حاز الشاعر الراحل حسين السيد على نصيب الأسد من الأغاني التي لحنها وغناها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وهذه حقيقة أكدتها قاعدة بيانات أعلام الموسيقي العربية في مركز معلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وأصدرها المركز في كتاب "محمد عبدالوهاب" سنة 1995. وربما كانت هناك كتب توثيقية أخرى عن أم كلثوم وسيد دوريش وزكريا أحمد، في إطار الحفاظ على تراث الموسيقى العربية، ويأتي عرضًا في هذه الكتب ذكر القصائد التي لحنها وغناها هؤلاء. وطبقا لإحصائيات الحاسب الآلي لأعمال عبدالوهاب مع المؤلفين، تصل نسبة ما قدمه حسين السيد لمحمد عبدالوهاب إلى 27.2 %، من مجمل أعماله ال400. مما يثبت أن الشاعر الكبير كان في تمام التوافق الوجداني مع عبدالوهاب. ويأتي بعده أحمد رامي ومأمون الشناوي وأحمد شوقي وأمين عزت الهجين وأحمد شفيق كامل وأحمد عبدالمجيد بالترتيب، ثم آخرون بأعمال أقل. وعند البعض فإن أغاني كثيرة ألفها حسين السيد، ولحنها آخرون لا تقل تأثيرًا عن الأغاني التي قام بتلحينها وغناها عبدالوهاب.. وربما يساعدنا كتاب "عاشق الروح" لابنته الدكتورة حامدة الصادر أخيرًا عن هيئة الكتاب في تذكر ألحان الموسيقار رياض السنباطي لكلمات حسين السيد التي شدت بها ليلي مراد، وما غناه ولحنه محمد فوزي وفريد الأطرش ومحمد الموجي ومنير مراد وكمال الطويل وبليغ حمدي. المشوار الفني بين حسين السيد وعبد الوهاب كان شبيها بالتوأمة الفنية، كانت أذن عبدالوهاب هي أول من يستمع للأغنية الجديدة التي يكتبها حسين السيد، وكانت حياة عبدالوهاب نفسه في الخلفية من هذه الأغنيات كما قال لي الشاعر الراحل. أما أغانيه فقد كانت المسموعة منذ الأربعينات وطوال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى رحيله عن عالمنا.. لأنها كانت تشد الناس إلى أحلامهم وأوجاعهم، يكتب حكايتهم العادية والبسيطة، فيجدونه معبرا عنهم، وكل منهم له نصيب عند حسين السيد. ولا يتسع المجال لذكر أسماء الأغنيات التي فاجأت الناس بحكاياته عنها، وعن الصدمة العاطفية أو التحقق والمرح أو النهايات السعيدة. وقد يتذكر الكبار فقط ما أحدثته أغنياته عندما تذاع لأول مرة، من تأثير هائل، سواء الاغنيات العاطفية أو الوطنية. على الرغم من أن حسين السيد كان يكتب وسط شعراء كبار مثل أحمد رامي وبيرم التونسي ومأمون الشناوي وكامل الشناوي وأحمد شفيق كامل ومرسي جميل عزيز وعبد الرحمن الأبنودي. إنه عصر من الغناء، ولكن كان لوقع كلمات حسين السيد تأثير وقوة إقناع هائلة ومعايشة خصوصا لأحوال المحبين. وسعادتي بالديوان لأنني ربما أكون من أوائل من فاتحوه في إصدار ديوان لأفاجأ به يقدم لي كرتونة من الأجندات لأساعده في اختيار مجموعة قصائد تصلح للديوان. حملت الكرتونة إلى بيتي ولم أنم لسببين، الأول أنني أود بالفعل المشاركة في هذا العمل ووجدت الامر شديد الصعوبة، والثاني لأنني أريد إعادة الأجندات فورا خوفًا من فقدان أي أجندة ولو عرضًا.. كان خط يده جميلا بالقلم الحبر، ولم يكن يشطب كثيرًا، كلمات قليلة يستبدلها، لأنه قال لي إنه يكتب الأغنية في نفس واحد تقريبًا. وذات مرة زرته في صيف 1981 فإذا به يقدم لي أوبريت صغير بعنوان "أنشودة مصر" سيعرض أمام الرئيس السادات في الاحتفال بذكرى إعادة افتتاح قناة السويس في مدينة الإسماعيلية، من تلحين محمد عبدالوهاب وأداء محمود ياسين وغناء وردة.. قرأت اختياراته الجميلة من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. وسألته لماذا لم يضم العقاد، ولم يكن العقاد رغم جهوده المضنية معروفًا كشاعر. وفي اليوم التالي أحضرت له "ديوان العقاد" بعد أن اشتريته من الحاج مدبولي في ميدان طلعت حرب القريب من مكتب الشاعر ليقرأه ويضمه لمكتبته. وقد كان حريصا على قراءة شعر الفصحى وربما يفسر هذا قدرته على الوضوح والبساطة في أعماله الغنائية. أما ديوان "عاشق الروح" فقد وثق الكثير من أعمال حسين السيد كجزء أول، وربما يكون الجزء الثاني أو قد يحتاج الأمر إلى جزء ثالث، أكثر شمولًا وضمانًا لجمع أعمال الشاعر الراحل. لأن هناك أعمالا ليست في الكتاب، وقد تحسبت الدكتورة حامدة بتسجيل أنها "مختارات" أو "باقة من أهم أعماله"، فيما شرحت معاناتها في جمع مادة الكتاب. وأتصور أن بوسع الإذاعة المصرية وجمعية المؤلفين والملحنين وقاعدة بيانات مركز دعم واتخاذ القرار ومكتبة الاسكندرية المساعدة في دعم أسرة حسين السيد بقوائم لأغانيه التي يملكونها حتمًا، كما يمكن لدار الأوبرا تقديم أعمال أخرى.. وكتاب د. حامدة يوضح الجهد الكبير الذي بذلته، كما يشير إلى مصادفات لا تحدث غالبًا إلا للمجتهدين، فيتم العثور مثلًا على 16 أغنية وطنية مرة واحدة، وأجندة هنا أو هناك تضم نصوص أغان. أما تعليقات صاحبة الكتاب، على بعض القصائد، فكان يجب أن تكون في الهامش أسفل الصفحة، وليس في وسط القصيدة، كما فعلت مع "القمح الليلة" و"أنا اللي طول عمري ما حبيت" وغيرهما..