باتت تدخلات سارة زوجة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، حديث الناس في إسرائيل، وتتناقل الصحف الصادرة اليوم سطوتها على مكتب زوجها، وهي السطوة التي دفعت مستشاره الإعلامي إلى تقديم استقالته، بالإضافة إلى اهتمام هذه الصحف أيضا بما أسمته بالأزمة التي يتعرض لها المسيحيون بالعراق، وكذلك وصول المفاوضات مع الفلسطينيين إلى طريق مسدود. وإلى الموضوع الأول الذي كان حديث وسائل الإعلام الإسرائيلية وهو استقالة نير حيفتس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث نشرت صحيفة إسرائيل اليوم تحقيقا عن الاستقالة التي تقدم بها، وهي الاستقالة التي تشير كل الدلائل والشواهد السياسية بأن السبب فيها هي سارة نتنياهو التي تتدخل في عمل زوجها، وتعيين وفصل الكثير من العاملين بجواره. وأشارت الصحيفة إلى أن استقالة حيفتس، الذي تطلق عليه وسائل الإعلام الإسرائيلية لقب "الرجل الحديدي" نظرا لقوته، تزيد من حجم التوتر وعدم الاستقرار الموجود في مكتب نتنياهو، خاصة وأن عددا من المستشارين والعاملين في هذا المكتب سبق وأن تقدموا باستقالاتهم بسبب تدخلات سارة في عملهم، ومنهم شالوم شلومو، المستشار السياسي لنتنياهو، وتساحي جافريئيلي، كاتب الخطابات السياسية له، بالإضافة إلى تصاعد احتمالات تقديم أيال جباي، المدير العام للمكتب باستقالته. من جانبها أشارت صحيفة هاآرتس وعلى صدر صفحتها الأولى إلى أن هذه الاستقالة بمثابة الخطوة التي ستشعل النار في وجه عائلة نتنياهو، مؤكدة على أن السبب الرئيسي وراء استقالة حيفتس يعود إلى رفضه العمل مرشدا ومخبرا على رئيس الوزراء لصالح زوجته، الأمر الذي يمثل -وحسبما تشير الصحيفة- أزمة حقيقية لا يمكن السكوت عليها، خاصة وأن تدخلات سارة باتت تؤثر بصورة سلبية على أطر وأنظمة عمل الدولة. طالبت الصحيفة نتنياهو بضرورة الخروج إلى الشعب، والحديث له بصراحة عن تدخلات زوجته، والأسباب الحقيقية التي دفعت مستشاريه السابقين إلى الاستقالة، وزعمت أن نتنياهو حتى الآن لم يتحل بالشجاعة الكافية من أجل القيام بذلك. وإلى صحيفة هاآرتس التي نشرت تحقيقا عن أزمة الميزانية التي تهدد استقرار الحكومة، حيث يؤكد أفيجدور ليبرمان، وزير الخارجية وزعيم حزب إسرائيل بيتنا، أنه يؤيد وبشدة مشروع قانون الميزانية، وسيناضل من أجل التصديق عليه، إلا أن الأحزاب الدينية ترفض هذا الأمر تماما، بسبب قانون التهويد الذي ترفض الحكومة المصادقة عليه حتى الآن، حيث يطالب أعضاء حزب إسرائيل بيتنا بقبول الهيئة الحاخامية الدينية في إسرائيل تهويد أي شخص يطلب منها هذا، في حين ترفض الهيئة الحاخامية الاعتراف بهذا الأمر، وتزعم بأن عملية اعتناق اليهودية لها شروط وقواعد صارمة وضعتها التوراة ولا يجوز الابتعاد عنها. ونبقى مع هاآرتس التي عرضت في تحقيق مطول لها ما أسمته بأزمة المسيحيين في العراق، وهي الأزمة التي باتت ظاهرة مع قرب احتفالاتهم بأعياد الميلاد. وقالت الصحيفة: إن التقارير الإسرائيلية التي تطرقت إلى هذه القضية أثبتت أن غالبية المسيحيين العراقيين هربوا إلى الأردن أو إقليم كردستان بشمال العراق، وأوروبا، بسبب الهجمات الإرهابية التي يتعرضون لها بالعراق على يد تنظيم القاعدة. الغريب في هذا التحقيق أن الصحيفة حاولت التشبيه بين أوضاع المسيحيين في العراق الآن، وبين أوضاع اليهود العراقيين في البلدان العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي عانى فيها اليهود من الاضطهاد وتم إجبارهم على الهرب إلى عدد من دول العالم بما فيها إسرائيل. وتقول الصحيفة: إن عدد المسيحيين في العراق وصل الآن إلى نصف مليون فقط، مقابل أكثر من مليون مسيحي كانوا يتواجدون قبل عام 2003، أي قبل الغزو الأمريكي للعراق. وأضافت الصحيفة، أن الأزمات التي يواجهها المسيحيون في العراق لا تتوقف عند خلافاتهم المشتعلة مع الإسلاميين المتشددين فقط ولكن أيضا مع الأكراد، حيث يرغب المسيحيون في الاستقرار بمنطقة سهل نينوى، وهي المنطقة التي يطالب فيها المسيحيون بإقامة إقليم مستقل يحميهم من تهديدات القاعدة أو أي فصيل متشدد آخر، إلا أن هذا الطلب أثار غضب الأكراد الذين يعتبرون منطقة نينوى ضمن حدود الدولة التي ينوون الإعلان عنها مستقبلا. الغريب أن الصحيفة وضعت في نهاية التقرير نداء إلى كل الجمعيات والهيئات الدولية من أجل إنقاذ المسيحيين والتصدي لما أسمته عمليات القمع والاضطهاد التي يتعرضون لها بأي طريقة. نعود سريعا إلى صحيفة يديعوت أحرونوت التي عرضت تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الذي أصر على موقفه إزاء قضية الجندي الأسير جلعاد شاليط، موضحا أن إسرائيل لن تفرج عن المئات من النشطاء الفلسطينيين كثمن مقابل الإفراج عن شاليط. قال نتنياهو أيضا: "إذا اعترف الفلسطينيون بإسرائيل كدولة يهودية، وتنازلوا عن فكرة حق العودة، ووافقوا على إنشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح، فإنني مستعد أن أمضي في هذا المشوار إلى آخره، ولا شك لدي بأن الشعب الإسرائيلي سيدعمني بذلك". وقالت الصحيفة تعقيبا على هذين التصريحين لنتنياهو في اجتماع خاص مع طلبة جامعة بار إيلان، إن كلا من المسار التفاوضي مع الفلسطينيين، بالإضافة إلى المجهود الخاص بالإفراج عن شاليط، وصلت إلى طريق مسدود، وزعمت أن تعنت نتنياهو في كلا المسارين سيؤدي إلى وصولهما إلى طريق مسدود لا مخرج منه، الأمر الذي يؤكد أنه لا يوجد في الأفق أي أمل لحل هذه الأزمة السياسية.