"حلم أولادنا سيصبح حقيقة".. كلمات قليلة قالتها السيدة انتصار السيسي، قرينة رئيس الجمهورية، اليوم، لتفتح بها أبوابًا للأمل والتقدم والرزق ففي اطمئنان الطفل المبدع بأن هناك بيئة خصبة لرعاية موهبته أملًا وفي إعلان الدولة تبنيها لهذه البيئة ضمانة للتقدم وفي جني ثمار الموهبة مستقبلًا أبوابًا للرزق تُفتح أمام صاحبها وأسرته. لقد أدركت الدولة المصرية قيمة ثرواتها المهدرة من آلاف الأطفال المبدعين الذين يصنعون التقدم لبلادهم مستقبلًا بسبب إبداعهم وتميزهم وليس أغنى من مصر بهؤلاء الذين خرج منهم أحمد زويل وفاروق الباز ومجدي يعقوب ومصطفى السيد ونجيب محفوظ وغيرهم من مئات العلماء والمخترعين والموهوبين، إلا أن المناخ لم يكن مناسبًا على مر عقود مضت لاكتشاف تلك المواهب منذ الطفولة وتقديم الرعاية المناسبة لها ليأتي القانون 204، والذي أصدرته الدولة العام الماضي، وينص على استحداث جائزة جديدة تحت مسمى "جائزة الدولة للمبدع الصغير" لتتفتح بهذا القانون عيون الينابيع، التي اختبأت تحت أغطيتها آلاف المواهب التي تشكل ثروة قومية. جائزة الدولة للمبدع الصغير تهدف للاكتشاف المبكر للمواهب الصغيرة وتحفيز الطاقات الإبداعية في مجالات الثقافة والآداب والفنون والابتكار وهو ما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية العامة للدولة، حيث تحقيق الريادة الثقافية لمصر. وتؤكد ذلك كلمات قرينة رئيس الجمهورية قائلة: "الاهتمام بالأطفال والنشء إحدى أولويات الدولة المصرية لخلق جيل جديد مبدع قادر على تحقيق آمالنا وطموحاتنا في مستقبل مشرق جائزة الدولة للمبدع الصغير حلم أولادنا سيصبح حقيقة وأطفالنا هم مستقبلنا". وتوضح "بوابة الأهرام" انعكاس استحداث هذه الجائزة على كل من أصحاب المواهب والمجتمع المصري يقول الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، في حديثه ل"بوابة الأهرام" - بحسب الأبحاث، فإن الموهوبين في المجتمع دائمًا ما يكونوا فئة ضئيلة جدا من حيث عددهم الذي يمثل نحو 2% من عدد السكان وبالنظر إلى عدد التلاميذ في مصر، الذي يبلغ نحو 25 مليون تلميذا نجد أن نسبة 2% تمثل نحو 750 ألف طفل موهوب وهؤلاء يمثلون ثروة بشرية محجوبة عن الأنظار وبحاجة لاكتشافها واستثمارها. ويضيف أن جائزة الدولة للمبدع الصغير ستكون أهم وسائل اكتشاف الموهبة لدى أطفالنا، إذ تظهر الموهبة في السن الصغير وتكون في هذا العمر بحاجة إلى اكتشاف ورعاية وهو ما ستحققه الجائزة. ويقول إن سر تقدم الدول والمجتمعات هو اهتمامها بالموهبة لأنه بمجرد اكتشافها ورعايتها توفر علي الدول طرق صناعة التقدم، حيث يتميز الطفل الموهوب بسرعة الفهم والإدراك أضعاف أقرانه ويكون مشروعًا ناجحًا للابتكار والاكتشاف الذي يصنع التميز والتقدم: "الاستثمار في هذه القلة من السكان يعد جسرًا للتقدم وهو ما أثبتته تجارب دول كثيرة من بيها الصين واليابان". وعن آثار الجائزة يقول أستاذ علم الاجتماع، أنها تجعل قطاع عريض من الأطفال والشباب يستشعرون الأمل عقب مشاهدتهم لشخص موهوب بينهم تتبنى الدولة موهبته وترعاها، حيث يأتي الإحباط من إهمال المواهب: "بلا شك ستخلق هذه الجائزة شعورا بالأمل وتشكل نقلة كبيرة لمصر". ويضيف: "ستخلق الجائزة أيضًا إدراكا ذاتيا للموهبة، حيث الأطفال الذين يدركون أنهم يملكون موهبة بالفعل سيتدافعون على هذه الجائزة باعتبارها بيئة خصبة ومناخًا آمنًا يوفر لهم الرعاية التي ينشدونها كما يضمن لهم إحراز الأهداف التي يطمحون إليها". ويؤكد أن الجائزة ستخلق حالة من احترام الموهبة وتعد بمثابة تأشيرات مجانية لتحقيق حلم الموهوبين ولكن يشترط لتحقيق ذلك أن تكون هناك حملات توعية مصاحبة لها تعمل على توضيح أهمية اكتشاف المواهب لدى الأطفال باعتبارهم ثروة مصر القومية الحقيقية: "لو الكلام ده اتزرع جوه الآباء هنكتشف أن مصر غنية بكنوز عظيمة"، مضيفًا أن أمريكا تقدمت باحترام الموهبة وأن جائزة المبدع الصغير تأخرت كثيرًا وطال انتظارها. توصيات اجتماعية ويوصي أستاذ علم الاجتماع بأن يعقب الجائزة اهتمام برعاية الموهبة التي يتم اكتشافها، موضحًا أن المسابقات والجوائز بالنسبة للأطفال تضعهم تحت دائرة الضوء وما أن يُهمَلوا بعد ذلك تموت الموهبة". ويقول الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي، في حديثه ل"بوابة الأهرام"، إن الطفل الذي لا يحفز لديه ملكات الإبداع نحن نحكم عليه بالقتل العقلي وبوأد الملكات الذهنية المتقدمة لديه، والتي تميزه عن سائر المخلوقات الأخرى في الكون فقد أثبتت الدراسات النفسية أن الطفل الذي يتم تشجيع وتفجير ملكاته الإبداعية يتسم بالمرونة الذهنية والطلاقة اللغوية ويكون أكثر انفتاحا على المجتمع والآخرين وقد يتطور الإبداع لديه ليدخل مرحلة العبقرية وقد يصبح من المكتشفين والمخترعين وفي طبيعة المجددين والذين يأخذون بناصية التقدم في المجتمع وعمل نقلة حضارية وثقافية لهم، كما أن الإبداع يساعد على غرس الشعور بالانتماء وإبراز ملامح الهوية لدى الطفل ذلك أن التركيبة النفسية للإبداع ترتكز على الأصالة والتجديد والمعاصرة. أثار رعاية الموهبة كما أن الطفل حينما تتجسد لديه قدراته الإبداعية في عمل ملموس ويستشعر اهتمام الآخرين به واحتواء مؤسسات الدولة له ترتفع الروح المعنوية لديه ويتم تعزيز ملكاته الإبداعية، مما يساعده على المزيد من التألق والإبداع غير المسبوق ويحفز من حوله من أطفال في أن يحزون حزوه ولو من خلال المحاكاة والتقليد والسير على نفس الضرب فالطفل المبدع يشار إليه بالتميز ويتمتع بمكانة اجتماعية وفق أقرانه ويساهم في رفع مكانة أسرته، ويكون مصدرًا للفخر لهم بل والثراء أحيانا فقد يفتح لهم أبواب الرزق مستقبلًا من خلال موهبته. ويؤكد الطبيب النفسي، أن ما سبق يكسب الطفل الموهوب الشعور بالثقة والنظر إلى ذاته بنظرة إيجابية تسهم في بنائه النفسي الصحيح وتجعله متمتعا بحصانة نفسية غير مسبوقة أمام المشكلات السلوكية غير المستحبة كالإدمان والتعاطي والتعامل غير المرغوب مع التكنولوجية المستحدثة والانقياد إلى أصدقاء السوء وجماعات الشر وعدم الانصياع للظواهر الشاذة والدخيلة على مجتمعنا المصري والعربي، كما أن هناك فائدة عظيمة وهي أن ممارسة الموهبة تنأى بصاحبها عن كل السلوكيات غير المحمودة، والتي تأتي نتيجة للفراغ والإحباط وبالنظر إلى الأثر الإيجابي للإبداع نجده يعمل على شغل أوقات الفراغ وانتصاف الطاقة السلبية لدى الطفل وتحويلها إلى طاقة إبداعية موجبة تولد لديه الشعور بالسعادة وهو ما يعزز من كفاءة الجهاز المناعي فنجده يتمتع بصحة جسمانية جيدة ويصبح لديه القدرة على مواجهة الأمراض والجوائح ك"كورونا"، وغيرها فيقول الطبيب النفسي: "للإبداع فضلا لو تعلمون عظيم". توصيات نفسية ويوصي الطبيب النفسي من خلال حديثه ل"بوابة الأهرام" بعودة الأنشطة اللاصفية إلى المدارس، والتي تتمثل في في حصص التربية الموسيقية والرياضية والفنية والزراعية والصناعية والتدبير المنزلي وغيرها، إذ تبرز من خلال هذه الحصص مواهب الأطفال المختلفة ومن ثم يبدأ التعامل معها بالرعاية والاستيعاب حتى تكبر وتنضج وتؤتي ثمارها. كما ينصح بانتقاء الأطفال المبدعين الذين نرغب في غرس السلوك الإبداعي لديهم من خلال متخصصين في علم نفس الأطفال ممن لديهم القدرة على إنجاح ذلك المشروع العملاق والذي يعبر بما يقرب من 40 مليون طفل مصري إلى مرحلة من السمو والرقي والتقدم لم يسبق لأجيال عديدة في تاريخ مصر بأكمله من الوصول إليها، مضيفًا: "هذا كله بفضل القانون 204، الذي يرعى مواهب الأطفال". دكتور سعيد المصري أستاذ علم الاجتماع الدكتور وليد هندي استشاري الطب النفسي المواهب