هيئة ضمان الجودة تعتمد 14 مؤسسة تعليمية فى المنيا    عصام خليل: الحوار الوطني يناقش غدا آليات تحويل الدعم العيني لنقدي    وزير التعليم العالي: استراتيجية جديدة لربط البرامج الجامعية باحتياجات سوق العمل    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    آليات تحويل الدعم العينى لنقدى على طاولة مناقشات "الحوار الوطنى".. غدًا    المصرى للشؤون الخارجية: زيارة الرئيس السيسى لبكين تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    بايدن: ترامب «يهدد الديمقراطية».. والآن يمكنكم القبض عليه    نصر الله: نفذنا عملية على بعد أمتار قليلة من موقع إسرائيلي    مرصد الأزهر يدين حادث طعن في مدينة مانهايم الألمانية    فرنسا تلغي مشاركة شركات إسرائيلية في معرض دولي للأسلحة الدفاعية    بقيادة رونالدو.. تشكيل النصر الرسمي أمام الهلال في نهائي كأس الملك    مودريتش: الجميع يعتبرنا الفريق المفضل للتتويج بدوري أبطال أوروبا ولكن    السيطرة على مشاجرة بالأسلحة النارية فى القناطر الخيرية    معجزة من المعجزات.. كيف وصف هشام عاشور زواجه من نيللي كريم؟    سماع دوي انفجارات بمناطق شمال إسرائيل بعد إطلاق 40 صاروخا من جنوب لبنان    جنا عمرو دياب تدعو لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل | صورة    علماء الأوقاف: حقوق الفقراء والمساكين في المال لا تقتصر على الزكاة المفروضة    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    إنجاز عالمي جديد.. "الرقابة الصحية" تحصل على الاعتماد الدولي من الجمعية الدولية للرعاية    هل المشمش يرفع الضغط؟    صحة دمياط: ضبط 60 كيلو من سمكة الأرنب السامة قبل وصولها للمواطنين    محمد صبحى يوافق على تجديد تعاقده مع الزمالك    ماذا قال كاكا عن مواجهة ريال مدريد ودورتموند في نهائي أوروبا؟    حصاد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في أسبوع    تحية لكل من رحل تاركًا صوته خيالاً ومن لا يزال يصافحنا بصوته.. الإذاعة المصرية 90 عامًا من الخيال والمعرفة وصندوق الدنيا وبساط الريح    أحمد آدم: تاني تاني مناسب للأسرة.. وأعتمد فيه على كوميديا الموقف    موعد بدء التقديم لرياض الأطفال وأولى ابتدائي على موقع "التعليم"    بعد علمه بمرضه... انتحار مسن شنقًا بالمرج    نمو الاقتصاد التركي بمعدل 5.7% خلال الربع الأول    21 الف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    زيزو ليس بينهم.. كاف يعلن عن هدافي الكونفدرالية 2024    وصول جثمان والدة المطرب محمود الليثي إلى مسجد الحصري بأكتوبر "صور"    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    ضمن مبادرة كلنا واحد.. الداخلية توجه قوافل طبية وإنسانية إلى قرى سوهاج    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا    أزهري يوضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية (فيديو)    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    بالشماسي والكراسي.. تفعيل خدمة الحجز الإلكتروني لشواطئ الإسكندرية- صور    فرنسا تشهد أسبوع حافلا بالمظاهرات احتجاجا على القصف الإسرائيلى    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    رئيس جامعة قناة السويس يُتابع أعمال تطوير المسجد وملاعب كرة القدم    تفاصيل حكم حبس حسين الشحات "سنة".. قانون الرياضة "السر"    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    وجبة غداء تهدد حياة 8 أشخاص في كرداسة    مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم وحريق سيارة ميكروباص على طريق الدولي الساحلي    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    ميرور البريطانية تكشف عن بديل نونيز في ليفربول حال رحيله    تفاقم أزمة القوى العاملة في جيش الاحتلال الإسرائيلي    كيفية الحفاظ على صحة العين أثناء موجة الحر    تعرف على موعد إجازة عيد الأضحى المُبارك    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف محيط مسجد في مخيم البريج وسط قطاع غزة    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادًا لمواجهة بوركينا فاسو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنتوني هوبكنز: سنتحرر في الحياة عندما نكتشف أننا لسنا مهمين
نشر في بوابة الأهرام يوم 03 - 03 - 2021

أنطوني هوبكنز: دخلت التمثيل بالصدفة ويبدو أنني ذاهب إلى «الميتافيزيقيا»
«أهم درس في التمثيل تعلمته من لورانس أوليفييه.. أجعل كل شيء بسيطًا»
«السيناريو هو خارطة طريق الفن والإبداع»
يبدو الممثل الكبير أنطوني هوبكنز راضيًا كمتصوف، ويظهر هذا الرضا في ملامحه خارج الأدوار السينمائية، رغم أنه ليس متدينًا لكن ربما ذلك ما منحه عمراً فوق عمره.

لا يشعر هوبكنز بثقل العمر، وهو في رحابة العالم الافتراضي منذ عام بسبب الكورونا، وكانت آخر حواراته الإعلامية دلالة على ذلك، والتي تمت عبر "تطبيق زووم"، وقد حكى فيه لجمهوره عن آخر أدواره في فيلم "الأب" الذي رشح لجائزة الجولدن جلوب 2021. لم يفز الفيلم بالجائزة، لكن لا يبدو أن هذا يهم هوبكنز الذي يكمل مشواره الفني وهو في الثالثة والثمانين بحيوية الشباب التي تشتعل كلما تقدم في العمر.

"كان يجب أن أكون الآن في بورت تالبوت، مسقط رأسه في ويلز ببريطانيا، إما ميتاً أو أعمل في مخبز أبي، ولكن لسبب ما لا أعرفه، أنا هنا. لا شيء من ذلك يبدو منطقيًا، ولكنني أنظر إليه الآن وأقول لنفسي نحن بخير يا فتى". هكذا قال بطل صمت الحملان - The Silence of the Lambs الفائز بأوسكار 1992 عن دور هانيبال ليكتر، والذي تم ترشيحه ل3 جوائز أخرى، عن دوره في Remains of the Day (1993) و Nixon (1995) وAmistad (1997.

في العام 1968، قدم أنطوني هوبكنز أول أدواره السينمائية الجادة عندما لعب دور الابن المتعطش للسلطة لبيتر أوتول وكاثرين هيبورن في فيلم "الأسد في الشتاء". ومر نصف قرن من السينما والإبداع ليرتبط اسم هوبكنز عبرها بالأدوار المتميزة - ألفريد هيتشكوك، والبابا بنديكتوس السادس عشر في فيلم الباباوان، والملك لير الذي لعبه مرتين، وجون كوينسي آدامز، وبابلو بيكاسو، وغيرهم.

لا يزال هوبكنز يعيش بعمق سنوات الأسد في الشتاء. لكنه، كما تقول صحيفة ذي نيويوركر في مقدمة حوارها معه - لا يزأر على حسابه على موقع إنستجرام، وإنما يمتع متابعيه البالغ عددهم مليونين ونصف المليون متابع بمقطوعات موسيقية لشوبان، يعزفها من منزله في باسيفيك باليساديس، حيث يخضع للحجر المنزلي الاختياري منذ العام الماضي. وفي الحجر الذي يفرضه على نفسه منذ بدء جائحة كورونا، يمارس هوبكنز هواياته: الرسم والقراءة، ويلعب مع قطته. ومن يدري ربما أغرته تلك الحياة الهادئة الجديدة بالاستمرار فيها حتى بعد أن حصل مؤخرا على لقاح كوفيد 19 الجديد.

ولا يزال بإمكان هوبكنز أن يخطف الأضواء على الشاشة، ويثير الجدل كما فعل في فيلمه الأخير "الأب"، الذي أخرجه الفرنسي الكاتب الفرنسي فلوريان زيلر، عن مسرحية له بالاسم نفسه، ويقوم هوبكنز ببطولته بشخصية رجل عجوز يعاني الخرف، وهو عالق بين العدوانية والتشوش، رافضا محاولات ابنته "أوليفيا كولمان" لرعايته واحتوائه.

وقد قدم هوبكنز في الفيلم كالعادة واحدًا من أفضل أدواره، حيث يتأرجح بين الغضب والتشوش والعجز والتحدي وهي الحالة التي يجيد فيها هوبكنز التحرك في الأداء، كما فعل في أفلام كثيرة. وقد ساعده سيناريو زيلر في صنع نوع من المتاهة التي تأخذ المشاهد داخل وعي الأب المشوش؛ حيث الشخصيات تختفي فجأة أو تتغير الوجوه، تتغير الإعدادات، لنشعر بالارتباك معه.

كما هو الحال دائمًا، فإن هوبكنز بارع في مشاهد "التأمل" على الشاشة؛ يمكنك أن ترى شخصيته وهو يقلب الأفكار، أو يقاوم الأفكار التي تقتحمه عنوة. ربما لذلك هو الآن في طليعة قائمة المرشحين لأفضل ممثل في الأوسكار، بعد عام من ترشيحه عن دوره في فيلم "The Two Popes"، وبعد ثلاثة عقود من دوره الحائز على جائزة الأوسكار في "Silence of the Lambs".

في عام الكورونا لم يقدم هوبكنز سوى هذا الفيلم، وهذا وضع غريب بالنسبة له. لكن الفيلم- الذي يدور حول لعبة الزمن، كان على حد قوله تجربة جيدة.. "فقد كان لدي الكثير من السطور لأحفظها. وهي عملية تحافظ على ذهني حاضرًا. ولم أعمل شيئا منذ فيلم "الأب"، وفي الواقع، كنت محبوسًا لمدة عام كامل. لكنني تلقيت التطعيم الأسبوع الماضي، ولدي لقاح آخر قادم. لذلك أعزف على البيانو وأرسم وأقرأ كثيرًا".

الموسيقى والرسم
الموسيقى في حياة هوبكنز غرام الطفولة. بدأت علاقته بها وهو في الخامسة "جعلتني أمي أذهب لدروس الموسيقى فاستمرت علاقتي بها. والآن أحاول عزف مقطوعات صعبة لرحمانينوف وشوبان وسكريبين. ليس لدي طموح للعزف في قاعة كارنيجي أو أي شيء من هذا القبيل، لكني أفعل ذلك من أجل سعادتي فقط. ولديّ بيانو من طراز Bösendorfer، وعندما افكر في الغزف أختبئ بعيدًا في قبو منزلي، حتى لا أزعج أحدا".

لكن هوبكنز تلقى إعجابًا كبيرًا عندما قاد المايسترو الهولندي الشهير أندريه ريو أوركستراه لعزف مقطوعة هوبكنز "واللحن يمضي"، في أكبر قاعات الموسيقى الأوروبية.

أما الرسم فقد كان هواية متقطعة، إلا أن زوجته أعادته إليها منذ بضع سنوات، لأنها وجدت بعض رسوماته القديمة وأعجبت بموهبته وقدرته الفنية، وطلبت منه العودة لهوايته القديمة. وقد عاد بالفعل ودشن معرضا للوحاته وبدأ يبيعها لأنه اكتشف أن لألوانه وخطوطه جمهورا كبيرا، كما يقول في صحيفة ذي نيويوركر.

يتذكر هوبكنز يوم حضر ستان وينستون، مبتكر كل شخصيات الوحوش في فيلم "Jurassic Park"، إلى الاستوديو الخاص به وشاهد لوحاته معلقة، فقال: "من رسم هذه اللوحات؟" فقطب النجم السينمائي جبينه وقال بخجل :"أنا". فقال له وينستون: "لماذا تكشر هكذا؟" فرد عليه "لأني لم أدرس الرسم" فقال له: "لا تدرس. فقط ارسم. فلديك ما ترسمه ولديك الموهبة .. "وقد وجدت أن هذه فلسفة جيدة في الحياة. لا تفكر كثيرًا في الأمر. بل أفعله"

بهجة الإنستجرام
هوبكنز الذي يشيع البهجة على الانستجرام ليس هو هوبكنز الشاب الذي كان مليئًا بالعضب في المسرح كما في السينما يقول عن علاقته بالسوشيال ميديا:

"بدأ الأمر مع مارك والبيرج. كنت أعمل في أكسفورد على فيلم مايكل باي "Transformers: The Last Knight". وقال: "أريدك أن تنشر تغريدة على Twitter". لم أكن أعرف ما الذي كان يتحدث عنه. فأنا غافل قليلاً عن هذه الأمور. لذلك أرسلت له تغريدة، وهكذا بدأت قصتي مع السوشيال ميديا، وشجعتني زوجتي على القيام بذلك، خاصة في هذه الأوقات العصيبة.

وفي فترة الجائحة الملايين من الناس لا يستطيعون الخروج من بيوتهم. ولذلك أحاول نشر تغريدات مبهجة. نظرًا لأننا مرتبكون مثل باقي البشر، يمكننا أن نجد طريقة للخروج من هذا. أنا أفضل أن أعيش بتفاؤل".

أنا ممثل
عندما قدم هوبكنز دور بابا الفاتيكان سأله مذيع البي بي سي، كيف لممثل ملحد أن يقدم دور رمز عالمي للإيمان، فرد ببساطة: "لأن السيناريو مكتوب بعناية وجعل الأمر سهلا علي. كما أن خبرتي أفادتني . وأنا ممثل ألعب كل الادوار". وعندما سأله محرر النيويوركر عن دوره في فيلم الأب رد تقريبا باجابة قريبة نفى فيها وجود خبرة سابقة له مع الخرف.

"لم يعان أحد في عائلتي من الخرف مطلقًا. فقد توفي والدي بسبب أمراض القلب. وماتت والدتي من الشيخوخة، في التاسعة والثمانين. لم أشهد سوى لحظة واحدة من الخرف، في والد زوجة أحد الأصدقاء. كان على الأسرة من حوله التأقلم والتحلي بالصبر. يحاولون الإجابة على أسئلته. ولا يحاولون مناقضته. كان يعتقد أن المحيط الهادئ هو نهر هدسون، واعتقد أن ابنته هي زوجته. وذات ليلة وهم يطعموه وجبة العشاء أمام التليفزيون ، مات في سلام .

ولكن لكي أجيب عن سؤالك: إذا اتبعت سيناريو رائعًا، فإن اللغة هي خريطة الطريق، وبالتالي لا يتعين عليك التصرف. أتذكر اليوم الأول مع أوليفيا كولمان، أول مشهد لنا معًا، دخلت الغرفة وقالت، "ما الذي يحدث؟ ماذا حدث؟ " عن المرأة التي طردتها. أقول، "ماذا تقصدين، ماذا حدث "؟

يتابع: "وعندما تعمل مع ممثلة مثل أوليفيا، فيكون الأمر سهلاً للغاية. التمثيل غير مطلوب. وأعتقد، لأنني أبلغ من العمر ثلاثة وثمانين عامًا، فأنا أقرب إلى ذلك العمر، ذلك العمر الخطير الذي يمكن أن يحدث فيه الخرف.

وقد كان سيناريو الفيلم ذكيًا جدًا في دفع الجمهور إلى هذه اللحظات التي لا يعرف فيها الأب مكان وجوده أو من يتحدث معه".

كل ما كان هوبكنر يفعله طوال الفيلم هو محاولة التأقلم مع حالة الإنكار التي يعيشها الأب.. في مشهد في النهاية حيث ينهار الأب ويتراجع إلى مرحلة الطفولة، وينادي والدته.. في مثل هذه المشاهد تكمن "الصعوبة" .

وعندما سأله المحرر: قلت إن هذا كان فيلمًا سهلًا، لكن هذا يبدو صعبًا في رأيي! ابتسم هوبكنز وقال:

"أنا أمارس التمثيل منذ أكثر من نصف قرن ومع مرور السنين، صار التمثيل أسهل. عندما تكون أصغر سنًا، فأنت تريد أن تصبح "الشخص الذي تمثله" أو تتقمص الشخصية. ولذلك أقول لكل الفنانين الشباب "فقط اجعل الأمر بسيطًا قدر الإمكان"، وإذا شعرت أن عليك أن تفعل ذلك على الطريقة المنهجية التي تعلمتها من ستانيسلافسكي، أو لي ستراسبيرج، فلا بأس.. فقد تدربت بهذه الطريقة المنهجية، ومع مرور السنين أدخلت في مجموعة مهاراتي طريقة سريعة للقيام بذلك. أي، لتبسيط الأمر، وجعله سلسًا.. أتعرف على النص وبمجرد أن أحفظه، فإن الأمر يصبح ركوب السيارة، وبعد سنوات من الخبرة. يصبح تلقائيًا. وقد تلقيت نصيحة حول ذلك من قبل رجلين لامعين هما جون ديكستر، المخرج العظيم، ولورنس أوليفيه الممثل العظيم اللذين قالا لي "فقط اجعل الأمر بسيطًا."

الملك لير
ولكن هوبكنر يبسط الأمور أكثر مما هي في الواقع، فقد أجاد الأداء الخالي من الزخرفة أو الانفعال المبالغ فيه.. مثلا في فيلم "بقية النهار" وفي "الملك لير" الذي قدمه وهو شاب وقدمه وهو في الثمانين من العمر.. وعن ذلك يقول:

"لعبت دور لير قبل ثلاثين عامًا، وكنت من الناحية الفنية على ما يرام. لكنني كنت صغيرًا جدًا. وفي المرة الثانية كنت في الثمانين من عمري عندما لعبت الدور، لذلك كان الأمر سهلاً بالنسبة لي. اعتقدت أنني سألعب دوره كجندي عجوز قاس لا يحب - أو أن الحب يحرجه. لا يحب ابنتيه الكبريين. ويحب ابنة واحدة لكنه يعاملها على أنها صبي. كانت خلفيتي في ذلك أن زوجتي -في النص- ماتت وهي تلد ابنتي كورديليا، لذلك أعاملها كفتى صغير وأجعلها تخشوشن، بدلاً من معاملتها كفتاة صغيرة. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها إظهار الحب لها. ولكن اكتشفت أن هذا ليس حبا بل فقر عاطفي".

ويذكر لير هوبكنز بأسرته فقد كان والده خبازًا جادًا في حياته.. لم يكن قاسيًا لكنه لم يكن عاطفيًا مع أحد فقد أنهكته الحياة وأصابت قلبه بالتضخم من فرط الإجهاد الذي كان عليه أن يعيشه ليكسب قوت يومه .."لقد ولدت قبل الحرب بقليل، وبعد ذلك مررنا بسنوات الكساد، لكن والدي كان دائمًا يقاوم. هناك الكثير من والدي ومن جدي في داخلي وأيضًا في الملك لير لكن جدي كان قاسيًا. وقد كان رجلاً رائعًا وخبازًا متميزًا، وفاز بالكثير من الكؤوس الفضية في صنع الكعك”.

بطولة بالصدفة
ويتذكر هوبكنز فشله في صنع الكعك وفشله في المدرسة..."لم أكن جيدًا في ذلك. ولم أستطع عمل أي شيء بشكل صحيح عندما كنت طفلاً. في المدرسة، كان يُنظر إلي على أني مجرد دمية.

وقد دخلت مجال التمثيل بالصدفة، كانت هناك منحة دراسية إلى مدرسة التمثيل المحلية، لم أكن قد مثلت من قبل. كان ذلك في العام 1955. لكني تركت كلية كارديف للموسيقى والدراما، والتحقت بالجيش.

وبعد الجيش التحق هوبكنز بالأكاديمية الملكية، وتخرج فيها في العام 1963، ثم التحق بالمسرح الوطني. وقد تم اختباره أمام لورانس أوليفيه "كنت شابًا مغرورًا ومتعجرفًا. واعتقدت أنني لا أريد التسكع وسط الكومبارس لبقية حياتي في لباس ضيق مجعد ممسكًا بحربة. وقلت للمخرج، ماذا علي أن أفعل لأحصل على أدوار هنا؟" فقال : "توني، لقد انضممت إلينا للتو." وابتسمت. وأعتقد أنه ذهب إلى أوليفيه وقالت ، "يبدو أن هذا الطفل الصغير يريد دورا.-" لذا أعطوني دورًا في "Juno and the Paycock" . ثم أعطاني دور أندريه في فيلم Three Sisters. وطلب مني أن أتدرب".

وفي لحظة يبتسم الحظ لهوبكنز فقد تعرض السير لورانس أوليفيه لوعكة صحية وتغيب عن المسرحية التي كان يؤديها فقالت مديرة المسرح لهوبكنز استعد لأداء دور السير لأنه مريض فصرخ في وجهها هل تمزحين معي. وكان يحفظ الدور من فرط متابعته الدقيقة لأداء أوليفيه على المسرح "كنت أصغر منه كثيرًا - لكنني حضرت البروفات وحفظت دوره وكنت أعرف بطريقة ما كيف أفعل ذلك. كنت مقلدًا جيدًا، على ما أعتقد. وقد نلت ترحيبًا حارًا في أربع ليال أديت فيها الدور بدلا عن لورانس أوليفيه".

الهروب إلى هوليوود
وبينما كان عصر المسرح البريطاني - أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات رائعًا، يقدم ممثلين كبارًا مثل إيان ماكيلين وجودي دينش ويغري شابًا مثل أنطوني بالبقاء والعمل، إلا أنه فر من شكسبير إلى هوليوود.

وعندما يروي هوبكنز القصة يأخذ منها جانبًا آخر غير فكرة الهروب فهو يصف ما حدث بالتحرر، "أعتقد أنني جررت نفسي بعيدًا عن الماضي، ففي سنوات تلمذتي في المدرسة، حيث لم أكن ذكيًا بما يكفي لأنجح في أي شيء. وكان لدي نوع من الغريزة البدائية في التمثيل، لكني لم أكن متعلمًا، ولم أكن أمتلك الثقة في نفسي. قال الناس إنني ممثل شكسبيري. لكنني لم أشعر بأنني كنت مناسبًا لهذا المسار. وكنت نافد الصبر مع المخرجين، لأنه إذا كانت لديك شكوك في نفسك، فسوف يلتقطها الآخرون وسيهاجمونك.

وقد عانيت من ذلك قليلًا. حيث كان المخرج يتحدث معي كطفل، فأثور غضبًا كالبركان. وأتذكر أنني في يناير من العام 1973 ، كنت ألعب دورًا في مسرحية "الكراهية" من إخراج جون دكستر. وكان يتعمد أن يضايقني وذات يوم قلت له، "عليك اللعنة" وغادرت. فقال لي "لن تعمل أبدًا مرة أخرى"، فقلت، "لا أكترث"، كنت مصمما ألا يخيفني صراخ مخرج مهما كان.

ورغم ذلك فعندما ذهب هوبكنز إلى نيويورك تلقى اتصالًا من زوجته تخبره أن المخرج دكستر يريده معه في عرض وعندما قابله سأله دكستر لماذا هربت فقال: "لأنك لعين"، فرد عليه المخرج: "أنت ممثل أفضل بكثير مما تعتقد. توقف عن كل هذا الهراء"، ولذلك ذهبت إلى نيويورك، وكانت أفضل الأوقات وأسوأها بطريقة ما. فقد غرقت في الخمر. ثم خرجت إلى لوس أنجلوس عام 1975، وبقيت هناك معظم حياتي.

فلسفة الحياة
يمر الناس في الحياة بتقلبات مزاجية كبيرة بين الشباب والشيخوخة، لكن هوبكنز يبدو رغم مرحه على تويتر وانستجرام ميالاً إلى الحزن حيث يقول:
"مع مرور السنين، كنت أفكر أنه ليس هناك ما يدعو للغضب. أنت محظوظ لأنك على قيد الحياة. كان غضب الشباب مجرد شعور بانعدام الأمن وبالخوف وبالطموح. أو جنون عظمة في غير محله، على الأرجح. عندما تكون صغيرًا يكون الأمر مربكًا، وأنا أرى أطفالًا صغارًا هذه الأيام، وهم يحاولون أن يكونوا رائعين، لكن يمكنك أن ترى تحت القناع أنهم ليسوا كذلك لأنهم خائفون. مثل أي شخص آخر. والاعتراف بأننا خائفون هو حرية رائعة.

في البداية نظن أن كل شيء مهم للغاية، لكننا في النهاية نكتشف أنه لا شيء مهم. كله دخان، أحيانًا أنظر إلى حياتي وأتساءل: هل كان كل ذلك حلمًا؟ كل شخص أعرفه مات الآن. رحل والداي، وأتعجب هل كانا موجودين بالفعل؟ يبدو أنني ذاهب إلى الميتافيزيقيا، والماضي بالنسبة لي غير مفهوم".

ويعود هوبكنز إلى الواقع الآن ويقول لمحاوره: "انظر إلى هذه اللحظة التي نعيشها. لقد جعلنا الوباء قلقين، لأننا اعتقدنا أننا نعرف كل شيء واكتشفنا أننا لا نعرف. نحن في قبضة ميكروب صغير غير مرئي. عندما نمر بهذا، من الأفضل أن نستيقظ ونقول، دعونا نتجمع معًا، ونرى ما يمكننا القيام به كمجتمع، بدلاً من كل هذا الاستهجان والتذمر ومهاجمة الجميع، إنها مجرد مضيعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.