًا عنه حتى وصل الأمر إلى خلافات ومشاجرات وقطيعة بين أفراد الاسرة الواحدة. بدأت تلك الظاهرة مع جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين الرئيس محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، واستمرت بعد القرارات التى أصدرها مرسي والتي كان منها عودة البرلمان رغم حكم المحكمة الدستورية العليا بحله، و"إبعاد" المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، والتي تراجع عنها بعدها، بعدما أثارت حفيظة معارضيه، وجعلت مؤيديه أشد شراسة، الأمر الذى أشعل البيوت المصرية، وأدى إلى خلافات حادة بين الأشقاء والأصدقاء، وبين الحماوات وزوجات أبنائهم، وبين الأزواج والزوجات، وتزاياد المقاطعة والخصام، وأحيانا الانفصال. وتزامن مع ذلك حملات شرسة على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث شهد "الفيس بوك" مشاجرات عديدة وصلت إلى حد السباب والشتائم بين الأشقاء والأصدقاء، أدت فى النهاية للمقاطعة الجزئية أو النهائية بين الأهل والأصدقاء، وهذا ما أشارت إليه خبيرة علم الاجتماع سحر صلاح بالمركز المصري لحقوق المرأة، قائلة: لقد شهدت من خلال عملى الاجتماعى وعلى مستوى أصدقائي وأسرتى، اشتعال الجدل بين الأسرة الواحدة حول قرارات الرئيس مرسي، للدرجة التى أدت إلى الخصام والمقاطعة بين الأشقاء وأشارت إلى أن قرار عزل النائب العام أثار حدة النقاش بين أحدهم وشقيقه الذى يعمل فى سلك القضاء، والذى أغضبه قرار الرئيس مرسي، واعتبره تعدى على سلطة القضاء.وشهدت صفحة الفيس بوك الشخصية لهما "خناقة"بينهما انتهت بالخصام. وأضافت: لقد شهدت الأسرة المصرية أيضا خلافات وشجارات بين الأزواج أدى إلى "غضب" الزوجة من زوجها والعكس، بسبب الجدل الدائر، حول القرارات السياسية وتأييد أحدهم للقرار ومعارضة الآخر له، وتك رصد حالات انفصال بينهما. وتابعت: للأسف، كلاً منا متمسك برأيه السياسي، ولا يستطيع القبول بالرأى الآخر، مشيرة إلى أن الصراع المجتمعي قد بدأ منذ انتخابات الرئاسة وانقسام الناس حول المرشحين، ثم انقسامهم لفريقين بين مرسي وشفيق، وعندما فاز مرسي شعر فريقه بالزهو والغرور، وشعر فريق المرشح الخاسر بالحسرة والألم، ولم يتقبل البعض منهم أى قرارات لمرسي حتى ولو كانت جيدة.أما الفريق الثالث الذى لم ينتخب أى منهما فهو غاضب وحائر، ولكنه لا يقف متفرج بل يشارك فى صنع الحرائق السياسية ويعزز ذلك وسائل الإعلام. فاطمة عبده- موظفة على المعاش- تقول: حدث شجار عنيف بين زوجى وشقيقته بسبب اختلافنا فى الرأى حول قرارات الرئيس مرسي، أدى إلى القطيعة بيننا حتى أننا لم نهنئ بعضنا فى عيد الفطر، مضيفة أنها تشهد يوميًا فى وسائل المواصلات والشارع ومحيط جيرانها خلافات حادة فى الرأى حول القرارات السياسية للرئيس مرسي. وتؤكد منى الصايغ – ربة منزل- أن هناك معارك وصلت إلى حد السباب والشتائم على "الفيس بوك"و"تويتر" بين الأصحاب، مضيفة أنها شهدت مشاجرة بين اثنتين من جاراتها حول القرار الأخير لمرسي بعزل النائب العام، أدت إلى مواجهة مباشرة على "بسطة السلم" وانتهت بقطع العلاقات، واخترت أن أقف متفرجة كى لا أخسر أيهما. أما محمد كمال، موظف، فيقول: انتخبت زوجتي شفيق، وانتخبت والدتي مرسي، وبعد فوزه حدثت مشاجرة بيننا، تزامن ذلك مع خطبة الرئيس مرسي فى التحرير، "فتناوبت كلاهما فى التعليق على الخطبة" وانتهت بقطع العلاقات، ولم أستطع حتى الأن أن أعيد المياه لمجاريها، مضيفا، أن الأزمة الحادثة بين الناس واختلافهم فى الرأي تعدت البيوت ووصلت إلى محيط العمل أيضا، فيوميا يشهد المكتب الذى أعمل فيه مشاجرات بين الزملاء تصل إلى درجة كبيرة من الحدة، مضيفًا أنه شهد فى مترو الأنفاق مشاجرة وصلت للضرب بالأيدى بين شخصين لا يعرف أيهما الآخر، لمجرد أن أحدهما كان مع أو ضد قرارات مرسي السياسية. ورفضت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق، وصف الشعب المصري بأنه غير مهيأ سياسيًا، قائلة إن المؤرخ "هيرودوت" وصف المصريون بأنهم أكثر الشعوب ديمقراطية، مضيفة: سأكون صادمة إذا قلت إنه ليس هناك معنى ثابت للديمقراطية. وأشارت أن المشاجرات الإعلامية بين مؤيد ومعارض لا تمثل الديمقراطية، وأكدت أن الشعب المصري لديه من الوعي ما يكفى للحكم على بواطن الأمور وليس على قشورها، وأن غياب الضمير المجتمعي المسئول عن التوحد فى الرأى السياسي هو أحد الأسباب، وأنه عندما تتحرر لقمة الخبز فى يد الفقير ستتحقق الديمقراطية والتى تتساوى مع العدالة الاجتماعية، والتى عندما تتحقق ستختفى نسبيا المشاحنات. وأضافت، أن المشاحنات حول الآراء السياسية وصلت إلى حد السباب والشتائم، بسبب ضيق ذات اليد والعوز، وأن الرجوع فى القرارت السياسية من قبل الرئيس مرسي أدى إلى حالة من الارتباك فى الشارع المصري، وهذا التراجع المسئول عن تصيد الأخطاء للرئيس مرسي من قبل معارضيه، والتحفظ الشديد والدفاع المستميت عنه من قبل مؤيديه.